جواد الصايغ

طريق الديموقراطيين لـ"مقارعة" ترامب لا يزال طويلاً

13 شباط 2020

11 : 37

ايمي كلوبوشار وبيت بوتيدجيدج وبيرني ساندرز (أ ف ب)

لا يزال سيناريو الانتخابات التمهيديّة في الحزب الجمهوري العام 2016 ماثلاً في الأذهان عندما تمكّن الرئيس الأميركي دونالد ترامب من مخالفة كلّ التوقعات واستطلاعات الرأي التي استبعدته من المنافسة لصالح مرشّحين آخرين كسيناتور تكساس تيد كروز، وحاكم فلوريدا السابق جيب بوش وسيناتور الولاية ماركو روبيو، وتمكّن من تحقيق انتصار كاسح خوّله الفوز بتمثيل الجمهوريين في الانتخابات العامة.

وما حصل العام 2016 أثبت فعلاً أنّه لا يُمكن الأخذ باستطلاعات الرأي واعتبارها نتيجة مؤكدة، وكذلك لا تُشكّل انتخابات الحزب الديموقراطي الأوليّة التي جرت في ولاية آيوا الأسبوع الماضي أو نيو هامبشير الثلثاء، مقياساً يُمكن الاعتماد عليه، واستخلاص الشخصيّة التي ستُنافس الرئيس ترامب في انتخابات الثالث من تشرين الثاني المقبل.

وبالرغم من الضجّة الإعلاميّة الكبيرة التي تُرافق التجمّع الانتخابي في ولاية آيوا بشكل رئيسي والانتخابات التمهيديّة في نيو هامبشير، غير أن الاهتمام لا يتركّز على كونها (آيوا) ولاية فاصلة في الانتخابات، أو ذات ثقل ترجيحي تمتلك عدداً هائلاً من المندوبين في المجمّع الانتخابي، وإنّما بسبب احتضانها أوّل معركة انتخابيّة في سلسلة طويلة تمتدّ لأشهر، وجدير بالذكر أن ميزتها هذه اكتسبتها منذ أقلّ من خمسين عاماً، وذلك يوم اعتمدها الديموقراطيّون على جدولهم كأوّل ولاية تحتضن الانتخابات التمهيديّة، وعندما نجح الأمر سار الجمهوريّون على خطاهم العام 1976 معلنين انطلاق معركتهم التمهيديّة منها، وهكذا اكتسبت منذ ذلك الحين أهمّيتها الانتخابيّة.

وللتدليل أكثر في موضوع عدم اعتبار آيوا ولاية حاسمة، لم يتمكّن جميع الفائزين بأصوات مندوبيها في الانتخابات التمهيديّة من كسب ترشيح حزبهم لمنصب الرئيس في نهاية السباق، كما أنّه منذ العام 1972 لم يتمكّن المرشّحون الذين حازوا المرتبة الرابعة وما يليها من الذهاب بعيداً، وبالتالي لم يتمكّن أحد منهم من العبور إلى الانتخابات العامة، وهذه النقطة التاريخيّة قد تُسبّب قلقاً كبيراً لنائب الرئيس السابق وأحد أبرز المرشّحين الديموقراطيين، بحسب الاستطلاعات، جو بايدن، بعد حصوله على المرتبة الرابعة خلف بيت بوتيدجيدج وبيرني ساندرز واليزابيث وورن.

