ترحيب فلسطيني وامتعاض إسرائيلي

الأمم المتحدة تنشر لائحة شركات على صلة بالمستوطنات

11 : 44

تُعتبر المستوطنات الإسرائيليّة المقامة على الأراضي الفلسطينيّة مخالفة للقانون الدولي (أرشيف)

في خطوة لافتة في مضمونها وتوقيتها، نشرت الأمم المتحدة بالأمس لائحة بـ 112 شركة تُمارس أنشطة في المستوطنات الإسرائيليّة التي يعتبرها القانون الدولي غير قانونيّة، بينها شركات "اير بي إن بي" و"إكسبيديا" و"تريب آدفايزور"، فيما رحّب الفلسطينيّون بهذه الخطوة التي وصفتها إسرائيل بأنّها "مخجلة"، إذ يخشى المسؤولون الإسرائيليّون من أن تُستخدم اللائحة لمقاطعة الشركات ذات العلاقة بالمستوطنات.

ويأتي التقرير الأممي استجابة لقرار أصدره مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة العام 2016 وطلب فيه "قاعدة بيانات عن كلّ الشركات التي تُمارس أنشطة خاصة مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيليّة في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة". وأكد التقرير أن هذه اللائحة "لا تُشكّل وليس في نيّتها أن تُشكّل عمليّة قضائيّة أو شبه قضائيّة"، في إشارة ضمنيّة إلى المخاوف الإسرائيليّة من استخدامها وسيلة للمقاطعة.

وبين الأسماء المذكورة شركات دوليّة مثل "اير بي إن بي" و"التسوم" و"بوكينغ دوت كوم" و"موتورولا سوليوشنز". و94 من هذه الشركات مقرّها في إسرائيل، بينما تتوزّع 18 في دول مختلفة.

وذكرت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه أنّها تُدرك "أن هذا الموضوع كان ولا يزال موضع جدل"، مشدّدةً على أن هذا التقرير "يستند إلى وقائع". واعتبرت في بيان أن هذا التقرير "يُعبّر عن الاهتمام الجدّي" بهذا العمل "غير المسبوق والمعقّد"، في وقت سارعت إسرائيل التي تتّهم مجلس حقوق الإنسان بشكل مستمرّ بالانحياز ضدّها، إلى انتقاد اللائحة.

وفي هذا الإطار، حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو من أن تل أبيب لن تقف مكتوفة الأيدي. وقال: "سنُحارب هذا (التقرير الأممي) بكلّ ما أوتينا من قوّة". واعتبر أن "مجلس حقوق الإنسان كيان منحاز ولا تأثير له"، مضيفاً: "هذا الكيان يُحاول تشويه صورة إسرائيل بدلاً من التعامل مع مسائل حقوق الإنسان"، في حين أكد زعيم حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس أن نشر التقرير الأممي يُمثل "يوماً أسود بالنسبة إلى حقوق الإنسان"، مضيفاً أن باشليه "فقدت اتصالها بالواقع".

كذلك، رأى وزير الخارجيّة الإسرائيلي إسرائيل كاتز في بيان أنّ الأمر "استسلام مُخجل للدول والمنظّمات التي مارست ضغوطاً من أجل الإضرار بإسرائيل". إلّا أن نظيره الفلسطيني رياض المالكي رحّب باللائحة واعتبرها "انتصاراً للقانون الدولي"، معتبراً أن هذه الخطوة تعمل "على تجفيف منابع المنظومة الاستعماريّة المتمثلة بالاستيطان غير الشرعي في الأرض الفلسطينيّة المحتلّة".

وطالب المالكي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان بـ"الاطلاع على اللائحة ودراستها وتوجيه التعليمات للشركات بأن تُنهي عملها فوراً مع منظومة الاستيطان، باعتبار ذلك انتهاكاً للقانون الدولي وأُسسه ومبادئه". وكان يُفترض أن يصدر هذا التقرير قبل ثلاثة أعوام، لكنّه أُرجئ مراراً.

وفي هذا الصدد، أوضح مكتب باشليه أنّه قام بمراجعة أكثر من 300 شركة ورست اللائحة التي نُشِرَت الأربعاء على 112، تبيّن أن هناك "أسباباً منطقيّة للقول إنّها ضالعة في نشاط أو نشاطات خاصة عدّة تمّت الإشارة إليها"، في القرار الصادر العام 2016. كما أشارت المفوضيّة إلى أن جمع البيانات كان "عمليّة صعبة" اشتملت على "نقاشات واسعة" مع دول ومؤسّسات فكريّة وأكاديميين والشركات المعنيّة. وأوصى التقرير بتحديث اللائحة سنويّاً، ودعا مجلس حقوق الإنسان إلى تعيين خبراء متخصّصين للقيام بذلك.

ورحّب المسؤول في منظّمة "هيومن رايتش ووتش" برونو ستاغنو بنشر اللائحة، معتبراً أن هذا "يجب أن يكون اشعاراً لكلّ الشركات بأنّ العمل مع المستوطنات هو بمثابة مساعدة على ارتكاب جرائم حرب". ولفت إلى أن الشركات الواردة على اللائحة لن تبقى عليها إلى الأبد بالضرورة، مضيفاً: "عندما تتوفّر أسباب منطقيّة تدعو للاعتقاد بأنّ الشركة توقفت أو لا تُشارك في نشاط من هذا النوع، فيُمكن شطبها من اللائحة".

وتُعتبر المستوطنات الإسرائيليّة المقامة على الأراضي الفلسطينيّة مخالفة للقانون الدولي، وشكّلت عقبة في طريق السلام، لأنّها مقامة على أراض يعتبر الفلسطينيّون أنّها جزء من دولتهم المستقبليّة. ويعيش أكثر من 400 ألف إسرائيلي في نحو 150 مستوطنة مبنيّة في الضفة الغربيّة على أراضي الفلسطينيين، الذين يُناهز عددهم ثلاثة ملايين نسمة.