عمر الفاروق النخال

حكومة تأديب اللبنانيين... وبهدلة لبنان!

29 كانون الثاني 2020

02 : 00

الوعي يستوجب أكثر من أي وقت مضى رفض محاورة السلطة اللبنانية الحالية (فضل عيتاني)

لم تكن حكومة حسّان دياب بحاجة الى فولكلور إعلان المراسيم والتقاط الصورة الرسمية وكذلك بهدلة جلسة تهريب موازنة العام 2020، حتى تبدأ بتلقّف أصداء الشارع اللبناني المنتفض أصلاً منذ السابع عشر من تشرين الأول الماضي!

فهذا الكرنفال الهزلي، لم يكن سوى جرعة استفزاز جديدة عززت الحراك وأعادت اشعاله، على نحو شيّد فيه المحتجون نقطة اللّاعودة كما شيّدوا تماماً مجسمات انتفاضتهم على مقربة من المقار الحكومية والرسمية.

ومن خلال السرعة القياسية التي تشكلت في ضوئها هذه الحكومة مقارنة مع الحكومات السابقة، يبدو واضحاً أن "حزب الله"، راعي هذه الحكومة، يسابق الزمن لرسم صورة الانهيار الكبير، في محاولة لانقاذ نفسه من مغبة العقوبات الدولية عليه ومفاعيلها، التي كادت ألا تبقي له أي مظلة حماية لولا هذه الحكومة التي تجتمع فيها كل عناصر التأزيم والاستفزاز، الى جانب عقوبة تأديب اللبنانيين الذين "تجرأوا"، بحسب ما يقول "الحزب"، على "الهالات" السياسية الكبرى والتي كانت قبل السابع عشر من اكتوبر/تشرين الأول بمثابة تابوهات ممنوع على اللبنانيين المسّ بها.

عبر هذه الحكومة التي أسقطت تعهد الوزراء الاختصاصيين وجاءت بوجوه حزبية فجّة، أو لها على الأقل ارتباطات بمراحل سياسية لا تحب الأغلبية اللبنانية الشعبية تذكّرها، يقول "حزب الله" لكل من يهمه الأمر في لبنان بأنه لن يكون هناك أي مرحلة سياسية بعد اليوم خالية من النكد السياسي والميليشياوي.

بما يعني أن حكومة حسان دياب التي شُكّلت على عجل أولويتها انهاء الانتفاضة اللبنانية العتيدة على عجل ايضاً، حتى قبل إخراج صيغة البيان الوزاري على مسرح الأحداث اللبنانية وإن بثقة برلمانية هزيلة وثقة شعبية معدومة!

أما الرسالة الأهم التي يعمل "حزب الله" على بثها معتمداً تكتيك المناروة، فتتمثل بتفرغه لشن حربه الخاصة على المصارف، ليس تضامناً مع اللبنانيين الذين تحولت حساباتهم الى رهائن جراء فقدان الدولار من السوق وتراجع صرف العملة المحلية، وإنما للمفاعيل المالية والاقتصادية المرتبطة بالعقوبات الدولية والأميركية عليه.

وهذا التكتيك سيعتمد بشكل كبير على الدعوات الى منح حكومة حسان دياب فرصة أشهر قليلة لاثبات نفسها، وهي المدة الكافية لـ "الحزب" لممارسة كل السياسات الكيدية الممكنة انتقاماً من هذه القرارات، الى جانب، طبعاً، نياته المبيّتة لاقصاء العديد من الوجوه على مستوى الأجهزة الأمنية للامساك بالشارع اللبناني بشكل تفصيلي أوضح! الرد الأولي للشارع اللبناني على تشكيل حكومة حسان دياب يوحي بوعي كبير يتعدى الأجواء التي سادت حركة الشارع عينه في السنوات الماضية، وهذا الوعي يستوجب أكثر من أي وقت مضى عدم التردد برفض محاورة السلطة اللبنانية الحالية، لأن الحوار سيكون مع "حزب الله" و"الحزب" لا يحاور في لبنان الا بفائض سلاحه الخارج عن الشرعية، وما تجربة السابع من أيار/مايو 2008 إلاّ دليل ماثل يجب اعتباره نتيجة حتمية متوقعة لأي تراجع من قبل الشارع المنتفض في كل المدن اللبنانية.

"حزب الله" يريد تأديب اللبنانيين، واللبنانيون فتحوا منذ أكثر من مئة يوم أبواب السجن اللبناني الكبير، وللمرة الأولى في تاريخ المشهد السياسي اللبناني تبدو الغلبة مائلة الى دفة الاصرار والتصميم!

الأمل في ذلك كبير، وثقة اللبنانيين بصمودهم أكبر!

MISS 3