محمد دهشة

"ثورة الجياع" مسيرة غضب في صيدا... ولقاء بين "الحريري" و"الجماعة" يطوي "القطيعة"

25 شباط 2020

03 : 30

مسيرة "ثورة الجياع" في صيدا

"الى متى سيصبر الشعب؟"، سؤال طرحه "حراك صيدا" الشعبي، على وقع الازمات المتلاحقة التي تطارد ابناء المدينة ومنطقتها، بدءاً من الانهيار الاقتصادي والضائقة المعيشية والغلاء، مرورا بالقلق المشروع من التهديد بالاضراب من أصحاب الافران ومحطات الوقود نتيجة التلاعب بسعر صرف الدولار الاميركي، وصولاً الى الهلع من انتشار "فيروس كورونا" الذي "ملأ الدنيا وشغل الناس" بمتابعة تفاصيل تمدده بين الدول وسبل الوقاية منه.

وأبلغت مصادر "حراك صيدا" "نداء الوطن"، أن هذه الأزمات المتلاحقة تتطلب اليوم أكثر من أي وقت مضى، إعادة تفعيل التحركات الاحتجاجية من أجل استمرار مواجهة "الفساد المستشري" في مختلف نواحي الحياة، والتي تبدأ من التصدي لـ "الشائعات المغرضة" وغير المسؤولة، في اثارة الهلع والقلق من انتشار "فيروس كورونا"، وسط شعور متزايد في اوساطه باتجاهين" الاول: أن الهدف من التهويل هو إلهاء الساحات بهذه الازمة لوقف تحركاتها وحرف الاهتمام عن اهدافها المحقة في وقف الفساد والهدر واستعادة الاموال المنهوبة، والثاني: التغطية على اي تقصير للسلطات الرسمية في اتخاذ اجراءات وقائية عملية للتصدي له.

ثورة الجياع

وترجمة لهذه القناعة، وفي خضم هذه الانشغالات، حرص "حراك صيدا" على تنظيم مسيرة جماهيرية تحت شعار "ثورة الجياع"، انطلقت من "ساحة الثورة" عند "تقاطع ايليا"، وسط إجراءات أمنية للجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي، حيث جابت شوارع المدينة، وهي ترفع لافتات تندد بالفساد، مؤكدة أنّ "انتفاضة الحياة مستمرة".

وفيما تعتبر المسيرة هي الثالثة في غضون أسبوع واحد، الى جانب وقفات احتجاجية امام فرع مصرف لبنان، على اعتباره المسؤول عن سياسة الانهيار المالي والتلاعب بسعر صرف الدولار الذي بات بثلاثة أسعار: الرسمي 1515، نقابة الصيارفة 2000، وفي السوق السوداء نحو 2450 ليرة لبنانية، كان اللافت مشاركة مجموعات من حراك النبطية.

والى جانب المسيرة، نظمت "مجموعات الحراك" عدة نشاطات في "الخيم المفتوحة" في حديقة "الناتوت" في "ساحة الثورة"، ابرزها اللقاء الحواري مع رئيس "بيت الاسرى" الاسير المحرر والناشط في "الحراك" الشيخ يوسف مسلماني، حول "صيدا الثورة بين الماضي والحاضر"، حيث أكد محورية دور صيدا الوطني في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي والفساد من دون الاستسلام.

كما نظمت "الرعاية" في ديوانيتها الاسبوعية ندوة بعنوان "المشهد اللبناني بعد 17 تشرين: الاسباب والحلول"، تحدث فيها الزميل قاسم قصير عن المتغيرات التي رافقت الحياة اللبنانية السياسية والاجتماعية والاقتصادية بعد "ثورة الانتفاضة" التي اندلعت شرارتها في 17 تشرين الاول من العام الماضي.

وعلى وقع التحركات الاحتجاجية الشعبية، واصلت "الجماعة الاسلامية" زياراتها السياسية للقوى الصيداوية، بهدف اعادة الحرارة الى العلاقات الثنائية ووصل ما انقطع على خلفية التنافس في الانتخابات النيابية في ايار من العام 2018، والتقى وفد منها برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي في لبنان الدكتور بسام حمود، النائبة بهية الحريري في دارتها في مجدليون، بحضور منسق عام تيار "المستقبل" في الجنوب الدكتور ناصر حمود ورئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف والمحامي حسن شمس الدين وعدنان الزيباوي، وذلك بعد ايام قليلة على لقاء جمعها مع الامين العام لـ "التنظيم الشعبي الناصري" النائب الدكتور اسامة سعد، وفي كلا الزيارتين مناسبتان الاولى ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، والثانية ذكرى اغتيال المناضل الوطني معروف سعد في شباط 1975 (استشهد بعد ايام في 6 آذار 1975).

وكان ممثل "الجماعة الاسلامية" حمود، قد خاض الانتخابات النيابية تحالفا مع الدكتور عبد الرحمن البزري في صيدا و"التيار الوطني الحر" في جزين، في وجه تيار "المستقبل" الذي خاض المعركة منفرداً، وفي وجه تحالف النائبين "سعد وابراهيم عازار"، المدعومين من "حزب الله" وحركة "أمل"، وانعكست فتوراً وقطيعة في العلاقات الثنائية.

وفق "البيان" الصادر عن الاجتماع، بقي طابعه عاماً ولم يتجاوز العموميات من دون مقاربة المسائل العالقة او الاسباب التي أدت الى تلك القطيعة، حيث توقف المجتمعون بداية عند الذكرى الخامسة عشرة لإستشهاد الرئيس رفيق الحريري، مستحضرين مواقفه وانجازاته وكم يفتقده لبنان، خاصة في ظل الظروف الدقيقة والصعبة التي تمر بها البلاد، إضافة الى الأوضاع الراهنة على الصعيد الوطني في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية التي تفاقم من حجم المشكلات المعيشية والحياتية للمواطنين وفي انعكاسها بشكل خاص على مدينة صيدا، وأكدوا وقوفهم الى جانب المطالب المحقة للشعب اللبناني، آملين أن يتمكن لبنان من اجتياز هذه الأزمة الى بر الأمان الاقتصادي بما يحقق تطلعات ابنائه في العدالة الاجتماعية والعيش الكريم.

وبين الحراك السياسي والشعبي، واكب أبناء المدينة تطورات فيروس "كورونا" وسط استمرار الاجراءات الوقائية لمنع انتشاره سواء في الجامعات أو المستشفيات او المدارس التي حرصت بعض اداراتها على تعقيم الطاولات والكراسي والعاب رياض الاطفال، فيما وجهت بلدية صيدا دعوة لعقد لقاء طارئ لهيئات المجتمع المدني والهيئات الرسمية للبحث في تداعياته وسبل الوقاية منه مساء اليوم الثلاثاء في القصر البلدي.

وفيما فقد ابناء المدينة الثقة بالاجراءات الرسمية، تهافتوا على شراء "الكمامات" و"العوازل" و"مواد التعقيم"، فيما كان اللافت الاقبال على شراء "الشراب الساخن"، وخاصة "اليانسون والزنجبيل"، في اطار "الطب البديل" لتقوية المناعة والتصدي للضيف الثقيل غير المرحب به في لبنان.