سيلفانا أبي رميا

الدكتور بيتر نون: لن نخسر ضد السرطان و"الكلية الملكية للأطباء" جائزتي الكبرى

4 كانون الثاني 2023

02 : 01

هو الطبيب المحبوب الذي سخّر عقله ويديه وحتى صوته في سبيل تحقيق حلم إنساني راوده منذ تواجده على مقاعد الدراسة. دخل قلوب المرضى خلال مسيرة نضال طويلة حاول فيها إنقاذ آلاف الأطفال وإعطاءهم فرصة للحياة، فتصدّرت إنجازاته عناوين الصحف، وأغنى عالم علاج السرطان. وحديثاً انضمّ إلى قافلة اللبنانيين المميزين إذ انتسب إلى The Royal College of Physicians حيث حصد جائزةً جعلته منتسباً وزميلاً في "الكلية الملكية للأطباء". "نداء الوطن" إلتقت إختصاصي أمراض الدم والأورام عند الأطفال ورئيس قسم سرطان الأطفال في مستشفى "القديس جاورجيوس الجامعي" الدكتور بيتر نون في حديث خاص للإضاءة على إنجازاته وواقع أطفال السرطان في لبنان.

بدايةً، ما أهمية الجائزة التي نلتها في بريطانيا؟

أولاً، تُعتبر هذه الكلية أوّل مؤسسة طبية ضخمة تعمل على تصنيف الأمراض وتحديدها، أسّسها الملك هنري الثامن عام 1815، ودخولها ليس بالأمر السهل أبداً، لذلك أعتبر انتسابي إليها خطوة مهمة في مسيرتي ضد السرطان.

كذلك، تتطلّب جائزة الانتساب إلى "الكلية الملكية للأطباء" في بريطانيا التي تسلّمتها في 21 أيلول 2022، أن تكون لدى حاملها إنجازات طبية وإنسانية وعلمية واجتماعية في بلده والمنطقة.

أخبرنا أكثر عن أبرز محطات مسيرتك الطبية.

حصدت خلال 20 عاماً، الكثير من الجوائز والتكريمات لعلّ أهمها "الكلية الملكية للأطباء"، جائزة "أرض المبدعين" ووزارة الثقافة 2021، وجائزة "مؤسسة الوليد بن طلال" على العمل الطبي والإنساني وغيرها. وتبقى أبرز محطات مسيرتي الطويلة هذه، تلك التي رُسمت بضحكات الأطفال الذين تمكنتُ من إعطائهم فرصةً جديدةً للحياة واللعب والحلم.

ما قصة الجانب الفني الذي اشتهرت به وخدمت من خلاله رسالتك الطبية؟

إلى جانب الطب، دخلت عالم التمثيل والغناء إيماناً مني بأن المزج بين الرسالتين يعطيني دفعاً أقوى نحو ما أطمح إليه.

درست الموسيقى منذ طفولتي في الكونسرفتوار الوطني وحصلت على دبلوم الغناء الغربي، كما قمت بالتمثيل والغناء مع الرحابنة لسنواتٍ عدة خصوصاً في مسرحية "صيف 840" التي عُرضت للمرة الأولى على مسرح "كازينو لبنان" واستمرّت لفترةٍ طويلة.

وبعدما نلت شهادتي في الطب، عدت من فرنسا وأنجزت أعمالاً غنائيةً عدّة بالتعاون مع الموزّع داني الحلو، كان آخرها "وجوه بريئة" التي أطلقتها خلال عيد الميلاد 2022 من كلمات والدي الشاعر إميل نون، ألحان هشام بولس وتصوير ريمون الحاج.

كيف ولدت جمعية Kids First التي تُعنى بأطفال السرطان؟

أسّست الجمعية في العام 2005 بدعمٍ من السيدة مايا ريشر زوجة السفير السويسري في لبنان، ومعالي الوزيرة ليلى الصلح التي باتت مذاك عرّابة الجمعية، كي لا يبقى أي طفل لبناني محروماً من الدواء والعلاج، لا سيما في ظلّ وضع البلد المأسوي الذي منع الكثير من الأطباء، وأنا واحد منهم، من إتمام رسالتهم على أكمل وجه.

ومنذ 2005، عالجنا أكثر من 1500 طفل مريض بالسرطان، وما زالت الجمعية تتبنّى سنوياً ما بين 60 و80 حالة جديدة.

كيف أثرّت الأزمة الحالية على عملك وعمل الجمعية؟

طبعاً، باتت المسؤولية أكبر خصوصاً مع غياب الأدوية والعلاجات وانتشار المزيّف منها في الأسواق.

ومع تفاقم الوضع الاقتصادي، انهالت على الجمعية طلبات المساعدة بشكل يفوق قدرتنا على الاستيعاب. وفي هذا الصدد، لا بدّ أن نشكر الأيادي البيضاء و"مؤسسة روبير معوّض" والإعلامية داليا داغر وديزيريه فرح وبرنامج The Dream على قناة MBC، لدعمنا في تأمين علاجات كثيرة من فاعلي خير، عسى أن نتمكن من الاستمرار منتصرين على معركتنا ضد السرطان.

ما الصعوبات التي واجهت مسيرتك الطبية؟

لا شيء أصعب وأقسى من اللحظة التي نخسر فيها طفلاً من المرضى. ومن يقول إنّ الطبيب "بيقسى قلبه مع الوقت" فهو مخطئ لأن الإنسانية والمشاعر لا تقف عند حدود مهنة أبداً. في المقابل، لا شيء يضاهي فرحة شفاء طفل وصلنا معه لمرحلةٍ فقدنا فيها الأمل.



تيليتون "ضوّي يا نجوم"




هل نشهد ارتفاعاً بأعداد الأطفال المصابين بالسرطان في لبنان؟

نواجه بين الأطفال نحو 300 حالة جديدة سنوياً بينما يخضع للعلاج حوالى 600 طفل. والحمدلله نسبة الشفاء تتخطّى الـ80% بفضل الدراسات والعلاجات الجديدة.

ولا يمكننا التحدث عن ارتفاع في أعداد الأطفال المصابين إذا استثنينا اللاجئين السوريين والمقيمين المصابين من جنسيات أخرى.

سمعنا مؤخراً عن إمكانية اختراع لقاحات مضادة للسرطان. ما صحة هذا الموضوع؟

ليس هناك أي لقاح ضد السرطان، بل ضد بعض الفيروسات كلقاح الـHPV الذي يحمي من سرطان عنق الرحم، ولقاح Hepatitis B الذي ساعد على تخفيض حالات الإصابة بسرطان الكبد.



علاقة مميزة تجمعه بمرضاه والفريق الطبي



ما حلمك كطبيب معالج؟

حلمي أن يأخذ كل طفل مصاب بالسرطان حقه في العلاج والأدوية حتى النهاية، وأن يعود لبنان كما كان "مستشفى الشرق" في الإنجازات الطبية والعلاجات الناجحة.



د. بيتر نون يتسلم جائزة "الكلية الملكية للأطباء"



إسمحوا لي أن أوجّه كلمةً لكل طفل مريض اليوم لأؤكد له أننا الى جانبه بكل ما أوتينا من قوة وإمكانات لنربح هذه الحرب... فلا تفقدوا الأمل.

ولحكّام لبنان أقول: إرحموا المرضى واهتمّوا بتأمين الدواء لهم، وحاربوا الأدوية المزوّرة التي تزهق الأرواح وتضع أخرى في خطر.