محمد دهشة

سائقو صيدا يصرخون: نموت ببطء

3 شباط 2023

02 : 01

من احتجاج السائقين في ساحة النجمة

لم تهدأ مدينة صيدا احتجاجاً، تحوّلت منبراً مفتوحاً للاعتراض والغضب، وقد تقاسم شوارعها الأساتذة والموظفون والسائقون والمواطنون على أبواب المصارف معاً، وحّدهم الجوع والغضب ورَفْع صوت الوجع مع تفلّت الأسعار ارتباطاً بسعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء وبدء إعتماد سعر الصرف الرسمي 15 ألف ليرة لبنانية ومع دولرة كل شيء.

وصرخة الوجع الأكثر دويّاً أطلقها سائقو السيارات العمومية (التاكسي) وقد قطعوا الطريق الرئيسي عند ساحة النجمة احتجاجاً على الارتفاع الجنوني بأسعار المحروقات، اضافة إلى رفع رسوم الميكانيك بعد اعتماد سعر الصرف الرسمي للدولار 15 ألف ليرة لبنانية، حيث تضاعفت الكلفة عشر مرات دفعة واحدة، فيما التأمين الإلزامي لا يقلّ عن 800 ألف ليرة لبنانية.

السائقون الغاضبون ركنوا سياراتهم وسط الطريق، قائلين: «لم نعد نتحمّل، كيف سنعيش؟ وكل قطع السيارة باتت بالدولار، وقد أضيف إليها غلاء البنزين والميكانيك والتأمين، حتى أصبحنا نلهث وراء لقمة العيش الكريم من دون جدوى»، وناشد معروف كاعين مفتي الجمهورية التدخّل لمساعدة الفقراء، سائلاً: «هل الشرع يرضى بذلك؟ إنّهم يسرقوننا وينهبون أموالنا ويتركون أولادنا يموتون في الشوارع، بلا أدوية ولا مدارس ولا اي حقوق».

زميله حسن حبلي يقول لـ»نداء الوطن»: «البلد لم يعد يُطاق العيش فيه، المواطن بات محارباً يقاتل على كل الجبهات ليعيش، إنّها الحرب الاقتصادية الطاحنة والضائقة المعيشية، لا كهرباء ورسوم الاشتراك بالدولار والبنزين مثل البورصة «طالع نازل» ويميل إلى الاسوأ، نموت ببطء، نريد الرحيل».

إحتجاج السائقين ليس الوحيد، إذ على بعد أمتار من ساحة «النجمة» في شارع رياض الصلح – شارع المصارف ومحلات الصيرفة، اصطفّ مئات المواطنين أمام المصارف ينتظرون دورهم للحصول على «صيرفة» قبضاً أو إيداعاً، تأخّرت هذه المرة، باتت تتطلّب أسابيع بعدما كانت لا تتجاوز اليومين، وأصبحت محدودة ولا تفوق الـ400 دولار أميركي. تقول فاطمة عنتر: «إنّها السنوات العجاف التي تدفعنا للانتظار ساعات للحصول على فرق سعر الصرفين كي نسدّ عجزنا المالي».

ساعات الانتظار دفعت بعض المواطنين إلى الضرب على أبواب المصرف بقوة من أجل فتحها والردّ على مراجعاتهم في ما يتعلق بصيرفة، تقول فاطمة: «لقد حصّنوا أنفسهم في أبراج حديدية، ولم نعد قادرين على ايصال صوتنا أو اعتراضنا بعدما كانوا يفتحون الابواب لنا ترحيباً في سنوات الخير، إنها دورة الحياة بحلوها ومرّها».

بين مشهدي النجمة وشارع المصارف، وحده بائع غزل البنات كان يتنقّل بحرّية سعياً وراء قوت يومه، يجرّ عربته المدولبة وقد زيّنها بالبالونات الملونة لجذب الزبائن من الأطفال، يراقبه أحد السائقين العالقين في العجقة، يقول له: «نيالك يا زلمي ما بدّك بنزين أو مازوت»، فردّ مبتسماً: «لقمة عيشي مغمّسة بالتعب والعرق ولا تكفي».

ومن الشوارع، شهدت ساحة سرايا صيدا الداخلية تحرّكاً مطلبياً لروابط التعليم الرسمي في الجنوب، حيث نفّذ الأساتذة بكافة مستوياتهم التعليمية من الاساسي، الثانوي، المهني، المتعاقدين والمستعان بهم اعتصاماً حاشداً طالبوا خلاله وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال القاضي عباس الحلبي بإعلان حالة طوارئ تربوية ووضع خطّة للتعافي والنهوض بهذا القطاع. كما طالبوا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تحديد موعد لعقد جلسة عاجلة وصولاً لحلول جذرية لمطالبهم. وقد تضامن مع المعتصمين رئيس المنطقة التربوية أحمد صالح، مسؤول الامتحانات في المنطقة ذيب فتوني، ومسؤول التحقيق حسين علامة.