بصمات كوثراني ظاهرة في تكليف علاوي

أتباع الصدر يُحاولون "إخماد" الثورة العراقيّة

10 : 22

ثائر يدوس على صورة لعلاوي في "ساحة التحرير" في بغداد أمس (أ ف ب)

بدأت مخيّمات الثورة في بغداد وجنوب العراق تُواجه موجة هجمات منسّقة ومنظّمة من قبل أصحاب "القبّعات الزرقاء" الذين ينتمون إلى التيّار الصدري، وذلك إثر تأييد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر تكليف محمد توفيق علاوي تشكيل الحكومة.

وتطوّرت الأحداث دراماتيكيّاً مساء أمس في الحلة جنوب بغداد، ما تسبّب بوفاة متظاهر مناهض للطبقة الحاكمة متأثراً بجروحه بعد طعنه بالسكين، خلال هجوم على الثوّار من قبل أصحاب "القبّعات الزرقاء". كما أُصيب ثلاثة ثوّار آخرين بجروح جرّاء ضربات بالعصي، وفق ما أوضحت مصادر طبّية، خلال الاشتباك الذي انتهى بتدخّل القوّات الأمنيّة وإبعاد أصحاب "القبّعات الزرقاء" من مخيّم الاحتجاج أمام مقرّ مجلس محافظة بابل.

وفشل ترشيح علاوي في الأوّل من شباط في تهدئة الثورة المتواصلة منذ نحو أربعة أشهر، والتي تجتاح بغداد والجنوب بهدف تحقيق إصلاح شامل للحكم واسقاط المنظومة السياسيّة المدعومة من طهران برمّتها، إذ رفض معظم المتظاهرين علاوي باعتباره قريباً جدّاً من النخبة الحاكمة، لكن الصدر، الذي أيّد التظاهرات علانيّةً، رحّب بتكليفه السبت. وحضّ الصدر أتباعه على البقاء في الشوارع، ما أدّى إلى انقسام داخل الساحات الاحتجاجيّة.

وفي وقت متأخّر الأحد، بدأ ناشطون مناهضون للحكومة ومعارضون لترشيح علاوي، في تجميع خيمهم في "ساحة التحرير" في بغداد، وفق ما أفاد متظاهرون في الساحة. وقال أحد المتظاهرين الذي قضى فترة طويلة في "ساحة التحرير" لوكالة "فرانس برس": "لقد انقسموا إلى قسمَيْن الآن، وهناك الكثير من الناس من كلا الجانبَيْن. أنا قلق من الاشتباك".

وفي وقت سابق، اقتحم العشرات من الصدريين مبنى رئيسيّاً في "ساحة التحرير" كان تحت سيطرة المحتجّين منذ أشهر، وطردوا الناشطين وأزالوا اللافتات المطلبيّة. كما انتشر أنصار الصدر حول المدارس والدوائر الحكوميّة في الكوت والحلّة في جنوب العاصمة، لضمان إعادة فتحها بعد أسابيع من الإغلاقات المتقطّعة بسبب التظاهرات الصاخبة والاضرابات الواسعة، فيما يُحاول الثوّار إعادة تنظيم صفوفهم من جديد لمواجهة "الغزوة الصدريّة" عليهم، والتي يعتبرونها جزءاً من المواجهة المفتوحة مع "المحور الإيراني" في العراق.

وفي الناصريّة، المدينة الجنوبيّة التي أغلقت فيها المكاتب الحكوميّة أبوابها منذ أشهر، قال الناشط البارز في الاحتجاجات علاء الركابي إنّ هذا "وقت حرج" بالنسبة إلى الحركة. ويُصرّ الركابي، وهو صيدلي متدرّب، على أن "علاوي ليس خيار الشعب".

وفي مدينة البصرة الغنيّة بالنفط، نقل طلاب الجامعة خيمهم الليلة الماضية للابتعاد عن أولئك الذين يشغلهم أنصار الصدر. وطالب أحد منظّمي التظاهرة عبر مكبّرات الصوت هناك: "إذا جاء الصدريّون إلى ساحة الاحتجاج، لا تحتكوا بهم ولا تُثيروا المشكلات". ويبدو أن هذه الإنقسامات مصدر قلق لرئيس الوزراء المكلّف، الذي طالب المتظاهرين بسحب فتيل النزاع.

وأمام علاوي مهلة تمتدّ حتّى الثاني من آذار، لتشكيل حكومته التي أكد أنّها ستكون بعيدة عن "المحاصصة الطائفيّة والحزبيّة والفئويّة الضيّقة"، ليُصوّت بعد ذلك البرلمان على منحه الثقة، لتبدأ عندها الفترة الرسميّة لولاية علاوي. وفي الوقت الذي يرى مراقبون أن تعيين علاوي جاء نتيجة صفقة إيرانيّة رُتّبت في مدينة قم، يُفيد متابعون آخرون بأنّ الرجل لم تكن لديه طموحات لنيل المنصب الجديد لولا أن طرح اسمه بقوّة مسؤول ملف العراق في "حزب الله" محمد الكوثراني، وضغط لتعيينه بدل مدير المخابرات مصطفى الكاظمي. إلى ذلك، كشفت مفوضيّة حقوق الإنسان في العراق إحصائيّة جديدة حول عدد ضحايا ثورة "بلاد الرافدين"، بحيث أوضح عضو المفوضيّة علي البياتي في بيان أن "عدد القتلى بلغ 536 شخصاً، بينهم 17 رجل أمن، وعدد المصابين بلغ 23545، بينما عدد المعتقلين هو 2713"، مشيراً إلى أن "328 منهم قيد الاحتجاز". كما لفت البياتي إلى أن عدد المختطفين هو 72 محتجّاً، أطلق سراح 22 منهم فقط، كما سُجّلت 49 حالة اغتيال. وذكر أن أرقام المفوضيّة وثّقت منذ الأوّل من تشرين الأوّل 2019 وحتّى الثلاثين من كانون الثاني الماضي.