دخل في مشادّة مع عناصر من الشرطة الإسرائيليّة

ماكرون يدعو إلى بناء الثقة بين تل أبيب والفلسطينيين

10 : 24

مشادة بين ماكرون وعناصر شرطة إسرائيليين أمام كنيسة القديسة آن أمس (أ ف ب)

أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي جمعه بنظيره الإسرائيلي رؤوفين ريفلين في القدس بالأمس، أن فرنسا عملت وتعمل على محاربة معاداة السامية، ودعا إلى بناء الثقة بين الجانبَيْن الإسرائيلي والفلسطيني.

وقال ماكرون خلال المؤتمر الصحافي: "هذا لا يعني أنّه سيكون من المستحيل وجود خلافات، أو انتقاد لهذا الإجراء أو ذاك من قبل حكومة إسرائيل، لكن إنكار وجودها اليوم هو شكل معاصر لمعاداة السامية"، مضيفاً: "سنُحاول أن نكون أكثر فاعليّة حتّى نتمكّن من محاربة ظاهرة الكراهية والعنصريّة ومعاداة السامية بشكل قانوني، بما في ذلك العبارات على الإنترنت".ويتواجد ماكرون في القدس تلبية لدعوة إسرائيل، التي تُحيي اليوم الذكرى الـ75 لتحرير معسكر "أوشفيتز" النازي، بحضور نحو 40 زعيماً آخر من حول العالم. واختار ماكرون الوصول قبل يوم لإجراء هذه المحادثات، التي ستتناول خصوصاً الملف الإيراني الملتهب.

وعلى غرار سلفيه فرنسوا هولاند وجاك شيراك، زار ماكرون كنيسة القديسة آن، التي تملكها فرنسا في القدس الشرقيّة، برفقة ممثلين عن الطوائف المسيحيّة، الذين اجتمعوا معه لاحقاً على مأدبة غداء.

ووقعت مشادة بين ماكرون وعناصر شرطة إسرائيليين، إذ طلب الرئيس الفرنسي بإصرار من عناصر الشرطة أن يغادروا مدخل كنيسة القديسة آن في القدس، في مشهد يُذكّر بموقف مماثل واجه الرئيس الراحل جاك شيراك في التسعينات. وصعّد ماكرون النبرة مبادراً شرطيّاً إسرائيليّاً باللغة الإنكليزيّة: "الجميع يعرف القوانين، لا يعجبني ما فعلتم أمامي"، طالباً منهم أن يُغادروا الكنيسة الواقعة في البلدة القديمة في القدس، والتابعة للأراضي الفرنسيّة.

ويعتزم الرئيس الفرنسي تسليط الضوء على الأهمّية التي يوليها للجماعات المسيحيّة التي تدعمها باريس في إسرائيل، حيث تحمي فرنسا 40 إرساليّة ناطقة بالفرنسيّة تُشكّل مساحة نفوذ لباريس عبر المدارس ودور الأيتام والمستشفيات التي تُديرها، ولا سيّما في الأراضي الفلسطينيّة، بحسب الأب لوك باريت، مستشار الشؤون الدينيّة في القنصليّة الفرنسيّة العامة في القدس. ولاحقاً، جال ماكرون أيضاً في باحة "المسجد الأقصى" بصحبة مدير عام الأوقاف الإسلاميّة عزام الخطيب، قبل أن يدخل "مسجد قبّة الصخرة". كما توجّه عبر باب المغاربة إلى حائط الغربي أو "حائط المبكى" والواقع جنوب باحة الأقصى.

وعند الحائط تحدّث ماكرون للصحافيين مشيراً إلى أن زيارته للمدينة القديمة كانت "هادئة للغاية". وعقّب على حادثة الكنيسة قائلاً: "قام الأمن الإسرائيلي بعمل رائع، لم يكن هناك شيء متعمّد، ربّما هي لعبة وانتهت". والتقى ماكرون حارسَيْ أمن وصافحهما بحرارة.

وعلى صعيد النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، دعا ماكرون إلى المساهمة في جهود السلام قائلاً: "الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني معقّد وحسّاس ويتطلّب بناء الثقة بين الطرفَيْن، ولهذا نحن بحاجة للسعي لذلك". وأضاف: "عمليّة السلام من أي نوع ممكنة إذا كانت الأطراف مهتمّة في بناء السلام، وبعد ذلك ستكون فرنسا مستعدّة للمساعدة".وكان الرئيس الفرنسي قد التقى صباح الأربعاء رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو على مأدبة فطور. ودعا نتنياهو ماكرون إلى ممارسة الضغوط على إيران بسبب "الخطوات التي اتخذتها في المجال النووي وأعمالها العدوانيّة في المنطقة". كما بحث نتنياهو وماكرون الأوضاع في لبنان وليبيا، وقرّرا إطلاق حوار استراتيجي بين البلدَيْن بغية تعزيز التعاون بينهما وتحقيق أهدافهما المتعلّقة بالقضايا الإقليميّة.

ورحّب نتنياهو بطلب الرئيس الفرنسي الانضمام إلى منتدى الغاز الإقليمي، الذي أُقيم في القاهرة بمشاركة إسرائيل، والذي يعمل على إقامة تعاون إقليمي في مجال الغاز الطبيعي وعلى تصدير الغاز من إسرائيل.وبعدما أرجأ الرئيس الفرنسي زيارته إلى الضفة الغربيّة إلى وقت لاحق، إلتقى رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عباس في مدينة رام الله مساء أمس، بحيث أعرب عباس عن شكره للرئيس الفرنسي على مواقف بلاده الداعمة لإحلال السلام وفق حلّ الدولتَيْن وقرارات الشرعيّة والقانون الدوليَيْن. كما أكد أهمّية الدور الفرنسي والأوروبي لإنقاذ العمليّة السياسيّة من المأزق الذي وصلت إليه "جرّاء التعنّت الإسرائيلي"، خصوصاً بعد "مواقف الإدارة الأميركيّة المنحازة" لصالح تل أبيب، ما "أفقد واشنطن دورها كوسيط وحيد للعمليّة السياسيّة"، في حين جدّد ماكرون التأكيد على موقف بلاده الداعم للعمليّة السياسيّة وفق حلّ الدولتَيْن للوصول إلى السلام في المنطقة، مشدّداً على "استمرار باريس في تقديم الدعم للشعب الفلسطيني لبناء مؤسّساته واقتصاده، وتعزيز العلاقات والتعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك".

وماكرون هو الوحيد الذي يزور رام الله من بين سائر رؤساء الدول الكبرى الذين سيحضرون إلى إسرائيل هذا الأسبوع. وحرص "الإليزيه" قبل زيارة ماكرون على إرضاء كلا الطرفَيْن، إذ انتقد "سياسة الأمر الواقع" التي تنتهجها إسرائيل في توسعتها للمستوطنات في القدس الشرقيّة والضفة الغربيّة، ووعد في الوقت عينه بأن يكون خطاب ماكرون أمام نصب "فاد ياشيم" الخميس حادّاً جدّاً في رفض معاداة السامية.


MISS 3