تنديد سعودي بالإنتهاكات الإسرائيلية... وبلينكن إلى المنطقة "لتهدئة التوتر"

إسرائيل تحوّل جنين إلى ساحة حرب و"السلطة" تردّ بوقف التنسيق الأمني

02 : 00

خلال المواجهات بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي في جنين أمس (أ ف ب)

أشعلت العملية العسكرية الإسرائيلية الدموية في مخيّم جنين في الضفّة الغربية أمس الوضع الميداني والسياسي المتوتّر أصلاً بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إذ ردّت السلطة الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني مع الدولة العبرية، بينما سارعت الولايات المتّحدة إلى التعبير عن أسفها للقرار الفلسطيني.

وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أنّ 9 قتلى سقطوا خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيّم جنين للاجئين الفلسطينيين، في حين سقط قتيل عاشر في بلدة الرام قرب القدس برصاص الجيش الإسرائيلي خلال مواجهات دارت خلال احتجاجات على العملية العسكرية في جنين.

وبالقرب من مدينة البيرة في وسط الضفة الغربية، أُصيب فلسطينيان بجروح خطرة خلال احتجاجات مماثلة، وفق الوزارة التي جاء في بيانها: "سقط 9 شهداء، بينهم سيّدة مسنّة، إضافة إلى أكثر من 20 مصاباً، بينهم 4 إصابات بحالات خطرة، في جنين".

في المقابل، أوضح الجيش الإسرائيلي في بيان أنّه نفّذ صباح الخميس "عملية في مخيم جنين ضد نشطاء من الجهاد الإسلامي"، لافتاً إلى أنّه "أثناء محاولة اعتقال مطلوبين يُشتبه بتورّطهم أخيراً في عمليات إرهابية واسعة النطاق... قُتل عدد منهم في تبادل لإطلاق النار مع قواتنا". وأكّد الجيش أنّ العملية لم تُسفر عن خسائر في صفوف قواته.

لكنّ وزيرة الصحّة الفلسطينية مي الكيلة كشفت أنّ "قوات الاحتلال اقتحمت مستشفى جنين الحكومي، وأطلقت بشكلٍ متعمّد قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه قسم الأطفال في المستشفى، ما أدّى إلى إصابة أطفال مرضى وذويهم وطواقم طبية بحالات اختناق".

ووصفت الوضع في المخيّم بأنه "حرج"، واتّهمت القوات الإسرائيلية بـ"منع إسعاف المصابين"، بينما نفى الجيش الإسرائيلي هذه الاتّهامات، مؤكّداً أن الاشتباك "لم يكن بعيداً عن المستشفى ومن المحتمل أن يكون بعض الغاز المسيل للدموع قد دخل من نافذة مفتوحة".

بدوره، قال نائب محافظ مدينة جنين كمال أبو الرب لوكالة "فرانس برس": "نعيش حالة حرب حقيقية في جنين ومخيّمها، والجيش الإسرائيلي يُدمّر كلّ شيء ويُطلق النار على كلّ شيء يتحرّك"، معتبراً أن العملية بالأمس هي "الأسوأ منذ الاجتياح الذي نفّذه الجيش في العام 2002". بالتوازي، أشاد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بالعملية في جنين، فقال: "نحن ندعم جنودنا في المعركة ضدّ الإرهابيين، وكلّ إرهابي يُحاول إيذاء قواتنا يجب أن يعلم أنه يُخاطر بحياته".

وانطلق موكب ضخم من أمام مستشفى جنين الحكومي لتشييع القتلى التسعة الذين لُفّت جثامينهم بالأعلام الفلسطينية في مسيرة جابت شوارع المدينة وشارك فيها آلاف الفلسطينيين، فيما نفّذ إضراب شامل حداداً. كما أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "الحداد وتنكيس الأعلام ثلاثة أيام، على أرواح شهداء المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا في جنين ومخيّمها".

وفي ختام اجتماع طارئ للقيادة الفلسطينية، أعلن الناطق باسم رئيس السلطة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أنّه "في ضوء العدوان المتكرّر على أبناء شعبنا والضرب بعرض الحائط بالاتفاقات الموقّعة، قرّرت القيادة الفلسطينية اعتبار أنّ التنسيق الأمني مع حكومة الاحتلال لم يعُد قائماً اعتباراً من الآن". كما قرّرت القيادة الفلسطينية، "التوجّه الفوري الى مجلس الأمن الدولي لتنفيذ قرار الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، تحت الفصل السابع، ووقف الإجراءات الأحادية الجانب".

كذلك، قرّرت "التوجّه بشكل عاجل الى المحكمة الجنائية الدولية لإضافة ملف المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في جنين إلى الملفات التي قُدّمت سابقاً"، فيما عبّرت واشنطن عن أسفها لقرار السلطة الفلسطينية. وقالت كبيرة الديبلوماسيين الأميركيين لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف: "من الواضح أنّنا لا نعتقد أنّ هذه هي الخطوة الصحيحة التي يجب اتّخاذها في هذه اللحظة"، مضيفةً: "نعتقد أنّه من المهمّ جدّاً أن يُبقي الطرفان على التنسيق الأمني، وإذا كان هناك من أمر، فيتعيّن تعزيز التنسيق الأمني بينهما".

وفي قطاع غزة، كشف عضو بارز في حركة "الجهاد الإسلامي" أنّ الحركة أبلغت مصر بأنّ "تصعيد الاحتلال الإسرائيلي وعدوانه والمجزرة في جنين ستفتح الباب أمام معركة مفتوحة يتحمّل الاحتلال مسؤولية تبعاتها"، في حين اعتبرت حركة "حماس" أن ما يجري في جنين هو "ملحمة خالدة في محطة تاريخية فاصلة في مواجهة الاحتلال"، وفق المتحدّث باسمها حازم قاسم. كما هدّد نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" صالح العاروري بأنّ "الاحتلال سيدفع ثمن المجزرة التي نفّذها في جنين ومخيّمها... وردّ المقاومة لن يتأخر".

وتوالت ردود الفعل العربيّة المندّدة بالعمليّة الإسرائيليّة في جنين، كان أبرزها إعراب وزارة الخارجية السعودية في بيان عن "إدانة واستنكار المملكة الشديدَين" للعملية العسكرية الإسرائيلية، مؤكّدة "رفض المملكة التامّ لما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات خطرة للقانون الدولي".

وفي الغضون، يبدأ وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن الأحد جولة شرق أوسطية تشمل مصر وإسرائيل والضفة الغربية، سيسعى خلالها خصوصاً لوقف العنف المتصاعد بين الدولة العبرية والفلسطينيين. وذكرت وزارة الخارجية الأميركية أنّ بلينكن سيعقد في إسرائيل أوّل اجتماع ثنائي مع رئيس الحكومة الإسرائيلية منذ عودة بنيامين نتنياهو إلى السلطة. وفي رام الله، سيلتقي بلينكن عباس خلال زيارته التي تستمرّ من الأحد وحتى الثلثاء.

و"سيُشدد (بلينكن) على ضرورة أن يتّخذ الطرفان خطوات لتهدئة التوتر من أجل وضع حدّ لدوامة العنف التي أودت بالعديد من الأبرياء"، على ما قال المتحدّث باسم وزارة الخارجية نيد برايس. ويبدأ بلينكن جولته الأحد في مصر، التي تلعب دور الوسيط بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وسيُناقش بلينكن قضايا إقليمية، من بينها ليبيا والسودان، وسيلتقي الرئيس عبد الفتاح السيسي.