راكيل عتيّق

فرنجية يعاكس "التيار المسيحي"... ويسقط في الإمتحان الأول!

10 كانون الأول 2022

01 : 59

وقف فرنجية مع الموقف المعارض لباسيل بدلاً من أن يحاول استمالته

في حين كان يعدّ «حزب الله» الأرضية الملائمة لعقد «اللقاء الرئاسي» الثاني بين أمينه العام السيد حسن نصرالله ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، بعد مراكمة أوراق إقناع باسيل بانتخاب رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية، نتيجة ظروف ومعطيات داخلية وخارجية، طغى الخلاف الأخير بين الحليفين جرّاء انعقاد مجلس الوزراء، على البحث الرئاسي بينهما. وبمعزل عن مصير «تفاهم مار مخايل» وإذا كان الطرفان سيتمسّكان به مهما «تشلّع»، انطلاقاً من أنّ الغطاء «المثقوب» أفضل من العراء السياسي، إلّا أنّ أي لقاء أو بحث في الفترة المقبلة بين الطرفين سيكون محوره ترميم العلاقة بينهما، والذي قد يقف عند حدود «غسل القلوب» وطيّ الصفحة الأخيرة حفاظاً على كتاب التفاهم أو يصل إلى حدود إعادة صوغ العلاقة. لكن أياً يكن سقف البحث في العلاقة بين «الحزب» و»التيار» إلّا أنّه سيؤجّل إعادة مقاربة الملف الرئاسي، ما يُدخل عاملاً إضافياً تأخيرياً في مسار الاستحقاق الدستوري.

وبمعزل عن المسار الذي سينحو إليه تحالف «الحزب» - «التيار»، انعكس هذا الخلاف على حظوظ فرنجية الرئاسية، إن بسبب الخلاف بحد ذاته أو جرّاء «تموضُع» فرنجية في «موقعة» مجلس الوزراء. لجهة الخلاف بين «الحزب» و»التيار»، كان باسيل واضحاً: «إذا كان أحد يظن أنّه يضغط علينا في الموضوع الرئاسي، نقول له إنّه لن ينفع، وهذا الأمر يؤدي الى تصلُّب أكبر». أمّا لجهة مشاركة وزيري «المرده» في جلسة مجلس الوزراء، فترى جهات سياسية معارضة لفرنجية، أنّ الأخير «سقط في الامتحان الأول»، فأظهر أنّه تابع لأجندة «حزب الله» عـ»العمياني» وغير قادر على اتخاذ موقف معارض له. ففي حين يتمايز باسيل عن «الحزب» في ملفات عدة، لا سيّما منها التي تتعلّق بالشراكة الوطنية والميثاقية المسيحية، فيلتقي مع حزب «القوات اللبنانية» عليها في مجلس النواب، على رغم الاختلاف السياسي بينهما، فإنّ فرنجية يثبت في كلّ استحقاق أنّه «أصيل» في هذا الخط السياسي ولا يتمايز عن «الحزب» حتى ليجاري «التيار المسيحي». وفي الانقسام حيال انعقاد مجلس الوزراء في ظلّ حكومة تصريف أعمال في مرحلة الشغور الرئاسي، اختار فرنجية التموضع مع «الحزب»، على رغم دلالة هذه الجلسة سياسياً ووطنياً، بما شكّلته من رسالة سلبية من «الثنائي الشيعي» ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى جميع المسيحيين وليس «التيار» فقط، مفادها «أنّنا يُمكننا إدارة البلد في غياب الرئيس، وفي ظلّ معارضة القوى المسيحية الأساسية، ورغم مقاطعة المكون المسيحي الأبرز في الحكومة».

