المطران عودة: بئس سلطة تستقوي على الضعيف وتُمالئ المجرم والفاسد

13 : 22

اعتبر ميتروبوليت بيروت للروم الأورثوذكس الياس عوده أنّ "مَــســـؤولـــي بِـــلادِنـــا يَــســتَــعْــلـــونَ عــلـــى أَبْــنـــاءِ جِــنْــسِــهِـــم، ويُــنَــصِّــبـــون أنــفــسَــهــم حُــكّـــامــاً فـــوق الــبــشـــر، يَــقْــضــون بــمــا يُـــلائِــمُــهــم، صـــامِّــيـــنَ آذانَــهُـــم عَـــنْ صُـــراخِ الــجِــيـــاعِ وتَــنَــهُّـــداتِ الأُمَّــهـــاتِ وبُــكـــاءِ الأَطــفـــالِ وتَـــأَوُّهـــاتِ الــمَـــرضَـــى. كَــيْـــفَ يَــسْــمَـــعُ هَـــذِهِ الأَصـــواتَ مَـــنْ لَـــمْ يَــصِـــلْ إلـــى آذانِــهِـــم دَوِيُّ انــفِــجـــارٍ هَـــزَّ الـعــاصِــمَــةَ والــعــالَــمَ أجــمَـع، ومــا هَـــزّ ضَـمـائِــرَهُــم، فـلـم يُـحَــرِّكــوا ســاكِــنـــاً، بــل اجــتــهــدوا لــتــعــطــيــلِ كَــشْــفِ الــحــقـيــقـــةِ، ومـــا زِلْــنـــا نَـــراهُـــم يَــتَــعَـــرَّضـــونَ لِـــذَوِي الــضَّــحـــايـــا، عـامِـلـيـنَ عـلـى كَـمِّ الأفــواهِ وطَــمْـسِ الــحَــقــيــقـــةِ وإسـكـاتِ صَـــوْتِ الــعَـــدالَـــةِ".



ورأى في عظة قداس الاحد أنّ "مـا حَـصَـلَ بـالأمْـسِ مِـنْ تـوقـيـفِ شـابٍ يَـطــلُـبُ مَـعـرفـةَ حـقـيـقـةِ الـتـّفـجـيـرِ الـذي أودى بـشـقـيـقِـه ورفـاقٍ لـه، واعــتـداء الـقـوى الـعـسـكـريّـةِ عـــلـى الـمُـحـتَـجّــيــنَ عـلـى تـوقـيـفِـه، بِـمَـنْ فـيـهـم كـاهـنٌ، هـو أمـرٌ مَـرفـوضٌ ومُـدان".



وأضاف: "هـل يَـعـي مَـنْ أزعـجَـه غــضــبُ الـشـابِ الــذي تــلــفَّــظَ بــكــلامٍ صــادرٍ عــن قــلــبٍ مــجــروحٍ وكَــسَــرَ زُجـاجــاً فـي قَــصـرِ الــعَــدْلِ أنَّ جُــزءاً كــبــيـراً مِـنَ الـعـاصِـمـةِ قــد دُمِّــرَ وأنَّ مِـئـاتٍ مِـنْ أبـنـائِـهـا تَــمَــزَّقَــتْ أجـسـادُهُـم أشـلاءً وآلافـاً مِـنَ الـجَـرْحـى والـمُـعَــوَّقـيـن خَـلَّـفَـهُـم الــتــفـجــيــرُ الآثِـم؟ويَـسْـتَـكْــثِــرونَ عـلـى ذوي الـضـحـايـا الإحـتِـجـاجَ والـمُــطـالَــبَـةَ بـالـحـقــيــقـةِ والـعــدالـة؟".



وتابع: "أيـنَ كـانَ الـقُـضـاةُ والأمـنـيّــون والـمـسـؤولـون عـنـدمـا حَــصَـلَـتْ الـكـارثَـةُ فـي بـيـروت؟ ولـمـاذا لَـمْ نَــرَ انـدفـاعَـهُـم فـي مُـلاحَـقَـةِ مُـسَـبِّــبــيـهـا وتَـوقـيـفِـهِـم؟ وعـوضَ مُـعـاقَــبَـةِ الـجُــنـاةِ هـا هـم يُـمـارِسـونَ سُـلـطَـــتَـهـم عـلـى ذوي الـضـحايـا ويَــنــتــقِــمــونَ مِـنَ الـمُـعْـــتَـدى عــلـيـهــم. بِــئـسَ سُـلـطــةٍ تَــسْــتَــقْــوي عـلـى الـضـعــيــفِ ولـو كـان صـاحِـبَ حَــقٍ وتُــمـالـئَ الـمُـجـرِمَ والـجـانـي والــفــاسِــدَ إمّـا تــواطُـــؤاً مـعــه أو خَــوفـاً مِـنـه".



