خالد أبو شقرا

"سوليدير" تقود التخفيضات بأكثر من 60 في المئة

أزمة العقارات تحوّل الشقق إلى "علب كبريت"

12 تموز 2019

11 : 39

المطوّرون يعمدون إلى تخفيض أحجام الشقق (أرشيف)
خلال السنوات القليلة الماضية، عمد المطوّرون العقاريون إلى تخفيض أحجام الشقق بشكل مستمرّ. وأجرى الكثيرون منهم إعادة تقسيم الأبنية المنشأة بما يتناسب مع السوق، بمحاولة يائسة لجذب أكبر عدد من المشترين. فالطلب آنذاك تركّز على الشقق الصغيرة المموّلة من قروض الإسكان، فيما كان الطلب على الشقق الكبيرة متوقّفاً كلّياً.

بحسب دراسة أجرتها شركة "رامكو للإستشارات العقارية"، فان متوسط حجم الشقة السكنية قيد الإنشاء في بيروت بلغ 173 متراً مربعاً في العام 2018، بما يمثل انخفاضاً بنسبة 5 في المئة عن 2017. في حين قدّر إنخفاض متوسط مساحة الشقة بين عامي 2013 و2018 بـ 79 متراً مربعاً، وهو ما يوازي إنخفاضاً بنحو 250 الف دولار أميركي من الميزانيات. ومن الملفت أن 36 في المئة من المشاريع في منطقة الأشرفية قدّم شققاً أصغر من 100 متر مربع. فضلاً عن تكاثر "الاستديوهات" في أحدث المشاريع في وسط بيروت.

الكساد يطلّ برأسه

تخفيض الأحجام ترافق مع تراجع في الأسعار فاق كل التوقعات. حيث "لم يعد هناك حدود لحجم التخفيضات"، يقول مدير عام "رامكو" رجا مكارم. فالسعر أصبح يرتبط بشكل مباشر بمدى حاجة الشركات او المطورين للسيولة، لتغطية القروض والنفقات. شركة "سوليدير"، التي تعد أكبر لاعب عقاري في لبنان، إضطرت تحت ضغط الحاجة، إلى تخفيض سعر بيع متر الأرض على الواجهة البحرية من 3000 دولار أميركي الى ما دون الـ 1400، وهو ما يمثل انخفاضاً بأكثر من 60 في المئة. الأمر الذي "لم يعد يصح معه وصف الحالة بالجمود، فلقد قاربنا الإنهيار"، يقول مكارم، مستتبعاً أن "التوصيف قد يكون تفصيلاً بسيطاً أمام ما يحدث بالفعل. فالأراضي في المناطق الجبلية تشهد كساداً، حيث لم تعد تنفع كل محاولات تخفيض الأسعار لجذب المستثمرين".

الكساد العقاري في المناطق يزحف باتجاه بيروت التي تختبئ عقاراتها وراء سور وهمي من الصمود. فلعبة الصبر التي يتقنها المطورون العقاريون طالت، وعدم كسر الأسعار بانتظار تحسن الاوضاع، بدأ يرهق أصحاب المشاريع ويراكم عليهم الكثير من الخسائر. فالمستقبل لا يحمل إلا ارتفاع أسعار الفوائد، وهو ما يعتبر سيفاً ذا حدين، يرفع كلفة قروضهم من جهة، ويهرّب المستثمرين من جهة أخرى. "من لا يخفض سعره، لن يبيع"، يقول مكارم، من دون أن يحدد هامش الإنخفاض الذي يجذب الشراة. ويضيف: "إذا كان الطلب الداخلي متوقفاً نتيجة توقف قروض الإسكان وارتفاع الفوائد وضعف القدرة الشرائية، فإن عدم الثقة غيّب الطلب الخارجي وتحديداً من المغتربين اللبنانيين".

الأسعار "بالأرض"

أمام هذا الواقع، إرتفع حجم المخزون من الشقق غير المباعة من مليون و200 الف متر مربع مبني وغير مباع في العام 2017 إلى مليون و400 الف. فيما تراوح سعر المتر المربع في مناطق بيروت الداخلية بين 1500 و3000 دولار اميركي للطوابق الأولى. أما المناطق الفخمة على الخط البحري الأول ووسط بيروت والأشرفية فقد انخفض سعر المتر من 7000 إلى 5000 دولار أميركي للمتر الواحد.

إنطلاقاً من أن "القطاع يوفر فرصة نادرة لمن يملك اموالاً نقدية"، يلحظ المراقبون دخول عدد محدود جداً من المستثمرين الذين ينفقون ملايين الدولارات على شراء عقارات وأراض. وبالرغم مما تشكله هذه الخطوة من فرصة قد تكون وحيدة لبعض المطورين يخشى البعض الآخر من أهدافها المبيتة ومما إذا كانت للمضاربة أو غيره.

في الوقت الذي استنزف المسؤولون أغلب الفرص واستمر فيه نزف الدولة، الذي يرتب المزيد من ارتفاع الفوائد واتخاذ إجراءات مقوضة لقطاع العقارات كتوقيف قروض الإسكان المدعومة وإعطاء إعفاءات على التسجيل وبعض الحوافز، ينتظرالمطورون العقاريون ردة فعل المقرضين الدوليين للبنان في "سيدر".

وعلى الرغم من تراجع منسوب التفاؤل نظراً لانعدام قدرة لبنان على تلبية الشروط الدولية في ما خص السيطرة على تخفيض عجز الموازنة وتحقيق الإصلاحات الضرورية، يبقى سيدر الفرصة الوحيدة والإستحقاق السريع المنتظر بفارغ الصبر.


MISS 3