جان الفغالي

العيبان وشمخاني المفاوِض نصف المفاوضات

13 آذار 2023

02 : 00

يتفق الخبراء في عِلم المفاوضات، على أنّ اختيار المفاوِض يشكِّل نسبة كبيرة من نجاح العملية التفاوضية أو فشلها، فعند تشكيل الوفود التي ستفاوِض، تُستشف فوراً حظوظ نجاح العملية التفاوضية نظراً إلى الشخصيات التي يتم اختيارها.

شهد العالَم، والمنطقة، على مفاوِضين سُجِّلت أسماؤهم بأحرف من ذهب في سجلّات التفاوض، من بينهم وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر، والديبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي، والموفد الأميركي اللبناني الأصل فيليب حبيب، ورئيس الوفد اللبناني إلى المفاوضات مع إسرائيل عام 1983 السفير أنطوان فتال، وغيرهم كثر من الأسماء اللامعة، ويزخر التاريخ والحاضر بهم.

ما يقود إلى هذه المقاربة، المفاوضات السعودية - الإيرانية التي أفضت إلى اتفاق، برعاية صينية وجهود عراقية وعُمانية. فمَن هما المفاوضان عن السعودية وإيران، اللذان قادا المفاوضات إلى النجاح؟

رئيس الوفد السعودي هو الدكتور مساعِد بن محمد العيبان. مَن هو هذا الرجل الغامض الذي أصبح فجأة في دائرة الضوء؟ هو نجل محمد العيبان أول رئيس لجهاز الاستخبارات السعودية، وبصمَتُه في سجل المخابرات، تكمن في نجاحه في ترسيم الحدود السعودية مع اليمن ومع دول الخليج التي لها حدود مع المملكة، أمّا بصمة نجله، مساعد العيبان، فواضحة في توليه ملف أزمة اليمن العام 2011، والأزمة مع قطر العام 2014.

من الأب إلى الإبن، اليمن اختصاصهما، وطالما أنّ الحرب في اليمن هي بند أول، فإنّ مساعد العيبان هو المفاوِض الطبيعي عن الجانب السعودي.

رئيس الوفد الإيراني المفاوِض لا يقل أهمية عن»زميله» السعودي. علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، الذي يختص بتقرير سياسات الدفاع والأمن القومي الإيراني، قلّة يعرفون أنّه من أصل عربي، فهو ولد في مدينة الأهواز في محافظة خوزستان لأسرة عربية، وهو أول وزير دفاع إيراني يزور المملكة العربية السعودية في العام 1999، منذ الثورة الاسلامية في العام 1979، وحصل على «وسام الملك عبد العزيز آل سعود»، في عهد الملك فهد بن عبد العزيز، لدوره في تحسين العلاقات بين البلدين، ووقع اتفاقية أمنية مع المملكة ما أسهم في تخفيف التوترات بين الخصمين الإقليميين. في المقابِل، علي شمخاني على لائحة العقوبات الأميركية منذ العام 2020.

إذا كان مصير المفاوضات من شخصية المفاوِضين، فإنّ المملكة والجمهورية الإسلامية أحسنتا الاختيار: المملكة «ترتاح» لعلي شمخاني، لأنّ له تاريخاً تفاوضياً معها، والجمهورية الإسلامية تعرف حنكة وحكمة وطول باع مساعد العيبان.

التطوير والإنماء والأزدهار والاستثمار، لا تلتقي مع الحروب، وليس العهد السعودي من «نيوم» إلى»العلا»، إلى مزيدٍ من المشاريع، وكل ذلك لا يلتقي مع حرب مندلعة في خاصرة المملكة، هذا جوهر الاتفاق مع إيران.