نجم الهاشم

الرئيس ميشال سليمان ومحطّات في القيادة والرئاسة والعلاقة مع "حزب الله" (5 من 7)

إلتقى نصرالله لتعزيته فماذا قال له؟ حصار السراي و7 أيار... أين دور الجيش؟ كيف بدأ طرح اسمه لرئاسة الجمهورية؟

8 شباط 2023

02 : 00

عملية 7 أيار
بعد معركة نهر البارد بثلاثة أشهر واجه الجيش تحدّي سقوط قتلى في المواجهة التي حصلت في الشيّاح مع محتجّين على قطع الكهرباء. التقى العماد ميشال سليمان السيد حسن نصرالله لحل المسألة من خلال إجراء تحقيق قضائي. بعد أربعة أشهر كان الجيش يواجه تحدي استخدام «حزب الله» سلاحه لحماية السلاح في بيروت والجبل في 7 أيّار 2008. أسئلة كثيرة طرحت حول موقف الجيش خصوصاً أنّ الحل السياسي الذي أتى نتيجة هذه العملية ونتيجة اتفاق الدوحة أوصل سليمان إلى رئاسة الجمهورية. في هذه الحلقة متابعة لتلك المحطات.





في حادث مار مخايل بين الجيش والمتظاهرين، طلب «حزب الله» توضيحاً من الجيش الذي أكّد أنّه سيفتح تحقيقاً في القضية الطارئة. تقول الأوساط التي رافقت عهد الرئيس ميشال سليمان إنّه ربما كان المطلوب أنضباطاً عسكرياً أكثر لناحية عدم إطلاق النار ولكنّ العسكريين قاموا بردّة فعل وخافوا من تطوّر الأمور نحو الأسوأ، توتّروا ولم يتمكنوا من ضبط أعصابهم. كان هدف القيادة وأوامرها ألّا يتورّط المدنيون في حمل السلاح لمنع المتظاهرين بالقوّة من الدخول الى الأحياء الداخلية في عين الرمّانة. وعلى رغم ذلك قال البعض إن أبناء عين الرمّانة هم الذين أطلقوا النار وإنّه كان هناك قنّاصون على السطوح. نتيجة سقوط سبعة قتلى وعدد من الجرحى، قام قائد الجيش العماد ميشال سليمان بزيارة الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله لتقديم التعازي.

إحتواء ومحاسبة

الحادثة بحدّ ذاتها كانت مؤلمة. مقتل سبعة شبّان لم يكونوا يطلقون النار أو يستعملون السلاح، في حالة كهذه القائد المسؤول يشعر بالمسؤولية. كان قائد الجيش على علاقة مع كل الأطراف. وقد كان اللقاء تحت ضغط ما حصل في الشارع. قال له سليمان: «الحادثة كبيرة وصعبة ولا أريد أن أترك في سجل الجيش حوادث من هذا النوع غير واضحة وذلك لأسباب معنوية». لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يحصل لقاء بين الرجلين. مرة التقاه عندما كان قائد اللواء الذي ينتشر في الضاحية الجنوبية ومرة بعدما صار قائداً للجيش وعزّاه بابنه هادي.

سأله نصرالله: «ماذا أقول لأهالي الشهداء؟». قال له سليمان: «من دون أن تطلب سنجري تحقيقاً داخلياً في الجيش لماذا حصل إطلاق النار». عادة العسكري لا يطلق النار إلّا عن خوف من عجزه عن تنفيذ مهمته وحماية أهالي المنطقة المكلّف بحمايتها. لم تكن تلك أيضاً الحادثة الأولى. قبلها قُتِل خمسة في حيّ السلُّم عندما حاول معترضون على ارتفاع أسعار المحروقات التعرّض للجيش والإستيلاء على إحدى آلياته. وفي 13 أيلول 1993 أيام قيادة العماد إميل لحود قُتِل تسعة خلال تظاهرة رفضاً لاتفاق أوسلو تحت جسر المطار.

في حادثة مار مخايل كان هناك ارتباك لدى الجيش لأنّ الذين قُتِلوا لم يكن معهم سلاح ظاهر ولأنّ أيّ عسكري لم يُصَب بجروح بالرصاص. أن يتحمّل الجيش المسؤولية كان أفضل من أن تحصل مواجهة مع أهالي عين الرمانة. تمّ توقيف عدد من العسكريين وصارت القضية تحت يد القضاء العسكري. قال له سليمان أيضاً إنّ «الجيش هو الذي أطلق النار وليس «القوات» أو الأهالي. حتى أنّ العسكريين ما كانوا ليقدّروا أو يتأكّدوا في الظلام إذا كان المحتجّون يحملون سلاحاً أم لا وقد خافوا من أن تحصل مذبحة لذلك حصل إطلاق النار وسيتمّ التحقيق في القضية ومن خالف التعليمات سيعاقب لأنّ الوطن أكبر من الجميع والمهم أنّه لم تكن هناك نوايا عدائية بل النوايا كانت لصالح منع الفتنة. حتى قائد الجيش ممكن محاسبته وإقالته من منصبه». سليمان عزّى الرئيس نبيه بري أيضاً وقال له الكلام نفسه وشرح له ما حصل وأن تصرّف الجيش حمى المدنيين أيّا كان انتماؤهم السياسي والديني.

