وليد شقير

قاسم وأكثرية الأقلية ومسيّرة فرنجية و"الحزب"

1 شباط 2023

02 : 00

خلال أقل من 10 أيام، كرّر نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم مرّتين، معاييره لما يدعو إليه قادة «الحزب» في تصريحاتهم حول سبل إنهاء الفراغ الرئاسي. فهم يردّدون الدعوة إلى الحوار أو التلاقي أو التفاهم بين الكتل الرئيسة، لأنّه ليس هناك فريق قادر على ضمان الأكثرية لمرشحه، من أجل «الاتفاق»... على اسم الرئيس العتيد، متّهمين القوى المعارضة لنفوذ «الحزب» على الرئاسة الأولى بأنهم من يعطّلون إنهاء الشغور الرئاسي برفضهم الانزلاق إلى «التوافق»، لاعتقادهم بأنه يهدف إلى جرّهم للقبول بمرشحه.

«الحزب» مارس تأثيره الكامل على الموقع الماروني الأوّل كما لم يحصل من قبل، في المعادلة السياسية اللبنانية. فخلال ولاية الرئيس السابق ميشال عون، وعلى مدى 6 سنوات، تناغم الجنرال، وإلى جانبه حامل أختام الرئاسة صهره النائب جبران باسيل، مع «الحزب»، إلى درجة أن ينقل عن مرشّحه الحالي رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، قوله إنّ عون وباسيل أعطيا «الحزب» أكثر ممّا يطلب. لا داعي لتكرار قول كثر من العارفين بطبيعة العلاقة بين الثنائي عون- باسيل و»حزب الله»، إنّ الأخير كان مطّلعاً على الكثير من تفاصيل ما يحصل في القصر الرئاسي، في القضايا الكبرى التي تهمّه، أو الصغرى التي يفترض أنه غير معنيّ بها. غادر بعض من عايشوا التفاصيل قصر بعبدا بعد خلافات بينهم وبين بطانة الحاشية، فأخذوا يكشفون على شاشات التلفزة أحياناً، كيف كانت البيانات التي تصدر عن الرئاسة، تُرسل إلى «الحزب» على الفاكس ليطّلع عليها قبل إعلانها، فيما أشار آخرون إلى إرسال نسخٍ عن محاضر حرفية لاجتماعات كان الرئيس عون يعقدها مع زوّار أجانب أو محليين، إلى قيادة «الحزب»...

قد تنكشف أمور كثيرة مع مرور الأيام عن تلك الحقبة، التي كانت ذهبية لمحور الممانعة.

أما المعايير التي وضعها الشيخ نعيم قاسم لـ»التسوية» أو «التوافق» بين فريقه والفرقاء الذين رشحوا النائب ميشال معوّض، فهو حدّدها في 20 كانون الثاني بعنوان «كيف نخرج من المأزق» مع توزّع البرلمان على «خمسة أو ستة أو سبعة تكتلات»، كما وصفها، «بتبسيط الأمور» كما قال، كالآتي: «لنفترض أنَّ مجموعة من الكتل اتفقت واختارت شخصاً مناسباً وكان عدد نواب هذه الكتل مثلاً ثلاثين، خمسة وثلاثين، أربعين... وكتل أخرى أو نواب آخرون يجمعون عشرة أو خمسة أو واحداً، هل يعقل ألا يقترب الذي لديه صوت واحد أو ثلاثة أصوات أو خمسة من الذي لديه أصوات أكثر؟». يرى الشيخ قاسم أن تسهيل الأمور يعني «التنازل في التفاصيل»، الذي هو في المعادلة التي رسمها غير جوهريّ»...

في 29 كانون الثاني، أوضح الشيخ قاسم أنّ «الحل أن نتحاور ونجلس معاً لنتبادل الآراء حول ما تريدونه وما نريده نحن... وندوّر الزوايا... بالحديث عن هواجسنا ومخاوفنا من الأسماء المطروحة، لنرى اسماً يمكن أن يعطي الجميع ويجمع هذا العدد من الكتل، فالحلّ يحتاج إلى نقاش ومرونة وتنازلات، خاصة عندما لا يكون لهذه الكتلة أو الكتل عدد وازن يرجّح اختيار الرئيس».

إذاً القاعدة هي أن تتنازل الأكثرية، الرافضة لأسباب سياسية «جوهرية»، مرشح «الحزب» رغم خلاف كتلها على المرشح البديل، لمصلحة أكثرية الأقلية، مع العلم أنّ بنتيجة الجلسة الحادية عشرة جاء الفارق 3 أصوات لمصلحة الورقة البيضاء التي يخفي «الحزب» مرشّحه خلفها (37 مقابل 34 لمعوّض).

العملية الحسابية الانتقائية التي قام بها الشيخ قاسم تتجاهل أنّ الخلاف قائم في الجوهر، فيما حسبة الأصوات هي التفاصيل. وإذا كان الجوهر بالنسبة إلى «الحزب» هو أن يكون الرئيس «عابراً للطوائف بعلاقاته ومتعاوناً مع كل الأطراف وقادراً على الانفتاح على الشرق والغرب والعرب»، فإنّ الجوهريّ بالنسبة إلى خصومه هو أن يتنازل «الحزب» عن استخدام البلد أمنياً وإعلامياً في معاركه الإقليمية التي دهورت البلد إلى الوادي السحيق. ولا شكوك بأن لهذا الموقف «الجوهري» أكثرية موصوفة.

القريبون من علاقة رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية بـ»حزب الله» ينقلون عن الأمين العام السيد حسن نصرالله أنّه أبلغه أنه لا يشترط عليه أي مطلب وأن لديه ثقة بدرايته، ولذلك «ندعمك بالكامل ولا تحفّظ لدينا أي دولة تزور، السعودية أو غيرها لتبني علاقاتك مع الخارج ونحن مستعدّون للبحث بالاستراتيجية الدفاعية»...

خصوم «الحزب» يطرحون سؤالاً جوهرياً: هل أن مرشح فريق الشيخ قاسم للرئاسة، سيكون قادراً على التحكّم بإطلاق مسيّرات «الحزب»، وملحقاتها العسكرية والسياسية والاقتصادية، مثلما تحكّم فرنجية بالمسيّرة التي أطلقها الأحد الماضي في محميّة بنشعي وأعادها بسلام، أم أن وظيفتها ستبقى خاضعة لما يمليه موقع إيران الإقليمي؟


MISS 3