محمد دهشة

صيّادو الأسماك في صيدا يشكون: الغلّة... نفايات بدلاً من الأسماك

5 شباط 2020

02 : 00

شِباك الصيّادين ممزّقة ومرميّة أرضاً في الميناء

تتكرر معاناة صيادي الأسماك في صيدا في رحلات الشتاء والصيف. قدرهم أن يعانوا على مدار فصول العام، وحكاياتهم مع البحر ومغامراته لا تنتهي. كل يوم حكاية جديدة، وآخرها عودة شباكهم إلى اليابسة وقد "اصطادت" بقايا النفايات بدلاً من الأسماك التي كانوا يأملون الخروج بها، وذلك بعد عطلة قسرية دامت أياماً بسبب المنخفض الجوي والرياح والأمواج العالية.

في ميناء الصيادين الذي يجاور سوق السوق والتي يحلو لأبناء صيدا تسميتها بـ"الميرة"، وعلى بعد امتار من مقر النقابة ومقهى الصيادين حيث يتلاقى "رفاق الدرب" كل يوم لتبادل الهموم والشؤون والشجون، يرسو أكثر من 150 مركباً، يعمل عليها نحو 250 صياداً، ترفع الأعلام اللبنانية، وقد أطلق كل صياد إسماً على مركبه في مؤشر رمزي على قناعاته السياسية أو العائلية أو الاجتماعية حتى الفنيّة، قاسمها المشترك عبارة "الداخل الى البحر مفقود والعائد منه مولود"، فيما تنهمك مجموعة من الصيادين بتنظيف الشباك، وشد وثاق المراكب استعداداً لعاصفة قريبة. أوضح الصياد جمال بلباسي الذي كان يجلس على "كرسي متحرك" لـ"نداء الوطن"، وقد تضررت شباكه جراء النفايات التي علقت بها ومزقتها، أنّ "النفايات كانت تطفو على سطح مياه البحر بالقرب من معمل معالجة النفايات وهي المنطقة التي اعتاد أن يقصدها الصيادون من دون أي مشاكل"، مؤكداً "لقد سبق ورميت شباكي في تلك المنطقة بعد انتهاء العواصف والرياح القوية ولم يحصل هذا الامر"، مشيراً إلى أنّ "الخسائر تقدر بنحو ثلاثة آلاف دولار أميركي".

وأكد بلباسي الذي كان منهمكاً في تنظيف الشباك وإصلاحها مع أبنائه، أنّ "لقمة الصيادين مغمّسة بالتعب والشقاء، وهي قوت لا يموت، كل يوم بيومه، قد تكون "الغلة حرزانة"، وقد تكون خالية الوفاض أو تحمل كميات من النفايات كما حصل معي، وهي حال كلّ الصيادين اليوم".

معاناة وتوضيح

الى جانب الميناء، كان مقر النقابة يعج بالصيادين. داخله ترتفع صور كبيرة للرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي دعم الصيادين ووقف إلى جانبهم، والشهيد معروف سعد الذي استشهد دفاعاً عنهم ولقمة عيشهم الحرة الكريمة في وجه الاستغلال وشركة "بروتين" التي أرادت احتكار عملية الصيد، والتي تصادف ذكرى استشهاده الخامسة والأربعين بعد أيام، كان صوت رئيس نقابة صيادي الأسماك في صيدا نزيه سنبل يصدح في المكان حيث قلل في مؤتمر صحافي من حادثة "اصطياد النفايات"، ولكنه في الوقت ذاته طالب المسؤولين المعنيين بالالتفات الى هذا القطاع، وايلائه الأهمية اللازمة ليتمكن من الصمود والاستمرارية في ظل الأوضاع الاقتصادية الخانقة والمخاطر التي تحدق بالصيادين.

وأضاف سنبل: "نحن كصيادين ننتظر خلال فصل الشتاء فترات هدوء البحر وانحسار الأنواء لنخرج بمراكبنا ونلقي بشباكنا وكل صياد يعرف وفق خبرته الأماكن النظيفة للصيد، وابان العاصفة الأخيرة خرجنا حوالى 30 صياداً، ومعظم الشباك عادت نظيفة من أي شوائب أو أوساخ باستثناء صياد واحد عاد بشباكه ممتلئة بالنفايات لأنه القاها في مكان قريب من الشاطىء أو بسبب ما حملته التيارات البحرية من نفايات، فيما نحن نؤكد أن البحر عموماً نظيف مئة بالمئة، وبحر صيدا اليوم هو الأنظف بشهادة نقابة الغطاسين، لكن لا يخلو الأمر من بعض النفايات التي تعلق في مكان بين الصخور وفي الرمال في بعض الأماكن وعندما تأتي الأنواء والعواصف، ويتقلب البحر وتشتد التيارات فإن شباك الصيد لا تميز بين النفايات والأسماك".

مشكلات ومطالب

الى جانب سنبل، شكا الصيادون عبر "نداء الوطن" من المشاكل التي يعاني منها قطاع الصيد البحري، عددوا مطالبهم وما يتعلق منها بواقع ميناء الصيادين، طالبوا وزارة النقل بالعمل على إعادة تنظيف حوض الميناء من الرمول وعدم تنفيذ قرار وقف العمل بالشباك الضيقة (دون 13 ملم)، قبل تأمين البديل وأن يعطى كل صياد مقابل إتلافها ما يمكنه من استبدالها بشباك اخرى يسمح بها القانون وإعطاء مهلة لذلك لا تقل عن شهرين او ثلاثة اشهر، تخصيص وزارة الزراعة في الحكومة الجديدة راتب حد ادنى لمدة ثلاثة اشهر في السنة للصياد كتعويض عن الفترة التي يخف فيها السمك في البحر او يتوقف خلالها عن الصيد ليستطيع ان يعيش، كما هو متبع في دول حوض المتوسط والعالم، واعادة النظر في الخيم الحديدية التي نصبت على طول رصيف ميناء الصيادين كونها غير كافية لحجب الشمس او الأمطار عنهم، ولا تغطي كامل حافة الرصيف حيث مراسي المراكب وان يتم أخذ رأي الصيادين من خلال النقابة في اي مشروع ينفذ في مينائهم، تضييق القناة المائية التي تدخل منها مياه البحر الى حوض الميناء لأنها تحمل اليه تيارات قوية تؤثر على حركة المراكب وسلامتها في الحوض وتأمين رافعة ثانية لمراكب الصيد لأن الرافعة الوحيدة الموجودة لا تكفي ومكافحة الصيد غير المشروع لصغار السمك وخاصة السردين ومعاقبة كل من يستخدم "الشنشالي" لما تشكله من خطر على الثروة السمكية، وتنظيم عمل قطاع الصيد البحري وحصره فقط بالصيادين والتشدد مع المخالفين وايجاد مكان بديل للمراكب السياحية واليخوت الراسية في حوض ميناء الصيادين وعددها حوالى 50 يختاً ومركباً سياحياً كونها تزاحم قوارب الصيد واستصدار بطاقة صحية للصيادين لأنهم غير مشمولين بالضمان الصحي والاجتماعي ولا يستطيعون تحمل اعباء الطبابة والاستشفاء لهم ولعائلاتهم ولا قدرة لصندوق النقابة على تغطية هذا الأمر.


MISS 3