الطحالب...مستقبل التغذية المستدامة؟

02 : 00

يقول العلماء منذ سنوات إننا بدأنا نفتقر إلى الأراضي لزراعة المحاصيل وتربية حيوانات المزارع، ما قد يُسبّب مشاكل غذائية مستقبلاً. يستكشف الباحثون اليوم طرقاً مختلفة لزراعة المنتجات المُغذّية واستبدال أنواع لم تعد زراعتها مستدامة. تُعتبر الطحالب جزءاً من الحلّ.



تزامناً مع ارتفاع عدد سكّان العالم، زادت الحاجة إلى الأغذية أيضاً. لكن تكشف الأبحاث أننا بدأنا نفتقر إلى الأراضي الصالحة للزراعة. كذلك، بدأت عوامل التغيّر المناخي، وتكاليف الصيانة، ومشاكل تأمين المياه، تزيد صعوبة تربية المواشي.

بما أن الناس يحتاجون إلى الأكل للبقاء على قيد الحياة، بدأ العلماء يبحثون الآن عن خيارات غذائية بديلة وأكثر استدامة شرط أن تمنح الناس المغذّيات اللازمة للصمود. لهذه الأسباب، يظنّ بعض العلماء أنّ الحلّ يكمن في الطحالب.

الطحالب كائنات بسيطة تعيش طبيعياً في المياه. هي تنمو في جميع أنواع المساحات المائية الطبيعية، سواء أكانت عذبة أم مالحة. على غرار جميع النباتات، تتّكل الطحالب على التركيب الضوئي لإنتاج مغذّياتها الخاصة وإضافة الأوكسجين إلى الهواء والمياه من حولها. لكن على عكس النباتات المائية الأخرى، تفتقر الطحالب إلى الأوراق، أو الجذور، أو الجذوع.

تتراوح أحجامها بين أنواع فائقة الصغر ومستعمرات كبيرة من الأعشاب البحرية. كشفت دراسات سابقة أن مختلف أنواع الطحالب تعطي منافع صحيّة محتملة. تذكر دراسة مثلاً أن الطحالب البحرية الحمراء قد تسهم في معالجة مرض الكبد الدهني، ويكشف بحث آخر أن أخذ طحالب السبيرولينا قد يُخفّض ضغط الدم.

يقول ستيفن مايفيلد، المشرف الرئيسي على دراسة "تطوير الطحالب كمصدر غذائي مستدام"، وأستاذ في علم الأحياء في جامعة كاليفورنيا، سان دييغو، ومدير "مركز كاليفورنيا لتكنولوجيا الطحالب الحيوية": "من الناحية البيوكيماوية، تُعتبر الطحالب غذاءً خارقاً نظراً إلى احتوائها على نسبة كبيرة من البروتينات، والأحماض الدهنية الأساسية، والمعادن، والفيتامينات. يتعلّق جزء من السبب بعدم حاجة الطحالب إلى الجذوع، أو الجذور، أو الأغصان للحفاظ على تماسكها، ما يعني أنها تستعمل كامل طاقتها لتصنيع المزيد من البروتينات والأحماض الدهنية وعناصر أخرى بدل السليلوز".

تقول إيرين ستوكس، مديرة الشركة الصحية "ميغا فود" المتخصّصة بتصنيع مكمّلات الفيتامينات: "يواجه نظامنا الزراعي الراهن مصاعب كبرى بسبب عوامل التغير المناخي وزيادة عدد السكان. تستطيع الطحالب أن تعزل ثاني أكسيد الكربون، ما يجعلها أكثر استدامة على المدى الطويل في القطاع الغذائي. طالما تنمو الطحالب في مياه نظيفة، فستحافظ على مغذّيات كثيرة من دون أن تؤثر في البيئة".

