رعد وشرّي وصفا متّهمون بالتحايل واستنزاف موارد الدولة

"لائحة الإرهاب" الأميركية تصل إلى ساحة النجمة

09 : 12

محمد رعد- أمين شري- وفيق صفا

قطعت وزارة الخزانة الأميركية حبل المماحكات الداخلية المتواصلة، وأعادت إلى الضوء بقوة موضوع "حزب الله" من خلال الأمر التنفيذي رقم 13224 القاضي بإدراج رئيس كتلته البرلمانية محمد رعد ونائبه أمين شري ومسؤول لجنة الإرتباط فيه وفيق صفا على لوائح الإرهابيين بتهمة "استغلالهم لمناصبهم" لأجل تقديم "خدمات لإيران".


ووصف القرار النائب رعد بأنّه من الحلقة الضيقة للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، وتجمعه علاقات بشركاء "الحزب" ومموليه مثل أدهم طباجة وحسين علي فاعور، واتهمه بأنه يعمل على استمرار آليات تمويل لـ"الحزب" متحايلة على العقوبات، وبالإعتماد على شبكات سرّية في عدد من البلدان العربية والغربية. واتهم النائب شرّي باستخدام صفته التشريعية للضغط على المؤسسات المالية لمساعدة "الحزب" في الحدّ من تأثير العقوبات الأميركية، كمثل تهديده مسؤولي مصرف لبناني وأفراد أسرهم بعد أن جمّد هذا المصرف حسابات عضو لـ "الحزب" أدرجته الولايات المتحدة ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية كإرهابي، وجرت الإضاءة أيضاً على علاقة شرّي بطباجة.


أما صفا الذي وصفه القرار هو أيضاً بجزء من حلقة نصرالله الصغرى، فوجهت له تهمة تطويع المعابر الحدودية للتهريب، وخصوصاً تهريب المخدرات عبر ميناء بيروت، وطبعاً بالعمل مع طباجة.


وإذ يرفع قرار وزارة الخزانة الأفراد والكيانات التابعين لـ"حزب الله" المدرجين على القوائم الإرهابية إلى 50 منذ 2017، فإنّ اختيار هذه الأسماء بالتحديد، وبينهم برلمانيّان ومفاوض أمني أساسي بين الحزب والقوى السياسية اللبنانية المختلفة، جاء ليمثّل تطوّراً نوعياً في هذا السياق، وارتفاعاً في منسوب الضغط الذي تمارسه الإدارة الأميركية على الحكومة اللبنانية، لا سيّما وأنّ هذه الإدارة ماضية في ما وصفه نص القرار في إيجاد آلية للتأكد من عدم وصول المساعدات الأميركية إلى أيدي "حزب الله"، ومن أجل إلغاء أي تمييز بين "أجنحة" سياسية وعسكرية للحزب، ومن أجل حمل الحكومة اللبنانية في نهاية المطاف على الإقرار بأنّ ثمّة مشكلة فعلية لا يمكنها التصرّف حيالها كما لو أنّها غير موجودة، أو يمكن درؤها بالبيانات الوزارية.


واللافت في هذا المجال، أن التهم الموجهة لرعد وشري وصفا تتعلّق بـ"التحايل" على العقوبات المالية، وتسخير مؤسسات الدولة، بدءاً من برلمانها، والهيمنة على مرافقها، بدءاً من معابرها الحدودية والمرفأ، لتمويل الإقتصاد السرّي الذي ترعاه قيادة "الحزب". كذلك، يقدّم القرار "الحلقة الصغرى" حول نصرالله على أنّها معنية بشكل مركزي بمتابعة الشأن المالي، وتأمين شبكة اقتصاد سرّي لـ "الحزب" متحايلة على العقوبات من خلال استغلال مظاهر الدولة اللبنانية واستنزاف مواردها.


فما المتوقع قوله من قبل الحكومة في هذا الصدد؟ انّ هذا "التحايل المالي" الذي يمارسه "حزب الله" من خلال المؤسسات والقنوات الرسمية لا يعنيها؟ إنّها لا تعلم به؟ إنّه غير موجود؟ إنّه مبرّر؟ حتى الساعة يبدو أنّ الحكومة الرازحة تحت انقساماتها على خلفية العلاقة بين مكوناتها، وذيول حادثة قبرشمون، تحاول أن "تنأى بنفسها" عن القرار.


وفي ظلّ غياب الموقف الحكومي الجامع، اعتبر وزير المال علي حسن خليل "أن العقوبات تعني كل اللبنانيين وإن كان عنوانها حزب الله، والإجراءات التي اتخذها لبنان والقوانين التي صدرت بشهادة الجهات الدولية تجعل من تلك العقوبات لا مبرر لها ولا تخدم الاستقرار المالي". وما يقوله خليل بأن "العقوبات تعني كل اللبنانيين" يصح من ناحية أنّ توسيع مدى العقوبات الأميركية سيمارس ضغوطاً اضافية على الاقتصاد اللبناني المأزوم، وعلى التركيبة السياسية التي لم تعد تعرف كيف تقرّ موازنة. لكن هذا الكلام غير صحيح من ناحية أنّ ما يطرحه هذا القرار الأميركي، أو في أقل تقدير، ما يزعمه، هو أن هناك نواباً في المجلس النيابي ومسؤولين ميليشياويين خارجه يستغلون الصفة التشريعية من ناحية، وتسخير معالم السيادة، كالمعابر والمرفأ، من ناحية ثانية، لأجل تنفيذ أجندة فئوية محدّدة. والأخطر، أنّه بعد أن وصلت العقوبات إلى برلمانيين من الحزب، أن تتمدّد إلى أفراد وكيانات مصنّفة "حليفة للحزب"، ومساعدة له على التحايل على العقوبات.


ومن المتوقع أن يشدّد نصرالله في إطلالته على قناة "المنار"، بمناسبة ذكرى حرب تموز، مساء الجمعة، على أنّ هذه العقوبات واهية ولن تؤثر على عمل الحزب، وأن يجاريه الوزير جبران باسيل في جولته الجنوبية الأحد. ويبقى أنّ فحوى القرار الأميركي هو اتهام شخصيات بالتحايل على العقوبات من خلال استغلال غير مشروع لمناصبهم أو فرض نفوذ غير مشروع على مؤسسات وكيانات وأفراد.