ميناسيان في الميلاد: نصلّي ليعيد طفل المغارة للمسؤولين حاسة الضمير

17 : 36

وجه كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان، رسالة ميلادية قال فيها: "بعد 21 قرنا من ولادة المسيح، نتساءل اليوم في ذكرى عيد ميلاده كيف كان سيولد المخلص؟ هل كان سيولد أجمل من تلك الأيام التي ولد فيها؟ وهل نحن مستحقون بتجسده؟ هذه هي العبارات التي تساومني في ذكرى ميلاد مخلصنا يسوع المسيح".


أضاف: "في ذلك الزمان قبل 2022 سنة عندما حل وقت مجيئه، وقت ولادته دار ابواه في المدينة كثيرا ليجدا مكانا مناسبا ولو كان فقيرا ليفتح الطفل عيناه على هذا العالم العائش في الظلام، ظلام الروح والفكر، ولكن لم يجدا له، ولا حتى غرفة صغيرة تغمره من البرد القارس السائد في تلك الأيام. حتى اضطرا اللجوء إلى المغارة المجاورة للمدينة وكأنه لص مجرم يتوارى عن الأنظار وهو المخلص الفادي المنتظر منذ أجيال. وأخيراً ولد في مغارة فقيرة وكان محروماً من أدنى حق من حقوق الإنسان في الماضي والحاضر، ولد المسيح مرفوضا من مجتمعه ومنبوذا من انسبائه، متخذا الأرض الصحراء مأوى له، والمغارة مسكنا ومنها خرج لخلاص البشرية مبشرا بالسلام والمحبة. هكذا اليوم يأتي ميلاده، ميلاد المخلص الحبيب إلى بيتي الفقير، الفقير روحيا واجتماعيا، يأتي إلي وأنا المنبوذ من انسبائي في المجتمع الدولي والأقرباء الذين يحاوطون وطني، غير مبالين وغير معتبرين، مهمشين كياني ولكنهم لا يدرون الفرح والابتهاج في قلبي لأنني أكيد من نعم مخلصي الطفل الإلهي المخلص الذي على صورته في المغارة، سيعطيني النصر والخلاص رغم خطاياي ونكراني لجميله والخطيئة التي أبعدتني عنه وزجتني في هذا الظلام والحرمان".


وتابع: "أنا أكيد من رحمته وغفرانه رغم الأحوال التي أمر فيها من قتل وفتك وحروب خلقتها أنا بنفسي لنفسي فصرت مثل الابن البار الذي أخذ أموال أبيه وبعثر بها لإشباع شهواته ورغباته الشريرة. ولكنه عاد بقلب نادم على ما عاشه في تلك المدينة، وكان منكوباً ومحروماً من المحبة والحنين الأبوي. هذه هي أمنيتي. أمنيتي أن أرى تلك اللحظة التي أعود بها أنا أيضا إلى مخلصي – الطفل، طفل بيت لحم المخلص، أعود إليه بقلب نقي نادما على ما فعلته من انتهاكات وشواذ لأنال تلك الرحمة والمحبة التي نالها بدوره الابن الضال. أعود بأمنية لأعيش تلك اللحظات التي عاشها الرعاة عندما بشروا به من الملائكة بالقول: "لقد ولد لكم اليوم مخلص في مدينة داوود وهو المسيح الرب" (لوقا 2-11). فلذا في هذا العيد المجيد نتوجه إليه ونسأله أن يواسي القلوب الكسيرة ويرسل نوره وعزاءه لكل المبتلين بالضيقات".


وقال: "فما لي اليوم أن أعطيكم إخوتي وأخواتي الأحباء غير الفرح العظيم، فرح ولادة المخلص ربنا يسوع المسيح الذي أتى إلينا بثوب الفقر والبساطة بالتواضع والمحبة ليخلص شعبه من الهلاك الأبدي. لقد أتى ليحيي شعبه ويتبناهم بالمصالحة مع الأب الأزلي، لقد أتى لينقذنا جميعا. ليرفعنا من القذارة كلنا. فهو مخلص البشرية أجمع وليس فئات أو جماعات متفرقة. فكل من آمن به خلص من عبودية الشيطان. مولود اليوم أتى ليرفعنا إلى القدس السماوية حيث الفرح والابتهاج الدائم حيث لا وجع ولا أنين. فمشاركتنا وتضمننا مع آلام ومعاناة المعوزين والمهمشين والمستضعفين وكل العائلات التي يغيب عنها فرح العيد بسبب فقدان أحد أفرادها فعين الله تفيض عليهم نعما وبركات. كما نرفع صلاتنا الى طفل المغارة طالبين أن يلمس بقلبه جميع المسؤولين في لبناننا الحبيب وأن يعيد إليهم حاسة الضمير التي ضاعت بين المصالح الشخصية والسياسية، نسأله ونحن على فاتحة عام جديد أن يسقط عنهم جبروت القساوة كي يفكروا بمصلحة الوطن وشعبه المنهوب الجريح، لأن الكراسي والمناصب في الوطن ليست ملك الأفراد بل ملك الأوطان، فهلموا جميعا لنساعد أوطاننا للخروج من هذه الأزمات المصطنعة. فنعلو عن أنانيتنا وكبريائنا ونتمثل بتواضع طفل المغارة يسوع ومحبته اللانهائية. هكذا نشترك مع الرعاة ونركض إليه بالإيمان والأمل بالخلاص. وخلاصنا اليوم في هذه الأيام الصعبة التي تمر بها بلادنا المتألمة، هي الأراضي التي مر بها فادينا المسيح وقد سها بوجوده فيها".


وختم: "ليكن ميلاده ولادة جديدة لنا ولادة بالروح والجسد مهللين مثل الرعاة الذين استمعوا لنشيد الملائكة الذي يقول "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وللناس المسرة" (لوقا 2-14)".

MISS 3