مايز عبيد

الشاطئ العكاري يحتاج إلى ثورة تنموية...

27 كانون الثاني 2020

02 : 00

على طول الشاطئ عقارات ذات ملكية خاصة وأخرى عامة
إستفاق العكاريون أمس الأحد على طقس جميل ورائع، وشمس مشرقة ساطعة، بعد أسبوعين شديدين من الأمطار والعواصف الثلجية التي ألزمت الناس منازلهم.

نهار الأحد بدا منظر البحر في عكّار بغاية الروعة. زُرقة المياه بدت كما لم تبدُ من قبل. إنه البحر العكاري المتعطّش إلى ناسه ورواده، والشط الجميل الطويل والممتد 20 كيلومتراً من البارد حتى العريضة الحدودية، هذا الشاطئ الخلاب رغم أهميته، هو أحد مظاهر حرمان عكّار. إذ إنه شاطئ متروك للفوضى والإهمال ولرمي النفايات والتعديات بين الفينة والأخرى.

هذا الأحد نزل أبناء الميناء إلى شاطئهم، وأهالي جبيل والبترون والمنارة... إلا أبناء عكار عليهم أن يقصدوا هذه الأماكن الواقعة خارج منطقتهم لأن شاطئهم مع كل الأسف رغم جماله ومنظر بحره، إلا أنه غير مؤهّل لاستقبال الناس. فالشاطئ هذا يحاذي الطريق العام الدولي الذي يربط عكار بالحدود السورية ولا رصيف للمارّة أو للمتنزّهين.. فهؤلاء إذا حضروا عليهم أن يتمشوا على الطريق العام وسط حراك السيارات مع ما يسببه ذلك لهم من مخاطر. أما النفايات والمياه الآسنة التي تُرمى من هنا وهناك فهي علّة العلل ولا من يراقب أو يحاسب من بلديات المنطقة، خصوصاً إتحاد بلديات سهل عكار الذي يقع معظم الشاطئ في نطاقه ولا يحرّك ساكناً أو يملك أقله دراسة أو تصوّراً لكيفية تطوير هذا الشاطئ... هذا في النهار. أما ليل هذا الشاطئ فهو ظلامٌ دامس، وسط غياب تامٍ للإنارة على طول هذا الشاطئ، ما يجعل إمكانية الحياة الليلية معدومة كما هي في النهار.

يقول رئيس اتحاد روابط مخاتير عكار زاهر الكسّار لـ"نداء الوطن": "نتحسّر كأهالي عكار على هذا الشاطئ الجميل والمميز، لماذا هو متروك ومهمل من الدولة والمعنيين. لدينا في عكار الكثير من الموارد لكنها من دون إفادة لأبناء المنطقة. عندنا شاطئ ولا نستطيع التنزه عليه أو استغلاله كمنتجعات سياحية تؤمّن فرص العمل لأبنائنا، لدينا مطار ولا نستطيع السفر منه، لدينا مرفأين في "ببنين - العبدة" وفي العريضة وأوضاع الصيادين من سيئ إلى أسوأ، لدينا الكثير من الموارد لكنّ أوضاع أهل عكار تزداد فقراً وسوءاً، للأسف هذه المحافظة هي أمّ الموارد لكنها محرومة من أمها (الدولة اللبنانية)، ولذلك كانت ثورتنا وثورة كل العكاريين على الظلم والحرمان اللاحق بنا وبمنطقتنا".دراسة للشاطىء

على تخوم هذا الشاطئ عقارات بعضها ملك لسياسيي هذا البلد، وبعضها الآخر ملك الجمهورية اللبنانية. ولعلّ الشاطئ العكاري الغني بتنوعه البيولوجي بين الرملي والصخري، ويمكنه أن يكون مجالًا للإستثمارات فيغيّر وجه المنطقة، هو اليوم يشعر بضرورة الثورة على واقعه، كما أن كل مشاريع التنمية المعطّلة في عكار، بحاجة إلى ثورة على واقعها وذاتها. يقول الناشط في الحراك المدني العكاري المهندس زكريا الزعبي لـ"نداء الوطن" وهو كان قد أعدّ دراسة عن واقع الشاطئ واستثماره بالتنسيق مع الحراك المدني العكاري: "وبحسب الخطّة التي قمنا بإعدادها لواقع هذا الشاطئ يمكن أن يقسّم مشروع استثمار وتطوير وتأهيل هذا الشاطئ إلى أقسام عدة تتنوع بين مجالات للمشي والسباحة والصيد ومشاريع استثمار بالشراكة بين القطاعين العام والخاص. فهناك على طول الشاطئ عقارات ذات ملكية خاصة وأخرى عامة ويمكن للدولة أن تضع مخططاً عاماً توجيهياً للإستثمار يدرّ أموالاً على الخزينة عبر الإستثمار نظراً لقرب هذا الشاطئ من مطار القليعات ومنطقة القموعة السياحية ووجوده على الطريق الدولي التي تربط لبنان بسوريا".

يضيف الزعبي "الدراسة التي أعددناها لهذا الشاطئ تتضمن مسبحاً للعموم وحدائق ومطاعم وموتيلاً بحرياً ومرفأ لليخوت والمراكب السياحية. إنجاز هذا المشروع يحصل على ثلاث مراحل، بحيث يكون هناك مرحلة للسنسول أو الشاطئ المجاني بكلفة لا تتعدى مليوناً ونصف المليون دولار. والمرحلة الثانية للكورنيش البحري بكلفة لا تتعدى مليوناً ومئتي ألف دولار، وهو عبارة عن طريق موازية للطريق الدولية، تفصل بين الأملاك العامة والخاصة للإستفادة من الشاطئ والإستثمار ليكون مشروعاً سياحياً متكاملاً. أما المرحلة الثالثة التي هي ترميم الشاطئ الرملي العمومي وكلفته لا تتعدى المليوني دولار وتصميمه تحت مستوى الكورنيش البحري، فلا يحجب الرؤية، مع أماكن للإستجمام والسياحة والحدائق وهذا المشروع يشكّل دورة اقتصادية كاملة تخدم المنطقة الزراعية والصناعية وتواكَب بافتتاح مطار القليعات وافتتاح الجامعة اللبنانية في عكار، إضافة إلى قربه من سكة الحديد التي يُحكى عن إعادة تشغيلها. كلفة المشروع هي أقل من أي مشروع تنفذه الدولة فطريق القديسين مثلًا كلفته 100 مليون دولار أي بكلفة 10 مشاريع من هذا المشروع، مع ما سيؤمنه من يد عاملة وفرص عمل. أما عن بقية الشاطئ فيجب أن يُحمى وكل بلدية تقوم بدورها ضمن نطاقها لحمايته وجعله ممشى عاماً ويمكن للدولة أيضاً أن تقوم بهذا المشروع".

من الجدير ذكره أن الدراسة التي أعدّها الزعبي بالتنسيق مع الحراك المدني العكاري، أصبحت منذ مدة بمتناول العديد من الهيئات والفاعليات السياسية سواء من نواب المنطقة أو رئاستي الجمهورية والحكومة، عبر زيارات قام بها الحراك إلى هذه الفاعليات وتسليمها الدراسة التي تشكّل فرصة حقيقية لإنعاش محافظة عكّار وتنميتها وتطويرها. فهل هناك بالفعل من يفكّر بإنعاش عكار فيأخذ مشاريعها أولوية على محمل الجد؟ أم أن الأطراف مكتوبٌ عليها أن تبقى على الهامش؟


MISS 3