ترامب وصالح: لضرورة الحفاظ على "الشراكة الأمنيّة"

مسلسل الإغتيالات مستمرّ ووتيرة الإحتجاجات تتصاعد في العراق

10 : 22

حالة من الحزن والغضب عمّت البصرة أثناء تشييع الناشطة جنات ماذي أمس (أ ف ب)

قُتِلَت الناشطة المدنيّة جنات ماذي بهجوم مسلّح وسط مدينة البصرة النفطيّة في جنوب العراق، بالتزامن مع تواصل الثورة الشعبيّة المطالبة بتنفيذ إصلاحات سياسيّة جوهريّة طال انتظارها.وأوضح ضابط في شرطة البصرة لوكالة "فرانس برس" أنّ "الناشطة المدنيّة جنات ماذي (49 عاماً)، قُتِلت بهجوم شنّه مسلّحون مجهولون يستقلّون سيّارة رباعيّة الدفع"، مشيراً إلى إصابة خمسة آخرين بينهم ناشطة بجروح بالغة.

وحصل الهجوم قبيل منتصف ليل الثلثاء - الأربعاء، وأكد مصدر طبي في دائرة الطب العدلي في البصرة "تلقّي جثة الناشطة التي فارقت الحياة إثر إصابتها بالرصاص".وتعرّض متظاهرون وناشطون يُقدّمون خدمات طبّية وإسعافات أوليّة للمتظاهرين، للهجوم في طريق عودتهم من ساحة الاحتجاجات. ويشكو الناشطون منذ أشهر من التعرّض لحملة مكثّفة من عمليّات الخطف والتصفية، التي يعتبرون أنّها تهدف إلى تخويفهم لوقف تحرّكاتهم الشعبيّة.

كما يتّهم المدافعون عن حقوق الإنسان قوّات الأمن باستخدام عبوات غاز من طراز عسكري، يصل حجمها الى عشرة أضعاف تلك التي تُستخدم عادةً في تفريق الاحتجاجات، وإطلاقها بشكل مباشر على رؤوس المتظاهرين وليس في الهواء.

وعزّز الثوّار الضغط على السلطات بالأمس، بتنظيم اعتصامات في مناطق جديدة وأغلقوا طرقاً عدّة بالإطارات المشتعلة، فيما يُمثل إجراء انتخابات مبكرة بموجب قانون انتخابي جديد وتسمية رئيس وزراء مستقلّ ومحاسبة قتلة المحتجّين، المطالب الرئيسيّة للمتظاهرين.

وبات مشهد إغلاق الطرق سائداً هذا الأسبوع في بغداد ومدن أخرى جنوب البلاد، حيث قطع متظاهرون شوارع رئيسيّة تربط المدن بالعاصمة بغداد، في حين وضع محتجّون احتشدوا على "طريق محمد القاسم" السريع في شرق بغداد، حواجز لمنع مرور السيارات.

وارتدى غالبيّة المتظاهرين عباءات بلاستيكيّة لتجنّب المطر، كما وضعوا أقنعة تُغطّي وجوههم وقبّعات ملوّنة لمنع قوّات الأمن من التعرّف إليهم.

في غضون ذلك، تواصلت الاحتجاجات في الناصريّة والديوانيّة والنجف والحلّة جنوباً، وقطع متظاهرون شوارع رئيسيّة، ما أدّى إلى توقف العمل في مؤسّسات حكوميّة وتعليميّة.وفي الناصريّة، كبرى مدن محافظة ذي قار، لجأ متظاهرون إلى قطع الطريق الرئيسيّة التي تربط المدينة بالعاصمة ومدن جنوب البلاد، لليوم الثالث توالياً. وتسبّب قطع الطرقات في ذي قار، بتوقف عمل الشاحنات، بينها تلك التي تنقل النفط من مدينة البصرة وعرقلة وصولها إلى الحقول المنتجة.بالتزامن، اتفق الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره العراقي برهم صالح خلال اجتماع في دافوس بالأمس، على ضرورة الحفاظ على دور عسكري أميركي في العراق، وفق ما أكد البيت الأبيض في بيان، الذي جاء فيه: "اتفق الرئيسان على أهمّية مواصلة الشراكة الاقتصاديّة والأمنيّة بين الولايات المتحدة والعراق، ومن ضمنها قتال تنظيم داعش".

وأفاد البيان الأميركي بأنّ ترامب "أعاد التأكيد على التزام الولايات المتحدة بعراق يتمتّع بالسيادة والاستقرار والازدهار"، بينما أكد صالح أنّه لا يُمكن لأي دولة أن تُملي على العراق سياساته، وخفف في الوقت نفسه من الجدل الذي أثاره البرلمان العراقي حول إنهاء تواجد القوّات الأميركيّة في بلاده، معتبراً أنّه "ليس علامة على العداوة"، وذلك خلال كلمته أمام الدورة الخمسين لمنتدى الاقتصاد العالمي في "منتجع دافوس" في جبال الألب السويسريّة. وقال صالح: "نسعى إلى علاقات جيّدة مع الجميع، وليس لدينا مصلحة في الانجرار إلى صراعات ليست من خيارنا وصنعنا"، مضيفاً: "لا ينبغي لأي دولة السعي إلى الإملاء علينا مع من يجب أن تكون لنا علاقات وكيف"، مؤكداً في الوقت عينه أنّه "ليس من مصلحتنا أن نختار التحالف مع أحد على حساب الآخرين".وشدّد الرئيس العراقي كذلك على أن العراق يُدين بالامتنان للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة "لا سيّما للدعم العسكري والاقتصادي الذي قدّمه، وما زال يُقدّمه هذا التحالف، في الحرب ضدّ "داعش"، وإيران لعبت أيضاً دوراً محوريّاً في الحرب ضدّ داعش". وتابع: "يجب أن تكون سياساتنا وعلاقاتنا الديبلوماسيّة والاقتصاديّة، مدفوعة بمصالحنا الوطنيّة، وليس بمصالح الآخرين، بل وحتّى مصالح حلفائنا".

وفي هذا الإطار، اعتبر صالح أن دعوة البرلمان "ليست علامة على الجحود أو العداوة، بل ردّ فعل على ما يراه الكثير من العراقيين انتهاكات لسيادة بلادهم"، مؤكداً أنّه "سيتمّ حلّ هذه القضيّة من خلال الحوار الذي يجب أن يكون في صميمه سيادة العراق واستقراره".

وأفاد مصدر في مكتب الرئيس العراقي لوكالة "فرانس برس"، بأنّ ترامب أكد لصالح أنّه "لا يُريد البقاء في العراق رغماً عن قرار مجلس النوّاب والحكومة العراقيّة، ولكن بشكل محترم وبعيداً من الإهانة". ولفت المصدر إلى أن الرئيسَيْن تطرّقا إلى مسألة اغتيال قائد "فيلق القدس" الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة "الحشد الشعبي" العراقي أبو مهدي المهندس، مشيراً إلى أن صالح أبلغ ترامب بأنّ الاغتيال "كان تغييراً كبيراً للقواعد المعمول بها".


MISS 3