القلق والاضطرابات الغذائية لدى أولادك... نصائح تساعدك

14 : 52

لطالما بدت ابنتي أصغر حجماً مقارنة بسنها، ولم تملك يوماً شهية كبيرة. كذلك تُعتبر شديدة القلق. خلال زيارتها الأخيرة لعيادة طبيب الأطفال، اقترح أن نستشير معالجاً متخصصاً بشأن عاداتها الغذائية. أيمكن أن يكون قلقها سبب امتناعها عن تناول مقدار كافٍ من الطعام؟ وهل يعني ذلك أنها تعاني اضطراباً غذائياً؟

من المؤسف أن الحالة التي وصفتها شائعة. يترافق القلق مع مشاكل الأكل، وتميل أعراضهما إلى تعزيز أحدهما الآخر. لا نستطيع أن نجزم أن ابنتك تعاني اضطراباً غذائياً بالاستناد إلى وصفك وحده. ولكن يبدو أنها أكثر عرضة لاضطراب مماثل. لذلك أشدِّد على ضرورة أن تخضع لتقييم متخصص.

يقوم القلق في جزء كبير منه على الخوف والغم اللذين يسببان أيضاً أعراضاً جسدية، كالتعب، والاستياء، واضطرابات النوم. في حالة الأولاد، يترافق القلق غالباً مع تلبك المعدة، ما يؤدي بدوره إلى نقص في الشهية وتراجع كمية الطعام التي يتناولها الولد.إذا أدت كمية الطعام المتدنية التي يستهلكها الولد بمرور الوقت إلى انخفاض وزنه أو عجزه عن اكتساب الوزن الذي يحتاج إليه لينمو ويكبر بشكل طبيعي، تصبح حالتـه خطيرة. بالإضافة إلى ذلك، يزيد وزن الجسم المتدني واستهلاك الطعام غير الكافي أعراض القلق سوءاً. وإذا كان وزن الولد، الذي يعاني القلق، متدنياً دوماً، على غرار ابنتك، يُعتبر أكثر عرضة للتراجع إلى ما دون منحنى النمو الطبيعي ولتحوّل الطعام إلى عامل خطر في صحته العقلية. تُظهر الدراسات أن أي شخص قد يُصاب باضطراب غذائي إذا عانى خسارة كبيرة في الوزن، حتى لو بدأ فقدانه الوزن وتراجع شهيته لأسباب مختلفة غير القلق حيال مظهر الجسم.

أعراض


برهنت دراسة سريرية كبيرة أُجريت في أربعينات القرن الماضي في جامعة مينيسوتا، وتُدعى "دراسة مينيسوتا للمجاعة"، هذا الواقع بين رجال بالغين أصحاء جسدياً ونفسياً. خفض المشاركون في الدراسة استهلاكهم السعرات الحرارية إلى حد كبير. وعندما بلغوا وزناً معيناً، بدأوا كلهم يعانون مشاكل نفسية نتيجة لخسارة الوزن. على سبيل المثال، ادخروا حصص طعامهم الصغيرة، وفكروا في الأكل باستمرار، وتمرّنوا لاإرادياً، وعانوا الكآبة والقلق. بكلمات أخرى، صحيح أنهم ما كانوا يملكون مخاوف حيال شكل جسمهم وما هدف خفض استهلاكهم الطعام إلى خسارة الوزن، إلا أن هؤلاء الرجال، الذين تمتعوا سابقاً بصحة جيدة، بدأوا يعانون أعراضاً مطابقة لما يصيب مرضى القهم العصبي. وهكذا يتضح أن أي إنسان قد يعاني اضطراباً غذائياً ناتجاً عن انخفاض كبير في الوزن، حتى لو لم يكن يواجه مشاكل في نظرته إلى جسمه.


عوامل أخرى


تشمل العوامل الأخرى التي يجب التنبه إليها واقع أن سبل مداواة القلق واضطرابات المزاج الأخرى، بما فيها العلاج والأدوية، تصبح أقل فاعلية من المعتاد، عندما لا يتناول الولد المقدار الوافي من الطعام أو يعاني الوزن المنخفض. نتيجة لذلك، من الضروري معالجة الاضطرابات الغذائية بشكل واضح وشامل قبل مداواة القلق أو الكآبة، حتى لو لم تُعتبر المشكلة الرئيسة.

قد يُغفل بعض المعالجين النفسيين غير المتخصصين في الاضطرابات الغذائية عن هذا العنصر في القلق عند تقييم الحالة. لذلك، عندما يتداخل القلق مع العادات الغذائية، من الأفضل التعاون أولاً مع خبير في الصحة العقلية متخصص في الاضطرابات الغذائية بغية الحصول على تقييم شامل.

أهمية العلاج


فيما تبحثين عن معالج نفسي يمكنك التعاون معه، لا تنسي أيضاً أن البحوث تدعم الاستعانة بعلاج لا يتطلب البقاء في المستشفى يُدعى "العلاج المستند إلى العائلة" (يُعرف أيضاً بمقاربة مودسلي) في حالة الأولاد الذين يعانون اضطرابات غذائية، خصوصاً الأصغر سناً كما ابنتك. ابحثي عن معالج متخصص في مقاربة العلاج هذه. من المفرح أن العلاج المبكر لاضطرابات الطعام في الطفولة يؤدي غالباً إلى نتائج إيجابية، فضلاً عن أن الأولاد الصغار يحققون تجاوباً أكبر مع العلاج. فإذا شخّص الطبيب إصابة الولد بالقلق أو اضطراب غذائي في مثل سن ابنتك، التي نفترض أنها لا تعاني مشاكل صحية أخرى، يكون احتمال أن يشفى بنجاح بفضل العلاج المدروس والشامل كبيراً.


MISS 3