أثارت جدلاً داخلياً واسعاً وعزّزت موقف الجمهوريين

إدارة بايدن في "عين العاصفة" بعد فضيحة "الوثائق السرّية"

02 : 00

قادة الولايات المتحدة والمكسيك وكندا في مدينة مكسيكو أمس (أ ف ب)

بات الرئيس الأميركي جو بايدن في وضع داخلي لا يُحسد عليه، لا بل دخل عملياً في "عين العاصفة" التي يُحضّرها له المعارضون الجمهوريّون الذين أصبحوا يُشكّلون أكثريّة في مجلس النواب، بعدما عثر محاموه على وثائق سرّية في مكتبه السابق في خزانة مقفلة داخل "مركز بن بايدن" المرتبط بجامعة بنسلفانيا، فيما كشفت مصادر أميركية مطّلعة أن من بين العناصر التي اكتُشفت لدى بايدن عندما كان نائباً للرئيس الأميركي باراك أوباما، 10 وثائق سرّية، بما في ذلك مذكّرات الاستخبارات الأميركية ومواد إحاطة غطّت موضوعات من بينها أوكرانيا وإيران والمملكة المتحدة، بحسب "سي أن أن" التي أشارت إلى أن الوثائق كانت مؤرّخة بين عامَي 2013 و2016.

وأوضح المستشار الخاص للرئيس بايدن، ريتشارد ساوبر، في بيان، أن محامي بايدن اكتشفوا الوثائق في تشرين الثاني أثناء إخلاء المقرّ وسلّموها إلى هيئة المحفوظات المسؤولة عن حفظ هذا النوع من المستندات، فيما ذكرت محطة "سي بي أس نيوز" أنّ وزير العدل ميريك غارلاند أمر المدعي العام الفدرالي في شيكاغو بمراجعة الوثائق، كما باشرت الشرطة الفدرالية التحقيقات. ونقلت المحطّة الأميركية عن مصدر لم تكشف عن هويّته أن الأمر يتعلّق بـ12 وثيقة، ولا تضمّ أي منها أسراراً نووية.

وأثار الكشف عن إساءة التعامل مع السجلات السرّية لبايدن جدلاً داخليّاً واسعاً، ما سيُسبّب صداعاً سياسيّاً للرئيس الديموقراطي الذي وصف قرار الرئيس السابق دونالد ترامب الاحتفاظ بمئات من هذه السجلات في ناديه الخاص في مارالاغو في فلوريدا بأنه "غير مسؤول". وهذا الأمر سيُحفّز الجمهوريين في مجلس النواب على فتح تحقيقات واسعة تستهدف بايدن وإدارته. وقد يؤدّي ذلك أيضاً إلى تعقيد نظر وزارة العدل في شأن ما إذا كان سيتمّ توجيه اتهامات إلى ترامب الذي أعلن ترشحه للسباق إلى البيت الأبيض في عام 2024 وادّعى مراراً وتكراراً أن تحقيق الوزارة في سلوكه هو بمثابة "فساد".

وثار الجدل كذلك حول الطريقة التي ستتعامل معها وزارة العدل مع تلك الوثائق الخاصة ببايدن، وهل سيقومون بمداهمة منزله كما داهموا منزل ترامب؟ وهو ما يُثير قلقاً متزايداً من عدم مقاربة الملف بطريقة عادلة وبالتالي بروز تفاوت في التعامل بين الرئيس السابق والرئيس الحالي.

وسارع ترامب إلى التعليق على هذه التطوّرات، بحيث ألقى بثقله عبر موقع التواصل الاجتماعي الخاص به متسائلاً: "متى سيقوم مكتب التحقيقات الفدرالي بمداهمة العديد من منازل جو بايدن، وربّما حتّى البيت الأبيض؟"، فيما أشار النائب جيمس كومر، الرئيس الجمهوري الجديد للجنة الرقابة في مجلس النواب، إلى أن الكشف أثار تساؤلات حول تعامل وزارة العدل مع تحقيق ترامب.

بدوره، ردّ رئيس مجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي على سؤال أحد الصحافيين حول هذه التقارير، وقال: "أعتقد أن هذا الأمر يُثبت كم بالغ الديموقراطيون في لعبهم على وثائق مارالاغو... إنّه مجرّد دليل على ذلك"، فيما تساءل معلّقاً على مراسل يُقارن "وثائق بايدن" بـ"وثائق ترامب": "حقاً؟ عثروا عليها الآن؟ بعد كلّ هذه السنوات؟". وفي وقت لاحق، قال مكارثي للصحافيين: "هذا يظهر فقط أنهم كانوا يُحاولون أن يتعاملوا ضمن لعبة سياسية مع ترامب".

من ناحيته، تجاهل بايدن الردّ على أسئلة الصحافة حول هذه الوثائق السرّية. وذكرت شبكة "فوكس نيوز" أن مراسلها سأل بايدن: "أي ردّ على اكتشاف وثائق سرّية في مكتبك؟"، فبدا الرئيس الديموقراطي وكأنه ينظر إلى الأسفل ويتجاهل السؤال، في وقت وضع فيه قادة الولايات المتحدة والمكسيك وكندا التوترات التجارية القائمة بين بلدانهم جانباً، وبحثوا في تكامل اقتصادي أعمق خلال محادثاتهم أمس التي شملت الأمن والهجرة.

وبدأ يوم الثلثاء باجتماع ثنائي لبايدن ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، تلاه اجتماع ثلاثي جمعهما مع الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور في إطار محادثات ثلاثية تُعرف باسم قمة "الأصدقاء الثلاثة". وقال الرئيس الأميركي في ملاحظاته التمهيدية إلى جانب الزعيم الكندي، إنّهما سيُناقشان خصوصاً "سُبلاً للمساعدة في استقرار هايتي" من بين أمور أخرى.

وقال ترودو: "يُمكننا أن نبني أموراً رائعة هنا"، مشيراً إلى أن كندا والولايات المتحدة والمكسيك، التي يجمعها اتفاق للمبادلات التجارية، هي "أكبر تكتل للتجارة الحرة في العالم"، في حين اعتبر بايدن أنّه "محظوظ لوجود كندا في شمال (الولايات المتحدة) والمكسيك في جنوبها ومحيطَين حولها".

لكن ظهرت اختلافات الإثنين بين الولايات المتحدة والمكسيك على صعيد نهج كلّ من البلدَين في التعامل مع تدفق المهاجرين غير الشرعيين بأعداد قياسية إلى حدودهما المشتركة. وفي مستهلّ محادثات ثنائية، قال لوبيز أوبرداور: "حان الوقت لإنهاء هذا التغاضي، هذا التخلّي، هذا الازدراء بأميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي"، بينما دافع بايدن عن أداء واشنطن بقوله إنها "أنفقت عشرات مليارات الدولارات" في السنوات الـ15 الأخيرة لصالح المنطقة.


MISS 3