وأشار إلى أنّه "مِـنْ واجِـبِ الــقِــيـاداتِ الـسـيـاسـيـةِ والـعـسـكـريـةِ والأمـنـيـةِ الـدفـاعَ عـن الـمَـظـلـومِ فـي وَجْـهِ الـظـالِـمِ، ومِـنْ واجِــبِ الـقُـضـاةِ الـحُـكْـمُ بـاسـمِ الـشَـعْـبِ لا عـلـى الـشـعـب. لـذلـك أُخـاطِـبُ ضـمـيـرَ كُـلِّ مـسـؤولٍ وكُـلِّ قـاضٍ نَـزيـهٍ وشَـريـفٍ أنْ أَوقِــفــوا هــذا الـتَــنْــكـيــلَ اللّاأخـلاقـيّ بِــذَوي الـضـحـايـا الــمَــوجــوعـــيــن وهـذا الــتَـجـاوُزَ اللامِـهَــنيّ لـلـقـانـون وافـرُضـوا الـعـدالـةَ. أمّـا مُـعَــرقِــلــو الـتـحـقــيـقِ والـهـارِبـون مِـنْ وَجْـهِ الـعــدالـةِ فـإنْ نَـجَــحــوا فـي الـخـلاصِ مِـنْ عـدالـةِ الأرضِ كـيـفَ سـيَـنْـجـونَ مِـنْ عـدالـةِ الـسـمـاء؟".



وسأل: "مَـــنْ يُــحــاسِــبُ مَــنْ يُــعَــطِّـــلُ الــعــدالــةَ ومَــنْ يَــســتَــبــيــحُ حـــدودَ الــدّولــةِ ومَــنْ يَــحْــرُمُ الــمــواطــنــيــنَ مِــنَ الــكــهــربــاءِ ومَــنْ يُــرَتِّــبُ عــلــى الــدولــةِ الــمُــفْــلِــسَــةِ غــرامــاتٍ وأعــبــاء؟ مَــنْ يُــعــاقِـــبُ الــفــاســديــنَ والــظــالِـمـيـنَ وسـارِقـيّ أمـوالِ الـنـاسِ ومُـفَــجِّــريّ الـعـاصـمـةِ وقــاتِــلــيّ أبــنــائِــهــا؟ مَــنْ يــعــيــدُ الــروحَ إلــى الــضــحــايــا؟ لــو كــان أحــدُ ضــحــايــا الــكــارثــةِ ابــنَ أحــدِ الــمُــتَــمَــرِّديــن عــلــى الــقــضــاءِ هــل كــان سَـكَــتَ أو تَــصَــرّفَ بــهــذا الاســتــهــتــار؟ إنّ مَــنْ لــم يــأبَــهْ بــعــاصــمــتِــه الــمُــدَمَّــرةِ وبــجــراحِ أبــنــائــهــا الـجــســديــةِ والــنــفــســيــة، هــل ســيــهــتــمُّ بـمــصــيــرِ الــبــلــدِ وأمــوالِ الــنــاسِ؟".



وقال: "نــحــن بــحــاجـةٍ إلــى مــســؤولــيــن لا يَــتَــلَــهّــون بــأنــفــسِــهــم بــل يَــعـــمَــلــون عــلــى ابــتــداعِ خِــطَّــةٍ تَــســتــنِــدُ إلـــى رؤيــةٍ واضــحــةٍ تُــعــيــدُ بــنــاءَ الــدولــةِ وتُــخَــلِّــصُــهــا مــن آثـامِ هــذه الــطــبــقــةِ الــتــي حَــكَــمَــتْــهــا لــعــقــودٍ وهَــيْــمَــنَــتْ عــلــى نــاسِــهــا، وتــنــاحَــرتْ فــيــمـا بــيــنــهــا، وتَـقــاسَــمَــتْ خــيــراتِـهــا، وأتــتْ عــلــى كــلِّ ثَــرَواتِــهــا. نــحــن بــحــاجــةٍ إلى رأسٍ لـلـدولـةِ وإلــى دمٍ جــديــدٍ يُــنــعِــشُ جــســدَ هــذا الــوطــنِ الــمــهــتــرئ، ويَــعــتَــمِــدُ أســالــيـبَ جــديــدةً تَــرتَــكِــزُ عــلــى الــنــزاهــةِ والــعِــلــمِ، وتَــعْـــتَــمِــدُ الــمُــســاءلــةَ والــمُــحـاســبــةَ وإنــزالَ الــعـِـقــابِ فــي كــلِّ مَــنْ يُــخِــلُّ بــالــدســتــورِ أو يَـســتَــهــيــنُ بــالــدولــةِ وهــيــبــتِــهــا وســيـادتِــهــا، أو يَــتَــجــرأُ عــلــى الــتَــدَخُّــل فــي عــمــلِ الــقــضــاءِ أو مَــدِّ الــيــدِ إلــى الــمــالِ الــعــام. نـحـن بِـحـاجـةٍ إلـى قـامـاتٍ كـبـيـرةٍ تـحـكُـمُ بـالـعَـدْلِ وتَــتَّـخِـذُ مـواقـِفَ كـبـيـرةً وتُــنْــتِـجُ حُـلـولاً عـظـيـمـة".