"أعضاوات" مجلس الوزراء في السراي: الجلسات التشاورية مستمرة

السلطة "تواسي" اليونيفل... والقتلة "معروفون بالاسم"!

01 : 59

خلال زيارة ميقاتي وقائد الجيش الناقورة لتعزية قائد "اليونيفل" أمس (دالاتي ونهرا)

أعادت قضية قتل الجندي الإيرلندي شون رووني في جنوب لبنان قضية "السلاح الخارج عن الشرعية" إلى بقعة الضوء الأممية والدولية، فألقت بظلالها على واقع الانفصام اللبناني بين سلطة الدولة وسطوة الدويلة لتجدد التصويب في العمق على جوهر الأزمة اللبنانية ومكمن العطب المحوري وراء تناسل الأزمات وتدحرج أحجار الانهيار في البلد على مرّ العقود والعهود الماضية، حتى بلغ الحال مبلغ التحلّل والتفكك على كافة المستويات المؤسساتية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية والصحية والاستشفائية تحت إدارة ائتلاف "المافيا والميليشيا" الحاكم والقائم على معادلة "تغطية الفساد مقابل تغطية السلاح".



فبعد مرور أكثر من 48 ساعة على جريمة العاقبية، لا تزال السلطة تلفّ وتدور حول مسرح الجريمة تهرباً من مواجهة الحقيقة وكشف ملابساتها... وحتى تقرير الطب الشرعي الذي يوثّق سبب وفاة الجندي الإيرلندي لم يظهر له أثر بعد خشية الإقرار الرسمي بمقتله نتيجة إصابته برصاصة بالرأس، ليشكل ذلك إقراراً رسمياً مبطّناً بعجز السلطة على أرض "الأمر الواقع" واستعاضتها بـ"واجب العزاء والمواساة" عن واجب تحمل مسؤولياتها في توقيف القتلة الذين طاردوا الدورية الإيرلندية وأطلقوا النيران من رشاشات حربية عليها، سيما وأنّهم "معروفون بالاسم" كما أكدت مصادر ميدانية متقاطعة، مشيرةً إلى أنّهم "متوارون راهناً وتسليمهم إلى الأجهزة الرسمية رهن قرار رفع الغطاء الحزبي والسياسي عنهم".



ومع وصول اللجنة الإيرلندية المكلفة متابعة مسار التحقيقات في جريمة العاقبية إلى بيروت، توقعت أوساط مواكبة للملف أن "تصبح مهمة السلطات اللبنانية أصعب في تمييع الحقائق والتملّص منها، خصوصاً وأنّ الوقائع والملابسات المحيطة بالجريمة واضحة ولا يشوبها الكثير من الغموض والتعقيد كما يحاول البعض من المسؤولين إيهام الرأي العام المحلي والخارجي عبر تسريب أنباء إعلامية توحي بوجود تضارب في المعلومات والروايات حيال ما حصل"، لافتةً في المقابل إلى "وجود إصرار كبير من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على وجوب كشف الحقيقة وتقديم المرتكبين إلى العدالة". وأمس برز على شريط المواقف المنددة بالجريمة، تشديد المملكة العربية السعودية على ضرورة إجراء "تحقيق فوري وشفّاف" حول ملابسات مقتل الجندي الإيرلندي في الجنوب اللبناني، معربةً في بيان صادر عن وزارة الخارجية السعودية عن "استنكار المملكة الشديد للهجوم ورفضها التام لكافة أشكال العنف ودعمها لبعثة اليونيفل".



وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قد توجّه بصحبة قائد الجيش العماد جوزيف عون إلى المقر العام لـ"اليونيفل" في الناقورة في "زيارة تضامنية" مبدياً "الحزن العميق للحادثة" ومطمئناً إلى أنّ "التحقيقات متواصلة لكشف ملابساتها"، ومتعهداً بأنّ "من تثبت إدانته سينال جزاءه"، من دون أن يغفل الرد بطريقة غير مباشرة على رئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن الذي اعتبر أمس الأول أنّ جنود بلاده يعملون في "بيئة عدائية" في جنوب لبنان، فشدد ميقاتي على أنّ "البيئة التي يعمل فيها الجنود الدوليون هي بيئة طيبة".



أما في مستجدات الأزمة الحكومية، وعلى طريقة اجتماع "أعضاوات باب الحارة"، جمع ميقاتي وزراء حكومة تصريف الأعمال في صالون السراي الكبير في "جلسة تشاورية" للتداول في شؤون وزاراتهم وطريقة إدارة شؤون مجلس الوزراء، الأمر الذي اعتبره وزراء من "التيار الوطني الحر" انتصاراً لمبدأ رفض انعقاد حكومة تصريف الأعمال وإقراراً من رئيسها بعدم توجيه الدعوة لعقد أي جلسة لمجلس الوزراء قبل التشاور معهم، في حين أعادت أوساط رئيس الحكومة تأكيد تمسكه بصلاحياته في توجيه مثل هذه الدعوة "متى دعت الحاجة"، من دون أن تنتقص الاجتماعات الوزارية التشاورية من هذه الصلاحيات.



وإثر اجتماع الأمس، أعلن وزير التربية والتعليم العالي عباس حلبي أنه جرى التأكيد على أنّ "ما يحكم عمل مجلس الوزراء والمؤسسات الدستورية في البلد هو الدستور"، مشيراً إلى أنّ التشاور سيستمر مع "المتردد والمعارض" من الوزراء، مع ترجيحه عقد جلسة تشاورية جديدة "مطلع الأسبوع المقبل قبل انعقاد أي جلسة لمجلس الوزراء".