حلقة نقاش بالجامعة الأميركية في بيروت بعنوان: مفقودو الحرب الأهليّة في لبنان: ثمن النسيان وغياب عدالة ما بعد النزاع

12 : 30

الموسوي وأبو جودة وقماطي وحلواني وصاغية خلال الندوة

نظَّم مَعهد عصام فارس للسياسات العامّة والشؤون الدوليّة في الجامعة الأميركية في بيروت(AUB)، حلقة نقاش تحت عنوان "مفقودو الحرب الأهليّة في لبنان: ثمن النسيان وغياب عدالة ما بعد النزاع".

تناوَل النقاش موضوع مَفقودي الحرب من الزوايا القانونيّة والسياسيّة والاجتماعيّة المُختلفة، بمُشاركة كلّ من الكاتبة والناشطة السياسيّة د. لينا قماطي ورئيسة لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان وداد حلواني والمُحاضرة والباحثة في جامعة القدّيس يوسف والجامعة الأميركية في بيروت د. كارمن أبو جودة والمحامي والمُدير التنفيذي للمفكّرة القانونيّة نزار صاغية. وأدارت الجلسة الباحثة ومنسّقة برنامج "الفاعلون في المجتمع المدني وصنع السياسات" في معهد عصام فارس فاطمة المُوسوي.

افتُتحت الجَلسة بكلمة ترحيبيّة لفاطمة الموسوي، قالت خلالها إنّه وفي ظلّ الانتفاضة الشعبيّة اللّبنانيّة التي طالبت بالكثير من الإصلاحات القضائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة مُعبّرةً عن رفضها لكل المُمارسات التي تَلَت الحرب الأهليّة اللّبنانيّة التي أنهكت بدَورها اللّبنانيين اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، لا بدّ من تسليط الضوء على قضيّة المَفقودين والمَخطوفين قسراً وتحديد مَوقعها على خريطة المَطالب الشعبيّة ومَعرفة كيفيّة قراءتها من خلال التطوّرات السياسيّة والاجتماعيّة الراهنة. وبَدأت الجَلسة مع د. قُماطي، التي قرأت ورقة مُقتطفة من كتابها "المرحلة الانتقالية ما بعد النزاع في لبنان: مَفقودو الحرب الأهليّة"، تطرّقت خلالها إلى قضيّة المَفقودين في لبنان خلال السنوات العشر الأخيرة. وأشارت الى أنّه خلال فترة "لبنان ما بعد الحرب"، دَخلت مَسألة الأشخاص المَفقودين في مرحلة انتقالية بين حالَتين، إذ لَم يتمّ تجاهلها كما ولم يتمّ حلّها منذ ثلاثين عاماً. ففي الواقع، احتضنت الدولة اللّبنانية المسألة غير أنّ مُمارسات النظام السياسي الطائفي اللّبناني عطّل حلّها. ومتحدثةً عن الفترة الراهنة قالت قماطي إن ثورة ١٧تشرين تمتلك مَفاتيح الحلّ لسلسلة من الإشكاليّات التي تمّ إهمالها منذ اتّفاق الطائف من ضمنها إعادة بناء الذاكرة الوطنيّة والكشف عن مَصير المَفقودين. مُضيفةً إلى أنّ "الثورة تَدعو أيضاً إلى تغيير سياسي بالعُمق" إذ وبحسب الميثاق الوطني واتفاق الطائف، الطائفيّة السياسيّة هي فترة انتقاليّة يجب أن نسعى إلى إلغائها، وهذا الإلغاء سَيُعلِن بداية حلّ قضيّة المَفقودين بعد ثلاثين عاماً.

من جهّتها، بدَأت وداد حلواني حديثها بطرحها سؤالين: "كيف استطعنا أن نحوّل موضوع خطف الناس وإخفائهم خلال الحرب الأهليّة اللّبنانيّة إلى قضيّة؟ وكيف استطعنا أن نُحافظ عليها "فعلياً" وضمن إطار واحد جَمَع بين مُختلف الأحزاب والسياسات والمذاهب والطوائف وكل "الأمراض المُعدية" في بَلدِنا المُسبّبة للحالة الراهنة؟". وأَوضَحت حلواني أنّ السلطات اللّبنانيّة رَفضت الكشف عن مصير المَفقودين مُستخدمةً حججاً واهية اختلفت في كل مرحلة سياسيّة ومنها أنّ البحث عنهم قد يُشعل الحرب الأهليّة من جديد، أو أنّ الأولويّة هي مُحاربة إسرائيل، أو أنّ الوصاية السوريّة تمنَع فَتح هذا الملف.كما أكّدت أنّ هُناك تقاطعاً بين مَطالب انتفاضة أهالي المفقودين ومطالب منتفضي 17تشرين، قائلةً: "طالبنا الحكومة الحاليّة بإدراج تطبيق قانون المفقودين الذي أُقرّ من 14 شهراً حيث أنّ القانون كفيل في وضع الأسس لقيام الدولة وتحقيق السلم الأهلي". أمّا صاغية، فتحدّث عن الجهد القانوني الذي تحقّق حتى اليوم، مُشيراً إلى أنّه عندما أُقرّ قانون العفو في العام 1990، لم يكن مفهوم العدالة الانتقالية موجود في الخطاب العامّ واقتصرت الجرائم التي لا تغتفر بحسب هذا القانون على تلك التي ارتكبت ضدّ الزعماء السياسيين فقط ممّا مهّد إلى النظام الحالي الذي يقوده ستّة زعماء طوائف والذي يرتكز على المُحاصصة والفساد.كما ولَفَتَ إلى موضوع نبش المقابر الجماعيّة المُنتشرة على كافّة الأراضي اللّبنانيّة، قائلاً إن السبب الذي منع البحث عن هذه المقابر هو خوف الزعماء، زعماء الحرب سابقاً والسلطة راهناً، من أن تهز بشاعة هذه المقابر مناصبهم وصورتهم لدى أتباعهم. لكن اليوم مع "تَفليسة" البلد، أضافَ صاغية أنّنا "نرى بالعين المُجرّدة البَشاعة نفسها الموجودة في المَقابر، كيف فلّسوا البلد لإغناء أنفسهم وتكبير ثرواتهم وزعاماتهم. لذلك هناك شبه كبير اليوم بين حق المعرفة لأهالي المفقودين وبين ما تطمح إليه انتفاضة 17 تشرين أي محاسبة الذين سرقوا واسترداد الأموال المنهوبة. لسنا أكيدين أننا سنتمكن من استرجاع الأموال المنهوبة ولسنا أكيدين أننا سنعرف مصير المفقودين ولكننا أكيدين من ان المقاومة التي بدأت مع أهالي المفقودين ستستمر معنا جميعاً".

وأشارت أبو جودة بدَورها إلى أنّه علينا من خلال ثورة 17 تشرين أن نتحلّى بالجرأة لنعترف أنّ المنظومة السياسيّة الحاليّة لن تحلّ قضيّة المَفقودين، لذلك يجب أن تكون هذه القضيّة المعيار الذي نرتكز عليه في الطريق نحو السلم الأهلي ودولة القانون والعَدالة وإنصاف ضحايا الفقدان.