إنصهار ينتج طاقة تفوق تلك المستعملة لإطلاقه

02 : 00

نجح مختبر في افتعال تفاعل انصهاري أنتج طاقة تفوق تلك التي استعملها العلماء لإطلاق التفاعل الأولي. حققت هذه التجربة إنجازاً طال انتظاره في مجال إعادة إنتاج طاقة الشمس في المختبرات. لكن يجب أن يتجاوز العلماء عواقب مستمرة حتى الآن.



يتكلم العلماء منذ عقود عن إمكانية أن ينتج الانصهار (إنه التفاعل النووي الذي يمدّ النجوم بالطاقة) نسبة كبيرة من الطاقة النظيفة على كوكب الأرض. ومنذ فترة الأربعينات، يحاول الباحثون من جميع أنحاء العالم تسخير هذه الطاقة لكنهم لم ينجحوا حتى الآن. تُعتبر هذه العملية من أصعب التحديات الفيزيائية على الإطلاق.

أعلن العلماء في منشأة الإشعال الوطنية، وهي جزء من "مختبر لورنس ليفرمور الوطني" في كاليفورنيا، أنهم نجحوا في السيطرة على انصهار أنتج طاقة تفوق تلك التي احتاجوا إليها لإطلاق التفاعل.

خلال التجربة، استعمل الباحثون 2.05 ميغا جول من ضوء الليزر باتجاه أسطوانة ضئيلة تحمل حُبَيبة من الديوتيريوم والتريتيوم المُجمّدَين، وهما أثقل أشكال الهيدروجين. ثم انضغطت تلك الحُبَيبة وأنتجت حرارة وضغطاً قوياً بما يكفي لدمج الهيدروجين.

خلال لحظة عابرة اقتصرت على أقل من 100 جزء من تريليون الثانية، أنتج انصهار النوى الذرية حوالى 3.15 ميغا جول من طاقة الانصهار، أي ما يساوي 50% إضافية من الطاقة المستعملة لتسخين الحُبَيبة.

هذا الإنجاز يعزز الأمل بتطوير طاقة انصهار نظيفة مستقبلاً. صرّح جيانلوكا ساري، أستاذ فيزياء في جامعة "كوينز" في بلفاست (لم يشارك في التجربة الجديدة)، لموقع "لايف ساينس": إنها نتيجة مبهرة في هذا المجال، وقد تكون من أهم الخطوات على الإطلاق. للمرة الأولى، حصلنا على أدلة تثبت وجود انصهار قادر على إنتاج كمية كبيرة من فائض الطاقة. كانت الأسئلة والشكوك كثيرة حول منافع هذا النوع من تجارب إثبات المبدأ. لكن تلاشت هذه الشكوك الآن ونشرت أجواءً من التفاؤل حول إمكانية تطوير الاكتشاف الأخير وحل المشاكل التقنية العالقة".

ستكون طاقة الانصهار مصدراً خالياً من الانبعاثات، وقد تسهم في تخفيض الحاجة إلى محطات توليد الطاقة التي تستعمل الوقود الأحفوري وتضخ مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون الذي يسخّن كوكب الأرض في الغلاف الجوي سنوياً.

لكن لا يعني هذا الإنجاز المهم أن الانصهار أصبح الآن مصدراً مستداماً للطاقة. أنتج التفاعل في منشأة الإشعال الوطنية طاقة تفوق الكمية التي استعملها المفاعل لتسخين النوى الذرية، لكنه لم ينتج طاقة تفوق الكمية الإجمالية التي استعملها المفاعل. احتاجت أجهزة الليزر إلى 300 ميغا جول من الطاقة لإنتاج حوالى 2 ميغا جول من الطاقة الإشعاعية.

يقول عالِم الفيزياء ريكاردو بيتي من جامعة "روشستر" (لم يشارك في البحث الجديد أيضاً): "يتماشى صافي كسب الطاقة مع مستوى الطاقة الموجودة في الضوء الذي تم تسليطه على الهدف، بدل أن يتماشى مع الطاقة التي شاركت في إنتاج ذلك الضوء. من واجب العلماء والمهندسين الآن أن يتأكدوا من القدرة على تحويل هذه المبادئ الفيزيائية إلى طاقة مفيدة".