ما وراء خفقان القلب

02 : 00

خفقان القلب حالة حميدة بشكل عام، لكن قد يشير اضطراب إيقاع القلب أحياناً إلى مشكلة أكثر خطورة...


هل شعرتَ يوماً بتسارع ضربات قلبك أو خفقانه بقوة داخل صدرك؟ يختبر جميع الناس تقريباً هذه الحالة من وقتٍ لآخر.

يقول الدكتور بيتر زيميتبوم، أستاذ في كلية الطب التابعة لجامعة "هارفارد" ومدير طب القلب العيادي في مركز "بيث ديكونيس" الطبي: "تتعدد الظروف التي تجعل الفرد يلاحظ إيقاع ضربات قلبه رغم عدم وجود أي مشكلة". قد تتسارع ضربات القلب مثلاً أو تصبح أقوى من المعدل الطبيعي بسبب فورة صغيرة في مستوى الأدرينالين نتيجة عواطف قوية مثل الحماس، أو الخوف، أو الغضب. قد تنجم الحالة أيضاً عن التمارين الجسدية، ومادة الكافيين، وبعض الحالات الصحية والأدوية. أحياناً، يشعر الناس بخفقان القلب حين يتمددون على جانبهم الأيسر. في هذه الوضعية، يتردد صدى ضربات القلب داخل الصدر، فتزيد سهولة التنبّه إليها.

تتعدد مسببات خفقان القلب، منها الضغط النفسي، والقلق، والذعر، والخوف، والتمارين الجسدية، وشرب الكحول، ومنشطات مثل الكافيين والنيكوتين، وبعض المكملات الطبية والشائعة، وحالات صحية مثل فرط نشاط الغدة الدرقية، وفقر الدم، وتراجع سكر الدم أو مستوى البوتاسيوم، وجفاف الجسم، وأدوية مثل أجهزة الاستنشاق الخاصة بالربو، ومزيلات الاحتقان، وعلاجات الغدة الدرقية، ومضادات اضطراب ضربات القلب.

ضربات غير منتظمة

في حالات أخرى، يشعر الناس بأن قلبهم فَوَّت ضربة كاملة. لكن تشير هذه الحالة فعلياً إلى انقباض حجرتَي القلب العلويتَين (الأذينَين) قبل الوقت الطبيعي بقليل. تُسمّى هذه الحالة الانقباض الأذيني السابق لأوانه. في المرحلة اللاحقة، يتوقف الأذينان لفترة أطول من المعتاد قبل استرجاع الإيقاع الطبيعي. خلال هذه المرحلة، يتراكم فائض من الدم ويجعل الحجرتَين السفليتَين (البطينَين) تنقبضان بقوة إضافية للتخلص من التراكمات. غالباً ما تترافق هذه الاستراحة مع شعور بتفويت ضربة في القلب، مع أن البعض قد لا يلاحظ هذا الخلل في الإيقاع.

في المقابل، يكون الناس أكثر ميلاً إلى ملاحظة أعراض الانقباض البطيني السابق لأوانه، أي انقباض البطينَين قبل الوقت المعتاد. يشعر الفرد في هذه الحالة بأن قلبه توقف ثم بدأ يخفق مجدداً، وهذا ما يفسّر الخفقان القوي أو الشعور النابض في الصدر. تدخل هذه الانقباضات المبكرة في خانة ضربات القلب المُبتسَرة. قد يظن الناس أنها حالة مقلقة، لكن لا داعي لاستشارة الطبيب إذا كانت تتكرر بشكلٍ متقطع، وإذا كان الفرد يتمتع بصحة جيدة عموماً.



تسارع ضربات القلب واضطرابها

في بعض الحالات، يتطلب اضطراب إيقاع القلب انتباهاً متزايداً، لا سيما إذا تزامنت المشكلة مع أعراض مثل الدوار أو الإغماء. تتعدد في هذه الحالة أنواع تسارع إيقاع القلب الناجمة عن إشارة كهربائية خاطئة في مكانٍ ما فوق البطينَين، ما يؤدي إلى تسارع ضربات القلب.

قد يؤدي تسرّع القلب فوق البطيني إلى زيادة إيقاع ضربات القلب وبلوغها 250 ضربة في الدقيقة (يتراوح المعدل الطبيعي بين 60 و100 ضربة). في هذه الحالة، لا يجد البطينان الوقت الكافي للامتلاء بالدم قبل انقباض القلب، ما قد يؤدي إلى إضعاف تدفق الدم نحو الدماغ والشعور بالدوار.

تتعدد أنواع تسرّع القلب فوق البطيني، أبرزها الرفرفة الأذينية (ضربات قلب سريعة لكن منتظمة بشكل عام)، والرجفان الأذيني (ضربات قلب سريعة لكن غير منتظمة، وهي تزيد خطر الإصابة بجلطات دماغية). في بعض الحالات، يكون الانزعاج الناجم عن تسارع ضربات القلب واضطرابها أول مؤشر على الرجفان الأذيني. لا يستطيع الناس دوماً أن يجدوا الكلمات المناسبة لوصف وضعهم، لكن تكشف الفحوصات في حالات كثيرة عن إصابتهم بالرجفان الأذيني بدقة لافتة.



تشخيص المشاكل في إيقاع القلب


نادراً ما يسمح تخطيط القلب الكهربائي في عيادة الطبيب برصد اختلالات القلب العابرة. لتشخيص الاضطرابات المقلقة، يقضي أفضل خيار بوضع رقعة تشبه الضمادة الكبيرة على صدر المريض. يسجّل هذا الجهاز إيقاع القلب لمدة تصل إلى أسبوعين. إذا كنتَ تشعر بالدوار أو تواجه أعراضاً أخرى، يمكنك أن تضغط على زر موجود فوق الرقعة لإنشاء طابع زمني، ثم دوّن الأعراض التي تلاحظها في مذكّرة أو في تطبيق على هاتفك الذكي. في معظم الأحيان، يكشف جهاز المراقبة في تلك الرقعة أن إيقاع القلب طبيعي، وهي نتيجة مهمة لأنها تُطمئِن المريض.


حين يشعر الناس بالدوار، أو يتعرضون للإغماء، أو يتعاملون مع أعراض أخرى على صلة بخفقان القلب، يلجأ طبيب القلب عموماً إلى حملة مكثفة من الفحوصات لاكتشاف السبب الكامن وراء المشكلة. وإذا لم يكن عدم انتظام إيقاع القلب متكرراً، قد تراقب أجهزة أخرى ضربات القلب طوال 30 يوماً.