خطوة ميقاتي و»الثنائي الشيعي» هذه اعتُبرت أنّها إمعان في إثبات «شرفية» الموقع الرئاسي واستخفاف بصلاحياته، فضلاً عن أنّ اجتماع حكومة تصريف الأعمال، مخالف للدستور وروحيته، بحسب جهات سياسية ودستورية، أولاً، لأنّ الدستور يحدّد تصريف الأعمال بالمعنى الضيق، وثانياً لأنّ عقد مجلس الوزراء في غياب الرئيس يعني التأقلم مع الفراغ. هذا إضافةً الى أنّ هذه الحكومة المستقيلة اجتمعت في ظلّ رفض مسيحي من بكركي إلى الأحزاب المسيحية الرئيسية، وغياب المكوّن المسيحي الأساس فيها، ما يفقدها أيضاً الميثاقية المسيحية. واعتبر باسيل أنّ «ما حصل ليس أقل من سطو على موقع رئاسة الجمهورية عن سابق إصرار وتصميم».

لكن فرنجية لم يأخذ هذا الاعتراض المسيحي العام على انعقاد جلسة مجلس الوزراء في الاعتبار، بل شارك وزيرا «المرده» في الجلسة، وتلا أحدهما، وزير الإعلام زياد مكاري، مقرّراتها. وبذلك ترى جهات مسيحية معارضة لفرنجية، أنّ الأخير وجّه ثلاث رسائل تنعكس سلباً على حظوظه الرئاسية:

أولاً، ساهم في ضرب موقع الرئاسة الأولى و»الاستهتار» بالموقع على رغم أنّه مرشح الى الرئاسة، فسار عكس «التيار المسيحي»، ما يثبت أنّه وكما كان إبّان مرحلة التسعينيات من القرن الماضي و»الاحتلال السوري»، يسخّر «حيثيته»، مهما كان حجمها، لتأمين الغطاء «المسيحي» للفريق المواجه للمسيحيين، والذي يكون تارةً «الترويكا» أو السوريين أو «حزب الله».

ثانياً، برهن فرنجية من خلال مشاركته في الجلسة أنّه لا يمكنه أن يكون «حكماً» وأن يخطو خطوة واحدة خارج «الخط»، وبالتالي لا يُمكن أن يكون رئيساً توافقياً.

ثالثاً، وقف فرنجية مع الموقف المعارض لباسيل بدلاً من أن يحاول استمالته.

وتقول مصادر سياسية مسيحية معارضة: «أحد لا يتوقّع من فرنجية عكس ذلك. ولذلك إنّ المُنطلق بالنسبة إلينا هو الخط السياسي، بمعزل عن طريقة تصرّف أي مرشح رئاسي حيال هذه المسألة أو تلك القضية. فالهدف ألّا يصل إلى المواقع الدستورية المتقدّمة إلّا من يمثّل الخط اللبناني التاريخي، وأن يشغل الموقع الأول في الجمهورية اللبنانية من يمثّل الخط التاريخي المسيحي الذي يؤمن بالدولة والسلاح الشرعي فقط والشراكة الحقيقية والحريص على علاقات لبنان الغربية والعربية. أمّا عندما يصل رئيس حليف لـ»حزب الله»، فلبنان يتعرّض الى عزلة من الخارج وانهيار في الداخل، لأنّ المشروع الممانع يتنفّس في الفوضى والفساد وغياب الإصلاح. وبالتالي لا يُمكن الركون الى هذا الفريق السياسي تحت أي ظرف أو اعتبار، فالبلد لم يعد يتحمّل مهما كان الثمن». وبالتالي، يبدو أنّ فرنجية «ضُرب» من «بيت حزب الله» فوقع في «الحفرة» التي كانت تستهدف باسيل. وبات من الصعب تأمين الغطاء المسيحي لانتخابه، فعلى خط «القوات» الأمر محسوم وغير قابل للبحث، وعلى خط باسيل بات من شبه المستحيل البحث في اسم فرنجية، إلّا إذا طرأت عوامل جديدة تغيّر من موقف «التيار». أمّا خارجياً، خصوصاً على الخط السعودي، فلا إشارة الى القبول باسمه، حتى الآن. 


MISS 3