وفيق صفا... "الشبح" الذي اخترق السياسة

09 : 32

نادرة هي الصور التي توثّق مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق المركزية في "حزب الله" الحاج وفيق صفا، لكن معظم الطبقة السياسية تعرفه. يطفو اسمه على وجه الأحداث، حين يصير الجانب الأمني طاغياً على ما عداه. أقله، وفق هذه الصورة بات اللبنانيون يعرفونه في السنوات العشر الأخيرة.


كما هي نادرة تلك المرات التي سُمع فيها صوته أو خرجت مفرداته إلى العلن. آخرها كان في ذكرى تفاهم مار مخايل، في الخامس من شباط الماضي، حين أعلن وعلى نحو صادم أنّ "جبران باسيل "شقفة" من رئيس الجمهورية ميشال عون وهو يعتبر السيد حسن نصرالله من "القديسين".


لا تثير تلك المعادلة "الوجدانية" في وصف باسيل، استغراب من يعرفون صفا خير معرفة. تجمعه برئيس "التيار الوطني الحر" علاقة متينة لا بل مميزة تجعل من الرجلين صديقين وأكثر. يكاد يكون وفيق صفا، الوحيد بين قيادات "حزب الله" القادر على التفاهم مع الحليف البرتقالي و"هضم" حالته المستفزة. فيما الخط المشترك بينهما "شغّال" على الدوام، ولا يعرف التعكير أبداً.


وحين تتعطل الاتصالات بين الضاحية وميرنا الشالوحي (مقر باسيل الحزبي)، سيكون صفا حاضراً لترتيب الوضع وإصلاح ذات البين.
ولهذا مثلاً "خصصه" الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بملف العلاقة مع باسيل، مع العلم أنّ الملفات السياسية صارت كلها في عهدة "صديقه" مساعد الأمين العام الحاج حسين الخليل. أكثر من ذلك، يشكل صفا حلقة التواصل المباشرة بين رئيس الجمهورية ميشال عون وباسيل من جهة، والسيد نصرالله من جهة ثانية.


مراحل عديدة عبرت فيها مسيرة ابن بلدة زبدين الجنوبية، اعتقد البعض أنه أشبه بشبح قادرعلى القيام بأدوار غامضة، من دون أن تكون له ملامح محددة. تصدّر اسمه عناوين الصحف المحلية والعالمية مع كل صفقة تبادل أسرى أو جثامين كان يجريها "حزب الله". القيادي "الخفي" الذي يدير شبكة علاقات واسعة محلياً ودولياً، نفّذ كل عمليات التبادل وهو المتسلح دوماً بصمت القبور. نشأته العسكرية ساعدته على بلورة أدواره الأمنية، لينقل خبرته في ما بعد إلى الشطرنج السياسية.


في السنوات العشر الأخيرة، تحولت اهتماماته إلى الشأن السياسي، من بوابته الأمنية، بصفته مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق: يتولى الاتصالات والتواصل مع الأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية كافة من أعلى هرميتها إلى أخمص قدميها.


وتحت هذا العنوان جلس إلى مكتب وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، ومن ثم خلفه الوزيرة ريا الحسن التي لم تتردد حين سئلت في آخر اطلالاتها الاعلامية في القول: "التقيت وفيق صفا مثلما التقي كل المسؤولين من كل الأحزاب الأخرى".


ولكنّ بصماته لا تزال حاضرة في المشهدية السياسية ربطاً بشبكة العلاقات التي نسجها طوال سنوات مع الطبقة السياسية. ولعل علاقته المتينة برئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط هي أحد مفاتيح أدواره الخفية في اللعبة الداخلية.
ولد صفا في أيلول 1960، وانتسب إلى "حزب الله" في بدايات مراحل التأسيس في العام 1984. لديه ثلاثة أبناء، وخمسة أحفاد،  أحدهم يدعى وفيق، ومتزوج من السيدة سناء دياب.
يبقى السؤال: بعد إدراج اسمه على لوائح العقوبات الأميركية، هل سيُرصد موكبه داخلاً إلى مبنى الصنائع من جديد؟