لم تبدد زيارة المفوض العام لوكالة "الأونروا" بالانابة كريستيان ساوندرز، من هواجس اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وبقيت مخاوفهم مفتوحة على مصراعيها أمام مخاطر تداعيات "صفقة القرن" الاميركية، والانعكاسات السلبية لاستفحال الأزمة اللبنانية، اذ لم يقدم اي وعود جديدة للتصدي لهما، وذلك على وقع استمرار العجز المالي في موازنة "الاونروا"، حيث بات "التحدي الكبير" الحفاظ على الخدمات والتقديمات على حالها من دون تقليصها بدلاً من زيادتها.
وعكس اللقاءان اللذان عقدهما ساوندرز مع ممثلي "اللجان الشعبية" ومؤسسات "المجتمع المدني، في مخيم عين الحلوة، أجواء غير إيجابية، لجهة "البون الشاسع" بين الطرفين، وخيبة الآمال الفلسطينية لتحسين الخدمات واطلاق "نداء استغاثة" عاجل لتخفيف معاناة الازمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة تحت ذريعة التنافس على الموارد المالية الدولية لخدمة اللاجئين والنازحين في العالم، دون الأخذ بعين الاعتبار خصوصية القضية الفلسطينية وبأنها سياسية وسببها الاحتلال الاسرائيلي، تزامناً مع الاعلان عن "صفقة القرن" الاميركية التي حرص على مواجهتها بموقف تقليدي بأن "الاونروا" انشئت بقرار من الجمعية العامة للامم المتحدة وانهاء عملها يكون أيضاً بقرار منها وسنواصل تقديم خدماتنا الى ان يتم ايجاد حل عادل ودائم لهذه القضية.
خيبة أمل
ووصفت "اللجان الشعبية الفلسطينية" لـ" نداء الوطن"، الزيارة بأنها "بروتوكولية" في شكلها، "فارغة" في مضمونها، تضاف الى اعداد الزيارات التي يقوم بها مسؤولو "الاونروا"، اذ لم يقدم ساوندرز جديداً ولم يكن متفائلاً حتى على مستوى الوعود، وكان مستطلعاً ومستمعاً أكثر منه متحدثاً، والايجابية الوحيدة انه غمز من قناة الاهتمام بجيل الشباب وقضاياهم وتطوير مركز "سبلين المهني والتقني" من دون ان يقدم خطة واضحة لذلك.
وأبلغت "اللجان"، انها حملت المسؤول الأممي "ساوندرز" رسالة الى المجتمع الدولي، بضرورة تحمل مسؤولياته كاملة نحو قضية اللجوء الفلسطيني في لبنان، وتقديم الاموال اللازمة تفادياً لأي انفجار اجتماعي يعيد خلط الأوراق، وسط إصرار على التمسك بـ "الاونروا" كشاهد حي على نكبة فلسطين وتحت شعار نتفق معها ولا نختلف عليها".
وقال مسؤول العلاقات السياسية لـ "حركة الجهاد الاسلامي" في منطقة صيدا عمار حوران، لـ "نداء الوطن"، كنا ننتظر الزيارة بطموح ايجابي، ولكن خرجنا بانطباع سلبي، كله "خيبة أمل"، سواء من المفوض ساوندرز الذي لم يقدم جديداً، او المدير العام كلاودي، الذي زار المخيم بعد أربعة اشهر على الازمة اللبنانية ووعد باطلاق "نداء استغاثة" وتقديم مساعدات مالية واشترط المساعدة لتأمينها من الدول المانحة"، مشدداً على ضرورة توحيد الموقف الفلسطيني وتنظيم اعتصامات وتحركات احتجاجية ضد "الاونروا" من اجل تحمل مسؤولياتها في اغاثة شعبنا الذي اصبح كله بحاجة ماسة نتيجة الازمة المالية الخانقة التي يترنح تحت وطأتها.
جولة واجتماعات
ووصل ساوندرز الى المخيم قرابة الحادية عشرة صباحاً، في إطار جولة ميدانية تقوده الى بعض المخيمات الفلسطينية للاطلاع على معاناة ابنائها ومشاكلهم، يرافقه المدير العام لـ"الاونروا" في لبنان كلاودي كورودني ومدير برنامج التربية والتعليم في الاونروا سالم ديب وكبار الموظفين، وكان في استقباله قائد "الامن الوطني الفلسطيني" اللواء صبحي أبو عرب، أمين سر حركة "فتح" وفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" في منطقة صيدا العميد ماهر شبايطة، وقائد "القوة المشتركة" العقيد عبد الاسدي، مدير الاونروا في منطقة صيدا ابراهيم الخطيب، ومدير مخيم عين الحلوة عبد الناصري السعدي وذلك وسط اجرءات أمنية فلسطينية.
وتفقد ساوندرز "العيادة الصحية" وعدداً من مدارس "الاونروا"، و"الممر الآمن" بينها والذي يسلكه الطلاب في حال اندلاع اشتباكات مفاجئة، واستمع الى هواجس الطلاب وتطلعاتهم حول مستقبلهم، قبل ان يعقد اجتماعين الاول مع "اللجان الشعبية الفلسطينية" والثاني مع "مؤسسات المجتمع المدني"، داما نحو اربع ساعات، واستعرض فيهما مختلف الاوضاع على ضوء تطورين بارزين، تداعيات الازمة الاقتصادية والمعيشية اللبنانية على اللاجئين مع استفحالها، واعلان "صفقة القرن" الاميركية.
وقال ساوندرز ان موضوع التمويل هذا العام سيكون تحدياً كبيراً بالنسبة لوكالة "الاونروا" التي تواجه في كل ميادين عملها (لبنان، الأردن، سوريا والضفة الغربية وغزة) تحدي المحافظة على مستوى نفسه ونوعية الخدمات التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين، لافتاً في هذا الإطار الى ان المشكلة تتمثل بتأمين موارد مالية مستدامة للوكالة وان تأمين هذه الموارد ليس مرتبطاً بالأونروا بشكل خاص وإنما بكافة مؤسسات المجتمع الدولي التي تعاني المشكلة ذاتها.
واعتبر ساوندرز ان ليس هناك حل للازمة المالية للاونروا في المستقبل القريب، مطمئناً في الوقت نفسه بأن الوكالة ستبقى مستمرة في تقديم خدماتها الى ان يتم ايجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وعن نداء الاستغاثة بالنسبة للوضع المتأزم في لبنان، لفت الى ان فريق عمل الوكالة في لبنان أعد خطة للتدخل الطارئ لتقديم مساعدات نقدية للاجئين الفلسطينيين "وأننا نسعى لإيجاد تمويل لهذه الخطة حتى نتمكن من صرف المساعدات".
ورداً على سؤال حول "صفقة القرن" وما اذا كانت ستلغي دور الاونروا، قال: "الاونروا أنشئت بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة وهي مستمرة في تقديم خدماتها طالما طُلب منها ذلك من الجمعية العامة للامم المتحدة الى ان يتم ايجاد حل عادل ودائم لهذه القضية".