تحذير أممي من "حمّام دم" في سوريا

"النظام" يُواصل تقدّمه وسط معارك طاحنة

10 : 18

مقاتلون سوريّون موالون لأنقرة يتوجّهون إلى جبهات القتال في إدلب أمس (أ ف ب)

تتواصل الاشتباكات الضارية على محاور عدّة في ريفَيْ إدلب الشرقي والجنوبي، إذ لا تزال القوّات التركيّة والفصائل السوريّة الموالية لها مصمّمة على استكمال هجومها العنيف على بلدة النيرب في ريف إدلب الشرقي، وسط استمرار القصف البرّي التركي الكثيف، حسبما أفاد "المرصد السوري"، الذي أشار إلى تقدّمهم داخل البلدة والسيطرة على أجزاء منها، بينما تتقدّم قوّات النظام على أكثر من محور آخر في إدلب.

وفي هذا الصدد، أفادت وكالة "سانا" بأنّ جيش النظام سيطر على قرى معرّة حرمة ومعرزيتا وجبالا، في ريف إدلب، فيما أعلنت القوّات السوريّة صباح أمس استعادة السيطرة على عدد من قرى ريف إدلب الجنوبي، مؤكدةً "تحرير" قرى الشيخ مصطفى والنقير وكفر سجنة وأرينبة وسطوح الدير، بعد معارك عنيفة مع "المجموعات المسلّحة". كما أشارت "سانا" إلى أن وحدات الجيش سيطرت على قريتَيْ أرينبة وسطوح الدير في ريف إدلب الجنوبي، لافتةً أيضاً إلى أنّها تتقدّم في اتجاه دير سنبل وترملا. وتأتي هذه التطوّرات غداة سيطرة جيش النظام السوري على قريتَيْ الشيخ دامس وحنتوتين في جنوب غربي وشمال غربي معرّة النعمان في ريف إدلب الجنوبي.

من ناحيته، أفاد "المرصد السوري" عن شنّ دمشق وحليفتها موسكو عشرات الغارات على منطقة جبل الزاوية في جنوب إدلب، حيث أوقعت غارات روسيّة 5 قتلى مدنيين. وأورد المرصد كذلك أن "قوّات النظام حقّقت تقدّماً خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية بسيطرتها على عدد من القرى غرب مدينة معرة النعمان"، التي استولت قوّات النظام عليها نهاية الشهر الماضي. كما تقع جنوب طريق دولي يُعرف باسم "إم فور"، يربط محافظة اللاذقيّة الساحليّة بمدينة حلب، إذ تسعى قوّات النظام إلى السيطرة على جزء من هذا الطريق الذي يمرّ في إدلب، تمهيداً لإعادة فتحه وضمان أمن المناطق المحيطة به.

وأوضح المرصد أن "قوّات النظام تُواصل تقدّمها جنوب إدلب وتُسيطر على 10 بلدات وقرى في أقلّ من 24 ساعة". وبعد ضمانها الشهر الحالي أمن مدينة حلب وإبعاد مقاتلي "هيئة تحرير الشام" والفصائل المعارضة عن محيطها، وسيطرتها على كامل الطريق الذي يربط المدينة بدمشق جنوباً، تُركّز قوّات النظام عمليّاتها في منطقة جبل الزاوية. ولتحقيق هدفها بإبعاد الفصائل المقاتلة عن طريق "إم فور"، يتعيّن على قوّات النظام "شنّ هجمات على مدينتَيْ أريحا وجسر الشغور".

ووثّق "المرصد السوري" مزيداً من الخسائر البشريّة جرّاء القصف والاشتباكات في ريفَيْ إدلب الشرقي والجنوبي، حيث قُتِلَ 21 عنصراً من قوّات النظام والميليشيات الموالية لها، فيما قُتِلَ 27 مقاتلاً من الفصائل والجهاديين، بينهم 18 بالقصف الجوّي الروسي، بينما وردت معلومات عن سقوط قتلى وجرحى من الروس جرّاء استهداف مواقع لهم في محور حنتوتين.

ومع سقوط المزيد من الخسائر البشريّة الفادحة بين طرفَيْ النزاع الدموي منذ مساء 24 كانون الثاني، يرتفع عدد قتلى قوّات النظام والميليشيات الموالية لها إلى 633، بينهم 18 من "الميليشيات الأجنبيّة الموالية لإيران"، بينما يرتفع عدد المناوئين للنظام الذين قُتِلوا إلى 725 مقاتلاً، بينهم 547 من المجموعات الجهاديّة، وفق المرصد.

