محمد دهشة

"حراك صيدا": حكومة "الماريونيت" واللون الواحد... لن تمرّ

23 كانون الثاني 2020

02 : 00

لم تكد تمضي لحظات على إعلان تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس حسان دياب، حتى بات الغضب الشعبي يسابق تلاوة أسماء الوزراء من القصر الجمهوري، فيما كان الشارع الصيداوي يغلي غضباً واستياء، كون شكل الحكومة لم يأت على شاكلة أحلامهم، جاءت الحكومة محاصصة ومحسوبيات ومستشارين ووكلاء، ما دفعهم للنزول الى الشارع للتعبير عن موقفهم الرافض على اعتبارها "حكومة المحاصصة السياسية".

سياسياً، ورغم الخلاف بين "تيار المستقبل" و"التنظيم الشعبي الناصري"، الا أنّ أنصار الطرفين اتفقوا على رفض الحكومة شكلاً ومضموناً، ولكل طرف أسبابه وطرقه الاحتجاجية. "الأزرق" اعتبرها اقصاءً للرئيس السابق سعد الحريري كونه "دفع الثمن وحيداً"، و"التنظيم" يراها حكومة تكنوسياسية ومحاصصة، لم تغيّر رؤيتها ولا مقاربتها ازاء الحراك الشعبي، مطالباً بحكومة اختصاصيين تعمل على إنقاذ البلد من الانهيار الاقتصادي والمالي ووقف الهدر وتحاسب الفاسدين وتستعيد الأموال المنهوبة.

بينهما، وصفها الدكتور عبد الرحمن البزري بأنها "حكومة "الماريونيت" من اللون السياسي الواحد، التي لن يُكتب لها النجاح وستسقط بفعل تأثير الرأي العام اللبناني، وعلى كل نائب يحترم وكالته التمثيلية عن الشعب اللبناني أن يحجب الثقة عنها، اذ انها لا تُلبي طموح ولا تطلعات اللبنانيين في مكافحة الهدر والفساد وبناء الدولة الحديثة". بينما "الجماعة الاسلامية" غير الممثلة في البرلمان فتؤيد الحراك الشعبي وتشارك فيه، وترفض حكومة "معلّبة" و"مغلّفة" لا تحقق مطالب "الثوار" الذين نزلوا الى الشارع لتحقيق الاصلاح والعدالة من دون أن يكون لصوتهم صدى مسموع في آذان المسؤولين.حكومة الوكلاء

شعبياً، تفاوتت آراء أبناء المدينة في التعبير عن سبب رفض هذه الحكومة، وفق ما رصدته "نداء الوطن" في جولة ميدانية، على الرغم من أنّها تضم وزيراً صيداوياً، هو وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب. وقال ابراهيم بوجي إنّ "هذه الحكومة لا تلبي آمال الصيداويين، انها باختصار حكومة الوكلاء والمستشارين وهذا يخالف الوعد الذي قطعه الرئيس دياب"، بينما أشارت المربية ايمان حنينة إلى أنّ "الثقة مفقودة من أول نظرة".

توازياً، كانت مواقع التواصل الاجتماعي تضج بالمواقف الغاصبة، وقال الناشط في "حراك صيدا" فراس زيدان "سنسقطها"، بينما قالت ريان عكرة "ما بدنا نستسلم، لا لليأس، ثورة وسنسقطها"، وأكدت دلال نحولي "تتغير الوجوه والاثواب المهترئة واحدة، سلطة فساد"، واعتبر أحمد وهبي أنّ "هذه الحكومة عنوانها الكذب على الناس وستسقط في الشارع، مستمرون".غضب ونار

ميدانياً، لم يهدأ الشارع الصيداوي في مشهدين متناقضين. نهاراً شهدت مدينة صيدا حركة سير طبيعية، وفتحت المدارس الرسمية والخاصة والجامعات أبوابها، كما المصارف ومحلات الصيرفة والسوق التجارية، بعدما شهدت ليلاً تحركات احتجاجية غاضبة عقب الاعلان عن التشكيلة الحكومية، حيث قطع المحتجون عدداً من الطرقات الرئيسية بالاطارات المشتعلة وعدداً من الطرقات الداخلية بمستوعبات النفايات، في رسالة غضب واحتجاج على حكومة المحاصصة وتجمع العشرات في "ساحة الثورة" عند "تقاطع ايليا"، ما أدى الى قطع الطريق وبعض مساربه.

كما نظّمت تظاهرة سلمية انطلقت من محلة "البوابة الفوقا" في شارع رياض الصلح الرئيسي تحت شعار "من أجل معركة التغيير المنشود ومن أجل تحقيق مطالب الشعب الاجتماعية"، مروراً بساحة النجمة وصولاً الى "ساحة الثورة" وذلك وسط اجراءات أمنية للجيش اللبناني والقوى الأمنية.

وفيما أعلن "حراك صيدا"، رفضه لتشكيلة الحكومة الجديدة، واصفاً إياها بـ"حكومة المحاصصة السياسية"، دعا "جميع الثوار الى استكمال المسيرة لأن هذه الحكومة التي لا تمثل تطلعاتنا لن تمر"، وأكد ناشطو الحراك لـ"نداء الوطن"، الانتقال الى المرحلة الثالثة من الاحتجاج والتصعيد السلمي، مشيراً إلى لقاءات تشاورية ستعقد من أجل وضع خطة محكمة تعبّر عن موقفهم مع الحفاظ على خصوصية المدينة وسلمية الحراك التي تميزت بها منذ اندلاع الشرارة في 17 تشرين الاول الماضي.