في آيوا الأسبوع الماضي، تمكّن عمدة مدينة ساوث باند في ولاية انديانا بيت بوتيدجيدج، من تحقيق مفاجأة غير متوقّعة لدى الديموقراطيين، بعدما نجح في الفوز بالولاية متقدّماً على سيناتور فيرمونت بيرني ساندرز، وسيناتور ماساتشوستس اليزابيث وورن. فوز بوتيدجيدج لا يعني أنّه بات يمتلك أفضليّة على غيره من المرشّحين، ففي الانتخابات التمهيديّة للجمهوريين العام 2016 تفوّق سيناتور تكساس تيد كروز على دونالد ترامب في الولاية نفسها، قبل أن ينسحب من السباق بعد أشهر قليلة، وقبل أربع سنوات منذ ذلك التاريخ، خالف نائب تكساس رون بول التوقّعات متقدّماً على أسماء جمهوريّة ثقيلة كنيوت غينغريتش وريك سانتورم وميت رومني، الذي فاز بترشيح الحزب، وتمكّن الرؤساء الثلاثة السابقون، بيل كلينتون وجورج بوش الإبن وباراك أوباما من الفوز بانتخابات آيوا التمهيديّة، أعوام 1992، و2000، و2008.





آمال بايدن خابت مجدّداً ليل الثلثاء في ولاية نيو هامبشير، مع سقوطه المدوّي وحلوله في المركز الخامس، بينما ابتسم ديموقراطيو الولاية لبيرني ساندرز للمرّة الثانية بعد 2016، وتمكّن من تحقيق الفوز، وجاء بيت بوتيدجيدج في المركز الثاني، وكانت المفاجأة في حصول سيناتور مينيسوتا ايمي كلوبوشار على المركز الثالث، أمّا سيناتور ماساتشوستس اليزابيث وورن فلم تتمكّن من معادلة انجاز عضو مجلس الشيوخ السابق عن الولاية بول تسونغاس، والذي سبق له وأن أسقط بيل كلينتون العام 1992 في نيوهامبشير، فحلّت في المركز الرابع.

ومع اسدال الستار على معركتَيْ آيوا ونيو هامبشير بتصدّر بيت بوتيدجيدج وبيرني ساندرز قافلة مرشّحي الحزب الديموقراطي، سيفتقد الأخير في انتخابات ولاية نيفادا بعد عشرة أيّام إلى المرشّح أندرو يانغ، الذي أعلن انسحابه رسميّاً من المنافسة، بعدما أُصيب بخيبة أمل كبيرة في ولاية آيوا، التي وضع فيها كلّ ثقله منفقاً ملايين الدولارات على الإعلانات والحافلات التي جابت مقاطعاتها، وجاءت النتيجة الكارثيّة التي أظهرت حصوله على واحد في المئة من أصوات ناخبيها، وهذا ما أثر سلباً على حملته في نيو هامبشير، حيث اضطرّ إلى صرف عدد كبير من موظّفي الحملة الانتخابيّة، علماً أنّه تعهّد بإعطاء كلّ مواطن أميركي في حال فوزه مبلغ ألف دولار شهريّاً لتحسين أحوالهم المعيشيّة.

وفي السياق نفسه، أعلن سيناتور كولورادو مايكل بينيت انسحابه أيضاً، أمّا نائب الرئيس جو بايدن فسيكون أمام معركة فاصلة في ساوث كارولينا يوم التاسع والعشرين من الشهر الحالي، ويتطلّع إلى استعادة زمام الأمور والانطلاق مجدّداً في الطريق إلى البيت الأبيض، ولهذه الغاية غادر نائب الرئيس السابق نيو هامبشير حتّى قبل إعلان نتائج انتخاباتها، مفضّلاً التركيز باكراً على ساوث كارولينا لتعبئة أنصاره، إذ تُعطيه معظم استطلاعات الرأي التي أُجريت في الولاية تقدّماً على منافسيه، فهل يتمكّن من التقاط أنفاسه وترتيب أوراقه أم أنّه سيُلاقي نفس مصير المرشّح الجمهوري جيب بوش العام 2016، الذي دخل الانتخابات وهو من أبرز المرشّحين لتُخرجه ساوث كارولينا نفسها من الباب الضيّق بعد سقوطه فيها بشكل دراماتيكي، بحيث حلّ في المراكز المتأخّرة ما دفعه إلى إنهاء حملته مبكراً.


MISS 3