جهاز لإنتاج الهيدروجين من مياه البحر غير المُعالَجة

02 : 00

إكتشف العلماء طريقة ذكية لإنتاج الهيدروجين من مياه البحر المالحة مباشرةً. قد يشكّل هذا الإنجاز خطوة أخرى نحو مستقبل مبني على استعمال الطاقة النظيفة إذا ارتكزت هذه العملية على مصادر الطاقة المتجددة.



يقوم الجهاز الجديد ببعض التعديلات الكيماوية في التقنيات المستعملة راهناً، فيسمح باستخراج الهيدروجين من مياه البحر غير المُعالَجة وغير النقية، ما يعني تخفيف المخاوف المرتبطة باستخدام إمدادات المياه الثمينة.

يقول المهندس الكيميائي شي شانغ تشاو من جامعة "أديلايد" في أستراليا: "لقد قسّمنا مياه البحر الطبيعية إلى أكسجين وهيدروجين لإنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق التحليل الكهربائي، فاستعملنا مُحفزاً غير ثمين وقليل الكلفة في مُحلل كهربائي تجاري".

يحاول العلماء منذ عقود تطوير أجهزة لإنتاج الهيدروجين من مياه البحر، لكنهم لم يكفوا عن مواجهة العوائق. عند وضع أيونات الكلور غير المرغوب فيها في المحلل الكهربائي، تقوم باستنزاف المواد المحفّزة التي تهدف إلى إنتاج الهيدروجين وإطلاق عملية تقسيم المياه. كذلك، تتشكل رواسب ضخمة وغير قابلة للذوبان، فتعيق مواقع التفاعل وتكبح الإنتاج على نطاق واسع.

يتجنب النظام الجديد الذي طوّره تشاو وزملاؤه هاتين المشكلتين معاً. يكتب الباحثون في تقريرهم الجديد أنهم وضعوا مادة "لويس" الحمضية فوق سلسلة من محفزات أكسيد الكوبالت الشائعة لتقسيم جزيئات المياه. خلال سلسلة من الاختبارات، قاومت المحفزات المُعدّلة هجوم الكلور ومنعت تشكّل أي رواسب.

يوضح الباحثون: "يمكن تطبيق هذه الاستراتيجية العامة على محفزات مختلفة من دون الحاجة إلى تصاميم ذات هندسة خاصة للمحفزات وأجهزة التحليل الكهربائي".

قد تبدو هذه التجربة واعدة، لكن يُفترض أن تُذكّرنا الجهود المبذولة طوال عقود لتطوير أجهزة تحليل كهربائي لمياه البحر بحجم التحديات المرتقبة لتسويق هذا الابتكار وأي تكنولوجيا أخرى.

يضيف الباحثون: "قد يبدو التحليل الكهربائي لمياه البحر بشكلٍ مباشر، ومن دون عملية التنقية والمضافات الكيماوية، مفهوماً جاذباً جداً، وهو يخضع للأبحاث منذ 40 سنة تقريباً، لكن لا تزال التحديات المرتبطة بهذه التكنولوجيا على مستوى هندسة المحفزات وتصميم الأجهزة مستمرة".

مع ذلك يبقى التقدّم الحاصل مُشجّعاً، وقد يكون هذا الجهاز الجديد جزءاً من محاولات واعدة أخرى لإنتاج الهيدروجين من مياه البحر.

طوّر علماء من الصين وأستراليا مثلاً جهازاً أولياً مُصمّماً كي يطفو على سطح المحيط ويقسم الهيدروجين من مياه البحر عبر استعمال الطاقة الشمسية. ويجري العمل على نموذج أولي آخر لكنه يستعمل مقاربة مختلفة بالكامل، فيجمع المياه من الهواء الرطب قبل استخراج الهيدروجين.

تختلف النماذج الأولية طبعاً عن المقاربات التي تحمل نطاقاً صناعياً، لذا من الأفضل الاتكال على مجموعة مفيدة من الأنظمة المحتملة في خط الأنابيب لتحديد النظام الأكثر فاعلية.

يعمل تشاو وزملاؤه على تطوير نظامهم عبر استخدام محلل كهربائي أكبر حجماً. لكن تتعدد العوامل التي تستطيع تشغيل أي تقنية محتملة أو تعطيلها.

يتوقف تسويق أي عملية من هذا النوع على كلفة المواد، ومدخلات الطاقة، وفاعلية الإنتاج المكثّف، حيث تُحدِث المكاسب البسيطة فرقاً كبيراً في كمية الهيدروجين التي يتم إنتاجها.

كذلك، لا يخلو عنصر الكوبالت المستعمل في محفزات أكسيد المعادن من المشاكل. على غرار أي معدن مستعمل في البطاريات أو الألواح الشمسية، يُفترض أن يتم استخراجه بشكلٍ مستدام ويُعاد تدويره عند الإمكان.

بعد اختبار متانة الابتكار الجديد، يظن تشاو وزملاؤه أن محفزاتهم المُعدّلة تستطيع متابعة عملها. يعطي نظامهم إنتاجية مشابهة للمحلل الكهربائي التجاري، تحت درجة الحرارة المنخفضة نفسها وفي ظروف تشغيلية مماثلة.

لكن فيما يحرز باحثون آخرون تقدماً ثابتاً لتحسين فاعلية أجهزة التحليل الكهربائي التقليدية، تبقى المنافسة بين جميع الأطراف متساوية. نُشرت نتائج البحث في مجلة "طاقة الطبيعة".


MISS 3