تزامناً، دخل رتل عسكري تركي من معبر كفرلوسين الحدودي مع "لواء إسكندرون" بالأمس ويتألّف من أكثر من 100 آليّة عسكريّة تضمّ آليّات ثقيلة ودبّابات، وتوجّهت نحو النقاط التركيّة المنتشرة في ريف إدلب، بحسب المرصد. وبذلك، يرتفع عدد الشاحنات والآليّات العسكريّة التي وصلت إلى منطقة "خفض التصعيد" خلال الفترة الممتدّة من الثاني من شباط الحالي وحتّى يوم أمس، إلى أكثر من 2865 شاحنة وآليّة عسكريّة تركيّة دخلت الأراضي السوريّة، تحمل دبّابات وناقلات جند ومدرّعات و"كبائن حراسة" متنقّلة مضادة للرصاص ورادارات عسكريّة، فيما بلغ عدد الجنود الأتراك الذين انتشروا في إدلب وحلب خلال تلك الفترة أكثر من 7700 جندي تركي.

سياسيّاً، كشف وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف أن موسكو وأنقرة تُحضّران لجولة مشاورات جديدة حول الوضع في محافظة إدلب، وأعرب خلال تصريح صحافي عن أمل موسكو في أن تُساعد المشاورات المقبلة في توصّل البلدَيْن إلى اتفاق حول آليّات عمل منطقة "خفض التصعيد" في إدلب، "حتّى لا يتصرّف الإرهابيّون هناك كما يحلو لهم".

وشدّد الوزير الروسي على تمسّك موسكو بموقفها الصارم إزاء وجود "المجموعات الإرهابيّة" في إدلب، وفي مقدّمها منظّمة "هيئة تحرير الشام"، التي تُهيمن على الفصائل المسلّحة العاملة هناك، مؤكداً أن بلاده ستعترض قطعيّاً على أي "محاولات لتبرئة الإرهابيين الذين تمّ تصنيفهم من قبل مجلس الأمن الدولي بالإرهاب". ولفت إلى أن "الإرهابيين هاجموا مراراً المواقع الروسيّة والسوريّة والمنشآت المدنيّة من أماكن تموضع نقاط المراقبة التركيّة"، في وقت أعلن "مركز المصالحة الروسي" في سوريا "حميميم" أن العسكريين الأتراك استأنفوا الدوريّات المشتركة مع نظرائهم الروس شمالي سوريا.

إنسانيّاً، حذّرت الأمم المتحدة من أن القتال في شمال غربي سوريا سيُصبح "قريباً بشكل خطر" من أماكن تأوي نحو مليون نازح، ما يُشكّل خطراً وشيكاً بحدوث "حمام دم حقيقي". وأشار نائب المنسّق الأممي للشؤون الإقليميّة للأزمة السوريّة مارك كاتس إلى أنّ "الأمم المتحدة تُحاول مضاعفة شحنات المساعدات عبر الحدود من تركيا، من 50 إلى 100 شاحنة يوميّاً".

وأوضح للصحافيين في جنيف أنّه نتيجة للتصعيد، فقد رفعت الأمم المتحدة مناشداتها لتمويل المساعدات للأزمة من 330 إلى 500 مليون دولار، لافتاً إلى أن هناك نقصاً بنحو 370 مليون دولار. كما أشار إلى أن المنظّمة الدوليّة أرسلت 1200 شاحنة مساعدة إلى المنطقة في كانون الثاني، وأرسلت 700 شاحنة أخرى حتّى هذا الوقت من شباط. وقال: "الحقيقة أن هذا ليس كافياً، فنحن بالكاد نستطيع تلبية احتياجات الناس من الحصص الغذائيّة الأكثر الحاحاً، وكذلك الخيم والبطانيات واحتياجات الشتاء". وذكر أن عمّال الاغاثة يتحمّلون "عبئاً ثقيلاً"، مشيراً إلى أنّه جرى نهب عدد من المخازن، وموضحاً أن القتال أدّى إلى إلحاق ضرر بنحو 77 مستشفى وغيرها من المرافق الطبّية.


MISS 3