كويكب "ريوغو"... جزيئات أساسية للحياة

02 : 00

تتواصل الجهود الحثيثة لتحديد الخصائص الكيماوية لعيّنة من أكثر الكويكبات بدائية التي وصلت إلى المختبر يوماً، وهي تكشف وجود مجموعة من الجزيئات العضوية وتطرح أدلة تثبت صحة نظريات مفادها أن جذور علم الأحياء تعود في الأصل إلى الفضاء.



مرّت أكثر من سنتين منذ أن نُقِلت مواد من سطح كويكب "ريوغو" إلى كوكب الأرض داخل كبسولة مُغلقة بإحكام. منذ ذلك الحين، يسعى باحثون من جميع أنحاء العالم إلى دراسة تركيبتها لفهم مدى تطابقها مع تطور نظامنا الشمسي.

تؤكد أحدث النتائج وجود رابط بين عناصر كربونية تقع في نيازك حجرية من نوع "كوندريت" وكانت قد اصطدمت بسطح الأرض، وتكشف الخصائص الكيماوية للكويكبات التي تشتق منها.

من خلال استكشاف نقاط التشابه والاختلافات بين عيّنات "ريوغو" ونيازك "كوندريت" الكربونية على كوكب الأرض، يستطيع العلماء أن يلقوا نظرة مختلفة على النيازك. بعبارة أخرى، تسمح عينات الكويكبات بالتأكيد على النظريات المشتقة من الكميات الضئيلة التي وصلت إلى سطح الأرض بعد اضطراب وجيز عبر الغلاف الجوي.

يقول عالِم الكيمياء والكون لاري نيتلر من جامعة ولاية أريزونا: "كشفت التحليلات السابقة وجود جزيئات عضوية داخل الكوندريت الكربوني. لكننا عجزنا حتى الفترة الأخيرة عن التأكد من اختلاف هذه المقذوفات البدائية عن تلك الموجودة على الكوكيبات. يشير بحثنا المرتبط بعيّنات "ريوغو" إلى أول رابط مباشر بين المواد العضوية الموجودة في الكوندريت وتلك التي تشملها الكويكبات".

غالباً ما تُعرَف الجزيئات المُكتشفة حديثاً باللبنات الأساسية للحياة نظراً إلى دورها في بث الحياة، وهي تشمل أنواعاً عدة من الأحماض الأمينية التي تندمج لإنتاج بروتينات تتكل عليها الكائنات الحية للصمود.

تدعم النتائج الجديدة الفكرة القائلة إن العناصر الضرورية لبث الحياة تشتق من كوكبنا وتتخذ شكلاً معقداً عن طريق الاصطدام بالكويكبات. لا تزال طريقة اندماج هذا الغبار العضوي مع نوع من الكيمياء المتكررة محط جدل، لكنّ معرفة الفضاء تضمن الظروف المناسبة لإنتاج عدد كبير من المركّبات المهمة، وتشكّل هذه الخطوة بداية واعدة لمساعدة العلماء على متابعة استكشاف الموضوع.

بما أن هذه الكويكبات تنجم عن حقبة تَشكّل النظام الشمسي منذ 4 مليارات سنة ونصف تقريباً، قد تمنحنا معلومات كثيرة عن أولى لحظات نشوء كوكب الأرض.

وبفضل مؤشرات كيماوية محددة، منها كمية المياه، يستطيع العلماء أن يحاولوا تحديد مكان وزمان نشوء كويكب "ريوغو"، ما يمنحنا لمحة عن الظروف السائدة في مرحلة معينة من تطور النظام الشمسي.

يقول خبير الكيمياء الأرضية، جورج كودي، من "معهد كارنيغي للعلوم" في العاصمة واشنطن: "يبدو أن جزءاً من المواد العضوية في عينات "ريوغو" على الأقل يسبق تشكّل الشمس وقد ظهر في ظروف بالغة البرودة".

تكشف الدراسات الجديدة منافع المسابر التي تجمع المواد من الكويكبات، على غرار المركبة الفضائية "هايابوسا 2" التي استخرجت الصخور من "ريوغو". لكن على عكس عينات النيازك، لم يتأثر هذا الغبار والصخر بعوامل الغلاف الجوي أثناء التعرّض للتربة والماء والهواء.

كذلك، تبقى محاولة تحليل الكويكبات في الفضاء عملية شائكة، فهي تتحرك بسرعة فائقة وتعكس القليل من الضوء، ما يعني تراجع المؤشرات التي تستطيع الأدوات جمعها. في المختبر، يمكن تخصيص المزيد من الوقت والجهود لاستخراج البيانات من تلك المواد.

في النهاية، يستنتج كودي: "في الماضي، كانت أبحاثنا تقتصر على دراسة الصخور الفضائية التي تصل إلينا عبر الاصطدام بالأرض. لكن بفضل مركبة "هايابوسا 2"، تمكّنا أخيراً من استكشاف كويكب غني بالكربون ومقارنته بالنيازك التي تصل إلى الأرض".


MISS 3