جاد حداد

Red Rose... أجواء مرعبة ومريبة في حياة المراهقين

1 آذار 2023

02 : 00

في مسلسل Red Rose (وردة حمراء)، لا تقتصر مشاكل بطلة القصة "روشيل" على ضعفها في اللغة الفرنسية، بل إن هاتفها مسكون! يبدو أن تطبيقاً اسمه "ريد روز" بدأ يفسد هواتف طلاب من مدرسة "بولتون"، وكأنه يريد تحويل حياتهم إلى لعبة فيديو ذات مهام محددة. كل من قرأ فلسفة الواقع الافتراضي سيدرك أننا نتجه إلى هذا الوضع في حياتنا الحقيقية أيضاً.

يحمل هذا المسلسل المرعب جانباً ترفيهياً ومزعجاً في آن، وهو يرتكز على هذه الفكرة بالذات ويشبه بأجوائه حلقة Shut up and Dance (اسكت وارقص) من مسلسل Black Mirror (المرآة السوداء) في العام 2016، حيث يقوم فتى مراهق بتنزيل برنامج Shrive لمكافحة الفيروسات الضارة، لكن يُورّطه هذا التطبيق في ممارسات العالم الإباحي ويُهدده بنشر صوره على نطاق واسع ما لم يقم بمهام مريعة تصل إلى حد القتل.

تقع أحداث مشابهة لشخصية "روشيل" في هذا المسلسل. تظهر على شاشة هاتفها دعوة إلى تنزيل تطبيق "ريد روز"، فلا تتردد في تنزيله. سرعان ما يبدأ التطبيق بإصدار أوامر خطيرة. إذا لم تُقَبّل "نواه" خلال حفلة منزلية، ستعرض شاشات التلفزة حول ذلك المنزل صورها وهي تنتظر وسط الطوابير لتلقي حبوب الفطور من مركز غذائي مجاني.

لا تريد "روشيل" أن تُقبّل "نواه" لأن زميلتها "رين"، وهي حبيبة ذلك الفتى، ستثور غضباً. لكنها تضطر للقيام بذلك. (يبدو أن "روشيل" و"رين"، أو حتى كاتب السيناريو، لم يفكروا للحظة بأن مضايقة أحد الرفاق بسبب ذهابه إلى مركز مجاني لا تنمّ عن صداقة حقيقية!). تبرز مشكلة أخرى في هذه المشاهد: الموسيقى المستعملة خلال الحفلة. ما سبب العودة إلى أغاني التسعينات؟ إذا كان المراهقون في هذا العصر يسمعون هذا النوع من الأغاني فعلاً، يعني ذلك أنهم يواجهون مشاكل أكبر من سوء علاماتهم في المدرسة.

لكن يتخذ المسلسل منحىً أخطر من Black Mirror الذي صدر منذ ست سنوات للكاتب تشارلي بروكر لأن التطبيق يحمل جوانب جيدة وسيئة في آن. حين تنقطع الكهرباء في منزل "روشيل" وتعجز هذه الأخيرة عن تسديد الفاتورة، ستحصل فجأةً على مبلغ 100 جنيه استرليني. وعندما تتوتر لأنها لا تملك ما ترتديه لحضور الحفلة، تستيقظ في صباح أحد الأيام وتجد ثوباً لامعاً على حبل الغسيل. لن نعرف حقيقة التطبيق حتى تلك المرحلة، لكنه قد يكون شبحاً مستقبلياً لرئيس الوزراء البريطاني الراهن ريشي سوناك، ما يعني أنه يُخفف أزمة كلفة المعيشة عبر خطوات عشوائية ترتكز على مقاربة غير مدروسة وسخاء دافعي الضرائب.

لكن قد تكون الفرضية المتعلقة بسوناك مبالغاً فيها، فنحن نشاهد في بداية المسلسل فتاة تتعرض للتعذيب في إحدى شقق "مانشستر" في عيد الميلاد السابق. يستمر جنون هاتفها وجهاز التلفزيون ومكيّف الهواء في الغرفة مهما كررت عبارة: "أليكسا، أطفئي كل شيء"! تسيطر قوة خبيثة مطلقة على جميع أجهزتها وتُجبرها على القيام بأعمال خطيرة. تنطبق هذه المواصفات على تطبيق "ريد روز" الذي يبدو أقرب إلى رئيسة الوزراء البريطانية السابقة ليز تراس برأي البعض.

بعد الحفلة الصاخبة، تتعرض صداقة "رين" و"روشيل" لاضطرابات إضافية حين يُغيّر التطبيق نصوصه العادية وينتقل إلى نصوص مسيئة. في أحد المشاهد، تُمسِك "روشيل" هاتفها وتشاهد صوراً لوالدتها الميتة. يكتب لها التطبيق: "هي تشتاق إليك". لكن هل هذه هي الحقيقة؟ تتعلق آخر رسالة من تطبيق "ريد روز" إلى "روشيل" في هذه الحلقة الأولى المميزة بتوأم يُفترض أن تجالسه تزامناً مع حضورها لتلك الحفلة الضخمة. تظهر الفتاتان على هاتفها وتتساءلان عن مكان وجودها بنبرة حزينة. ثم تظهر امرأة وراءهما وتقول: "لا تقلقي، أنا سأعتني بهما". تلك المرأة هي أم "روشيل"، وهي تبدو ككائن "زومبي" من مسلسل The Walking Dead (الموتى السائرون). هذا الوضع لا ينذر بأي حدث إيجابي طبعاً.

سبق وشارك صانعا العمل مايكل وبول كلاركسون في مسلسلات رعب، فقد أنتجا مسلسلThe Haunting of Bly Manor (مطاردة بلاي مانور)، لكنهما يقدّمان هذه المرة عملاً أكثر متعة. تقدّم بطلتا القصة "روشيل" (أيزيس هينسوورث) و"رين" (أميليا كلاركسون) أداءً مقنعاً وتجسّدان مشاكل المراهقين بأفضل طريقة، بما في ذلك الفقر، ورعاية الأطفال، وتفكك العائلة، ونزعة الآباء إلى التبذير.

تكشف الحلقات اللاحقة حقيقة تطبيق "ريد روز" والسبب الذي يجعله يسيطر على حياة المراهقتَين. إذا حقق المسلسل النجاح، قد يصدر جزء جديد بعنوان White Rose (وردة بيضاء). قد لا يكون العنوان الأول مجرّد استعارة للدلالة على مساوئ الرأسمالية الحديثة، بل إنه يعكس أيضاً انتقاداً حذقاً للقوى الشيطانية الكامنة وراء السباق المحتدم على قيادة حزب المحافظين في بريطانيا.




MISS 3