يوم اغتيل الرئيس رفيق الحريري زار العماد سليمان قصر قريطم لتعزية العائلة وقال لنجليه سعد وبهاء إنّه يتحمّل المسؤولية ومستعدّ للإستقالة لأنّ الحادث حصل ولم تكن أجهزة المخابرات والقوى العسكرية على قدر المسؤولية. نظراً لعدم معرفتها أو توقّعها عملية إجرامية كمثل هذه العملية. كان هناك اتهامات للجيش بالتقصير وللأجهزة الأمنية بالتواطؤ. كان التقدير أنّ الجيش كان يجب أن يعرف ولكنّه لم يعرف. كان تصرف العائلة شهماً وكبيراً وتعالوا على المصيبة وركَّزوا جهدهم على حماية الوطن ومنع الفتنة وقد اهتم «الشيخ سعد» بمتابعة مسار التهدئة رغم الألم والوجع.



الرئيس إميل لحود والعماد ميشال سليمان



7 أيّار ودور الجيش

في مواجهة محاولة إسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة والإعتصام في وسط بيروت وقطع الطرقات. ماذا فعل الجيش؟

تقول الأوساط التي رافقت الرئيس سليمان «الجو السياسي في تلك المرحلة كان سيئاً جدّاً. بعد اغتيال الرئيس الحريري حصل احتقان كبير خصوصاً مع توالي الإغتيالات ومع تشكيل لجنة التحقيق الدولية ثم المطالبة بإنشاء المحكمة الدولية. حصلت إشكالات وقطع طرقات وحواجز واعتداءات. «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» وحلفاؤهما كانوا يريدون تطيير الحكومة ولكنّ الحكومة صمدت. قرروا الإعتصام بساحة رياض الصلح واعتصموا. بدأوا في كانون الأول 2006 وبقوا حتى أيار 2008. القرار السياسي وضع مسؤولية حفظ الأمن على الأرض على عاتق قوى الأمن الداخلي وأُبلِغ بذلك قائد الجيش».

تضيف: «كانت في هذه الفترة أعباء الجيش تتزايد إن لجهة الانتشار الكثيف في الجنوب وإن في محاولة ضبط الحدود البرية، كما أنّ معركة نهر البارد الشرسة وإشغال الجيش بها مع متطلبات انتشار إضافي وأيضاً تخصيص قوى إضافية لمنع تفلّت المخيمات الفلسطينية الثلاثة عشر، وأخيراً وليس آخراً حوادث مار مخايل واضطرابات في العديد من المناطق كما يحصل عادة في فترات الشغور الدستورية. ولكن تبيّن لاحقاً أنّ «حزب الله» استأجر شققاً في قلب بيروت وضع فيها مسلّحين وفي 7 أيار تحرّكوا منها في حين كان هناك كلام عن مسلحين استقدموا من عكار لحماية احياء بيروت الداخلية».

وتذكر: «قالوا إن الجيش لم يتحرّك في 7 أيار. كيف كان يمكنه أن يتدخّل وبدأت الأحداث في داخل أحياء بيروت. قالوا إنّهم دخلوا بيروت. الصحيح أنّهم كانوا داخل بيروت وتغلغلوا وبيّنوا وظهروا. الجيش كان يتحضّر لعملية عسكرية ولتنظيف المنطقة من المسلحين مثل التحضير الذي سبق عمليتي نهر البارد والضنية حيث بدأ تشكيل طوق عسكري ثم بوشر الهجوم. كانت هناك تحضيرات لعملية 7 ايار في قلب بيروت. أين كان الجيش؟ داخل السراي لمنع اقتحامها. تحضّر الجيش للتدخل خلال يومين ولكن كانت بدأت الإتصالات بحثًا عن حلّ للوضع السياسي والأمني. وكانت التدخّلات «طوّلوا بالكم رح يصير في حلّ». وأتى وفد من جامعة الدول العربية ولجنة وزارية عربية ثلاثية وحصلت اتصالات دولية و تمنيات داخلية كثيفة بتهدئة الأمور لانّ الحلّ لن يستغرق 48 ساعة».

