من المعروف أن كل من الذهب والدولار الأمريكي يعتبران من أصول الملاذ الآمن، لكنهما يشتركان في علاقة عكسية مع بعضهما البعض، فعندما تنخفض قيمة الدولار الأمريكي يرتفع الطلب على الذهب مما يؤدي إلى ارتفاع سعر المعدن الأصفر والعكس صحيح، ويرجع ذلك إلى حقيقة أنه عندما تنخفض قيمة الدولار الأمريكي يتطلع المستثمرون إلى أصول الملاذ الآمن الأخرى لاستثمار أموالهم فيها، ويحتل الذهب مكانة عالية في قائمة الاستثمارات الآمنة.
ولكن هذه العلاقة العكسية ليست واضحة جداً على المدى القصير، ولكن على المدى الطويل مثل 12 شهر أو نحو ذلك، يمكن رؤية الاتجاه بسهولة، ومع ذلك، فإن هذه العلاقة العكسية ليست صحيحة دائماً حيث توجد أوقات يمكن أن تؤثر فيها عوامل أخرى على أسعار الذهب أو الدولار الأمريكي.
على سبيل المثال: قد يرتفع كل من الذهب والدولار أثناء بعض الأزمات، فخلال الأزمات المالية لا يوجد للأمريكيين سوى الذهب كرحلة إلى بر الأمان، في حين تعتبر الدول الأخرى أن الدولار الأمريكي هو العملة الأكثر أمانًا، مما سيؤدي إلى تعزيز الدولار مقابل جميع العملات الأجنبية، نتيجة لذلك، سيعزز كل من الذهب والدولار، لذلك في ظل هذه الظروف الفريدة قد تنكسر العلاقة العكسية.
ما هي سبب العلاقة العكسية بين الذهب والدولار؟
يعود سبب العلاقة العكسية بين أسعار الذهب عالميا مباشر والدولار الأمريكي إلى أنه يُنظر إلى كليهما على أنهما عملة عالمية، قبل عام 1971 كان الاثنان معيار عالمي حيث تم ربط الدولار الأمريكي والذهب معًا، بحيث يمكن مقايضة الأونصة الواحدة من الذهب بمبلغ 35 دولار أمريكي، في عام 1971 فصل نيكسون بين الاثنين وبدأت فعليًا سلسلة الأحداث التي انتهت بدولار أمريكي معوم "اتفاقية سميثسونيان"، كانت هذه لحظة حاسمة في تاريخ اقتصاديات العالم.
فقبل عام 1971 كان بإمكان أي بنك مركزي في العالم أن يطلب من أمريكا تسوية ديونها بالذهب، ولكن بعد عام 1971 كان بإمكانهم فقط طلب الدولار الأمريكي.
ما هو تأثير فصل الذهب عن الدولار الأمريكي؟
بدأت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم في تكديس المزيد والمزيد من الدولارات الأمريكية حيث كانت هذه هي العملة الاحتياطية العالمية، وأصبحت قيمة الدولار حتمية لأصحابها، على مدى سنوات عديدة ترسخ تراكم الدولارات كجزء أساسي من احتياطيات البنوك المركزية.
فاليوم لدينا عالم يوجد فيه دولارات أمريكية في الحسابات المصرفية الأجنبية أكثر بكثير مما هو موجود في أمريكا، نظراً لأن البنوك المركزية أضافت دولارات إلى محافظها، أصبحت قيمة هذه الأصول في مصلحة كل بنك مركزي في جميع أنحاء العالم.
في نهاية المطاف، تتفاقم المخاوف بشأن عدم استقرار الدولار من خلال كمية الحيازات التي يمتلكها كل بنك مركزي، وبالتالي فإن العلاقة العكسية بين الذهب والدولار الأمريكي لها تأثير على شعبية الدولار كعملة احتياطية عالمية.
تجري مناقشة الطبيعة المعوقة لاعتماد البنوك المركزية على الدولار الأمريكي بين الاقتصاديين في جميع أنحاء العالم، نرى حالياً إشارات مختلفة على أن العالم يحاول الابتعاد عن اعتماده على الدولار الأمريكي، ولكن إذا توقفت البنوك المركزية عن شراء عوائد سندات الخزانة الأمريكية والدولار الأمريكي لاحتياطياتها فقد ينخفض سعر الدولار الأمريكي.
إذا كان هذا هو الحال، فقد يؤدي ذلك إلى أكبر انهيار داخلي تشهده الاقتصاديات العالمية على الإطلاق حيث تبيع المزيد والمزيد من البنوك المركزية وصناديق الثروة السيادية والصناديق الخاصة والمستثمرين من القطاع الخاص لحماية محافظهم الاستثمارية.
التحوط من الدولار
باستخدام الذهب سيكون لديك شكل عالمي مقبول من العملة وله عرض محدود، وبهذا المعنى فإنه يشكل تحوطاً مثالياً ضد مخاطر الدولار الأمريكي، ومن ثم فمن الواضح أنه عندما يكون الدولار الأمريكي ضعيفًا، يكون الذهب قويًا، بينما إذا كان الذهب قويًا فهذا لا يعني بالضرورة أن الدولار ضعيف.