بعد تسريب "تصريحات هازئة" بحقّه

الرئيس الأوكراني يرفض استقالة رئيس الوزراء

14 : 59

غونشاروك ملقياً خطابه داخل البرلمان في كييف أمس

رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالأمس الاستقالة التي قدّمها رئيس الوزراء أوليكسي غونشاروك، بعد تسريب تصريحاته الهازئة بحقّ رئيس الدولة. وقال زيلينسكي، خلال اجتماع مع رئيس الحكومة: "لقد قرّرت منحك وحكومتك فرصة"، وفقاً لمقطع فيديو صادر عن الرئاسة، معتبراً أنّه "هذا ليس الوقت المناسب لزعزعة البلاد اقتصاديّاً وسياسيّاً".

من ناحيته، طالب رئيس الوزراء بتحسين تعاونه مع البرلمان ومراجعة رواتب كبار المسؤولين الحكوميين، إذ تسبّب الإعلان عن تقديم مكافآت كبيرة لهؤلاء المسؤولين في الأسابيع الأخيرة، في فضيحة داخل أوكرانيا، إحدى أفقر الدول في أوروبا.

وفي هذا الصدد، قال زيلينسكي: "هذه الأجور لا يُمكن أن تكون في أوكرانيا في ظلّ الوضع الحالي لاقتصادنا"، فأجاب غونشاروك: "شكراً على ثقتك سيّدي الرئيس، واعترف بأخطاء في عمل الحكومة".

وفي وقت سابق، قدّم غونشاروك استقالته بعدما تسرّب تسجيل صوتي نُسب إليه شكّك فيه بمدى فهم زيلينسكي بالاقتصاد، في أوّل اختبار سياسي كبير واجهه الرئيس حديث العهد بالسياسة.

وتسرّب التسجيل الصوتي عبر وسائل التواصل الاجتماعي الأربعاء، فيما ذكرت تقارير أنّه يعود لاجتماع غير رسمي عقد في كانون الأوّل بين وزراء وكبار مسؤولي المصرف الوطني. وبحسب تقارير إعلاميّة محلّية، ناقش المشاركون بالاجتماع الكيفيّة التي يُمكن من خلالها شرح التطوّرات الاقتصاديّة الأخيرة لزيلينسكي.

وأشارت التقارير إلى أن غونشاروك قال بحسب التسجيل، إنّ "لدى زيلينسكي فهماً بدائيّاً جدّاً للعمليّات الاقتصاديّة أو فهماً مبسّطاً"، مضيفًا أنّه هو نفسه "جاهل" بالاقتصاد.

وبعدما نفى في البداية التقارير التي رجّحت استقالته، أعلن غونشاروك (35 عاماً) عبر صفحته الرسميّة على "فيسبوك" أنّه قدّم استقالته. وكتب: "في مسعى إلى إزالة أي شكوك في شأن احترامنا للرئيس وثقتنا به، كتبت رسالة استقالة وسلّمتها إليه". ولم ينفِ صحة التسجيل، لكنّه شدّد على أن "مضمونه خَلَق بشكل مصطنع فكرة أنّني وفريقي لا نحترم الرئيس"، مؤكداً أن "هذا الأمر غير صحيح، وصلت إلى هذا المنصب لتنفيذ برنامج الرئيس"، في حين أكدت الرئاسة الأوكرانيّة أنّها تلقّت رسالة الاستقالة، موضحةً أنّها ستنظر في الطلب.

وأعرب عدد من الوزراء عن دعمهم لغونشاروك بعدما قدّم استقالته. وقالت وزيرة السياسة الاجتماعيّة يوليا سوكولوفسكايا: "نحن فريق موحّد. ندعم موقف رئيس الوزراء وننتظر قرار الرئيس".

ويجب أن يعود القرار الأخير في شأن الاستقالة إلى البرلمان، بحيث انتقد البعض غونشاروك لأنّه بعث رسالته مباشرةً إلى الرئيس. ورأى خبير الاقتصاد والشأن الأوكراني المقيم في لندن تيموثي آش أن طلب الاستقالة يُشكّل "اختباراً مهمّاً" لزيلينسكي، معتبراً أن "إقالة غونشاروك لأنّه أدلى برأيه في اجتماع مُغلق، وتمّ تسريب أقواله، سيبعث برسالة سلبيّة للغاية لدعاة الإصلاح". وأضاف: "أعتقد أن زيلينسكي يرفض الاستقالة، لكنّه اختبار مهمّ لوعوده الإصلاحيّة".

ووصل زيلينسكي، الممثل الكوميدي الذي لم تكن لديه أي خبرة سابقة في السياسة، إلى السلطة، بعدما حقق فوزاً كاسحاً في انتخابات العام الماضي، بينما فاز حزبه "خادم الشعب"، بغالبيّة كبيرة في البرلمان. ووجد نفسه محوراً لإجراءات في واشنطن تهدف إلى عزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في وقت انخرط في محادثات صعبة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنّه نجح حتّى الآن بتجنّب حدوث مشكلات سياسيّة داخليّة كبيرة.

كما وصل زيلينسكي إلى السلطة عبر وعوده بإحداث تغييرات واسعة، واتّخذ بالفعل خطوات عدّة مذاك في اتّجاه حلّ النزاع مع الانفصاليين الذين تدعمهم موسكو في شرق البلاد، شملت عمليّات تبادل للسجناء وعقد اجتماع تاريخي مع بوتين في باريس الشهر الماضي. لكن مراقبين اتّهموه بعدم التحرّك كما يجب لدفع الاقتصاد قدماً أو محاربة الفساد المتفشي.

من ناحيته، أصبح غونشاروك رئيس الوزراء الأصغر سنّاً في تاريخ أوكرانيا، بعدما عيّنه زيلينسكي بالمنصب في آب، ضمن فريق من الوجوه الجديدة التي تعهّد بأنّها ستُحدث تحوّلاً في المشهد السياسي بالبلاد الذي يُخيّم عليه الجمود. وأوكِلَ المحامي الشاب مهمّة إنعاش الاقتصاد، الذي تأثّر بشكل كبير بالفساد وبالنزاع المستمرّ منذ خمس سنوات مع الانفصاليين.

وشارك غونشاروك، المؤيّد لإدخال إصلاحات اقتصاديّة ليبراليّة، في تأسيس شركة محاماة عندما كان في الرابعة والعشرين من عمره، وأدار منظّمة غير حكوميّة يُموّلها الاتحاد الأوروبي، تهدف إلى تحسين البيئة التجاريّة في أوكرانيا.