رفيق خوري

"جبهة لمواجهة أميركا": كيف نواجه الأزمة؟

19 شباط 2020

09 : 24

لبنان الواقع تحت الأحمال الثقيلة لأزماته مطلوب منه الركض في ملعب أقليمي - دولي، بدل البحث عمن يريحه. وهو منقسم بين طرفين في لحظة مصيرية: واحد متماسك يعرف ماذا يريد في الإطار الإستراتيجي، ويمارس الألعاب التكتيكية لخدمة أهدافه. وآخر متفرق يلتقي ولا يلتقي، يعرف ماذا يريد على المستوى التكتيكي، ويوحي أنه ليس خارج الإهتمامات الإستراتيجية المتعلقة بمصير الوطن والمنطقة. وبينهما لاعب جديد ثائر في الشارع لا يزال أمامه طريق طويل لتحقيق "سلطة الشعب".

الأوّل يجسده "حزب الله" الذي يلعب الورقة على الوجهين: الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله يدعو، من جهة، كل العلماء والنخب والمؤسسات والحكومات إلى الدخول في "جبهة المقاومة المتعددة والشاملة لمواجهة أميركا". ويدعو، من جهة أخرى، بعد دوره في تركيب حكومة برئاسة الدكتور حسان دياب إلى "إعطاء الحكومة فرصة معقولة ومنطقية لمنع الإنهيار".

والثاني يضم أحزاب ما كانت قوى 14 آذار تعارضه متفرقة وتعطي الأولوية لحساباتها الذاتية، ويصعب القول إنها تلعب أية ورقة. وهي كانت شريكة أهل السلطة التي انقسمت مسجلة أغرب وضع في أي نظام ديموقراطي: سلطة ومعارضة ضعيفتان في هاوية أزمة.

والمعنى البسيط للدعوة إلى جبهة شاملة لمواجهة أميركا هو مشاركة لبنان، لا فقط "حزب الله"، في حرب لا متماثلة بين المحور الإيراني وأميركا. وهي حرب في مناخ حرب باردة جديدة بدأت رياحها تهب بين أميركا وروسيا والصين، كما بين أوروبا وروسيا. وضمن مواجهة أميركا رفض التوجه نحو واشنطن والرياض وصندوق النقد والبنك الدوليين للمساعدة في حل أزمتنا النقدية والمالية والإقتصادية، والتركيز على الحل من الداخل، مع التوجه نحو إيران وروسيا والصين.

لكن هذا الخيار يصطدم، لا فقط برفض الطرف الثاني بل أيضاً بالواقع. فلا حل داخلياً للأزمة لأن أهل السلطة هم الذين صنعوا الأزمة بالسياسات السيئة والجشع وتقاسم الغنائم. وليس لدى إيران وروسيا قدرة على المساعدة الجدية. فهما في حاجة إلى أميركا وأوروبا والعرب لتمويل إعادة الإعمار في سوريا التي خاضتا حربها إلى جانب دمشق. وآخر ما يمنع الإنهيار هو وصفة تقود إلى الإنهيار.

كل مشكلة، حسب ماوتسي تونغ، يمكن تجزئتها إلى "مشكلة أساسية ومشكلة فرديّة، والبدء بحل الفرعية". لكن حل المشكلة الفرعية في لبنان صعب من دون حل المشكلة الأساسية. فكيف إذا كان الحل المقترح للمشكلة الأساسية هو أخذها إلى مشكلة أكبر وأخطر؟ وكيف إذا كنا عاجزين عن الإصلاحات التي هي شرط المساعدات من العرب والغرب؟