كوشنير على الخطّ

برنار كوشنير وزير خارجية فرنسا اتّصل ليلة 7 أيار بالعماد سليمان وقال له إنه يهنّئه باسم القيادة الفرنسية. قال له سليمان «تهنّئني على ماذا؟ الجيش تلقّى صفعة كبيرة في ظلّ جمهورية مقطوعة الرأس ودون قائد أعلى للقوى المسلّحة وحكومة قائمة ولكنّها منقسمة وغير معترف بقراراتها عند نصف الشعب اللبناني والمرجعيات السياسية ورئيس مجلس النواب ونصف نواب المجلس، ونحن نقوم بتحضير الأرض وتجهيز القوى وسنبدأ عملية تنظيف الأرض من المسلّحين مهما ستبلغ الخسائر كما فعلنا في معركة البارد». قال له كوشنير: «عملت وتعمل ما تراه مناسباً ولكنّك أنقذت لبنان».

كانت الساعة الثانية بعد منتصف الليل ولم تكن هناك معرفة مسبقة بين الوزير وسليمان، وربما كان حصل اتصال بينهما خلال معركة نهر البارد. لم تكن لدى الجيش معلومات عن استئجار الشقق في قلب بيروت ونشر مسلحين فيها. والعملية حصلت على مدى أيام قليلة وانتقلت من بيروت إلى الشويفات وعاليه والشوف وكان المطلوب حماية وليد جنبلاط في منزله في كليمنصو وسعد الحريري في قصر قريطم. الجيش تفاجأ بحجم الهجوم الذي نفّذه «حزب الله» ولكنّه تدخّل حيث استطاع أن يتدخّل وكان يحضِّر نفسه للتدخّل الكبير.

تروي الأوساط :»عندما يحصل اضطراب بهذا الحجم لا يعود التدخل سهلاً، قد يحصل الإنقسام بين الناس والمرجعيات السياسية ويصير ناس مع التدخل وناس ضد التدخل. وكان البلد في حالة شغور رئاسي وانقسام حكومي. ولكن حتى في ظل هذا الوضع لا يمكن أن تقول للعسكري أنت لست صاحب السلطة السياسية وعليك أن تحفظ الأمن وتضبط البلد. والواقع أنّه من الصعب لا بل المستحيل على العسكري أن يسيطر على الأرض وهو ليس صاحب السلطة والقرار. لا يوجد رئيس جمهورية وهناك حكومة ناقصة واعتصام على الأرض كان يغطّيه رئيس الجمهورية قبل أن تنتهي ولايته، والعسكر لوحده كيف يمكن أن يتحرّك ليحمي الناس والأرض والدستور والحكومة؟ انقلاب عسكري بيصير غير شي. ولكن في لبنان من يستطيع أن ينفّذ انقلاباً عسكرياً؟ لا أحد يقبل بانقلاب لأن البلد مقسوم طائفياً. من يقبل بقائد الجيش إذا عمل انقلاباً وصار كل السلطة؟ هل تمّ التفكير بمثل هذا الأمر؟ أبداً. لم يَرِد هذا الأمر في ذهن القيادة العسكرية لأنّه ليس في متناول اليد ولأنّ السلطة تصبح كلها في يد قائد الجيش الماروني من دون وجود سلطات أخرى. بتخرب الدني. ما بتظبط».



خلال حصار السراي الحكومي



سليمان رفض تشكيل حكومة إنتقالية

من طلب من قائد الجيش ترؤس حكومة انتقالية؟ تقول الأوساط نفسها إن إيلي الفرزلي وألبير منصور زارا مرة قائد الجيش ميشال سليمان وقالا له إنهما بحثا مسألة تعيينه رئيساً لحكومة انتقالية مع الرئيس إميل لحود وإنه موافق في حال لم تحصل انتخابات رئاسية. قالا له «جايين باقتراح ووافَق معنا رئيس الجمهورية أنّك تستلم حكومة انتقالية على مدى عامين». قال لهما سليمان «إن المسألة غير واردة لأنّها غير دستورية وتشكيل الحكومة يحتاج إلى استشارات ملزمة وهذا الأمر إذا حصل يشكل مسّاً بالطائف وبالطائفة السنية». قال لهم أيضا «ليش معذّبين حالكم». لم يكن سليمان راغباً بالرئاسة. رشّحته في البداية قوى 14 آذار وأعلن عن هذا الترشيح الرئيس أمين الجميل.

يتبع السبت 11 شباط

لماذا كان «حزب الله» ضد ترشيح سليمان؟

ماذا عرض عليه باسيل وفرنجية؟

سر الإتصال مع أمير قطر: ماذا قال له الأمير؟


MISS 3