تعليقاً على الموضوع، يقول الدكتور تشارلز غرين، مدير قسم التخطيط البحثي والاستراتيجي في "مختبرات فرايدي هاربور"، في جامعة واشنطن: "يعطي الإنتاج الغذائي المبنيّ على زراعة الطحالب البحرية الدقيقة في منشآت الاستزراع المائي الشاطئية منافع عدة على مستوى الاستدامة البيئية مقارنةً بالزراعة في الأراضي العادية. تسجّل الطحالب الدقيقة معدّلات إنتاج أولية تفوق إنتاجية أكبر محاصيل الأراضي. في ما يخصّ استخدام الأراضي إذاً، تستطيع زراعة الطحالب البحرية الدقيقة في منشآت الاستزراع المائي أن تنتج كمية مساوية من الأغذية عبر استعمال أقل من عِشْر مساحات الأراضي".

قد تبدو زراعة الطحالب كمصدر غذاء بحدّ ذاته عملية بسيطة، لكن تواجه هذه المقاربة حتى الآن بعض التحدّيات، منها قابلية التوسّع. يوضح غرين: "رغم وجود مساحات واسعة من الأراضي التي تحمل مواصفات طوبوغرافية مناسبة وتتعرّض لأشعة الشمس بدرجة ملائمة في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، يُفترض أن تقع منشآت الزراعة على مسافة قريبة من مصادر مياه البحر أو المياه المالحة لتجنّب تكاليف النقل المفرطة".

توضح مونيك ريتشارد، المتحدثة الوطنية باسم "أكاديمية التغذية والحمية": "يمكن إيجاد الطحالب في خيارات تجارية مثل الأعشاب البحرية، ووجبات الأعشاب المجففة، وأوراق نوري، أو على شكل مكمّلات، ومساحيق، ومنتجات بديلة عن اللحوم. حتى أنها موجودة في المنتجات المخمّرة أو الحليب ومشتقاته. كذلك، يمكن استعمال الطحالب لغايات أخرى مثل الطبخ وتصنيع الأغذية. تحمل الطحالب مزايا مثل زيادة سماكة المنتجات أو إعطائها خصائص هلامية ومستحلبة، مثل مقادير الكاراغينان والألجينات والأغار المستخرجة من الطحالب، ويمكن استعمالها لاستبدال عناصر مثل زيت النخيل الذي يعطي آثاراً بيئية مدمّرة وقد يُسبّب مشاكل صحية معاكسة. على صعيد آخر، قد تصبح درجات الألوان المتنوّعة في الطحالب أداة طبيعية لتلوين الحلويات والمشروبات بالأزرق والأخضر".

تعليقاً على المنافع الصحية المحتملة، تقول أليتا مايورغا، رئيسة قسم الأبحاث والتطوير في شركة تغذية الحوامل "نيديد": "يُعتبر حمضا الإيكوسابنتانويك والدوكوساهيكسانويك جزءاً من أحماض الأوميغا 3 الدهنية الأساسية، لكن لا يستهلكهما معظم الناس بكميات مناسبة مع أنهما يعطيان منافع هائلة على مستوى صحة الدماغ، والعيون، والقلب، والأوعية الدموية. أصبحت مكمّلات زيت الطحالب من أفضل الطرق لمساعدة المستهلكين على تحسين الكمية المستهلكة من الأوميغا 3. كذلك، تُعتبر هذه المكمّلات طريقة ممتازة لتلقي مكمّل فيه كميّة متدنّية جداً من المعادن الثقيلة التي تطرح مخاوف معيّنة في بعض زيوت السمك، لا سيما تلك المستخلصة من الأسماك الأكبر حجماً.

أخيراً، يقول الدكتور ويليام سيرز، طبيب أطفال ومؤلّف The Healthy Brain Book (كتاب الدماغ الصحي): "يسهل أن يضيف الناس الطحالب إلى حميتهم الغذائية من خلال أخذ المكملات المستخلصة منها. هو يوصي تحديداً بحمضَي الإيكوسابنتانويك والدوكوساهيكسانويك المستخرجَين من الطحالب، وأستازانتين هاواي، والسبيرولينا من هاواي. وبما أن الطحالب تحتوي على كمية كبيرة من المغذيات في كل سعرة حراريّة، وتنمو في الطبيعة، وتفيد الصحة، وتحافظ على سلامة كوكب الأرض، هي تستحقّ وضعها في خانة "الأغذية الطبيعية الخارقة"".