جيمي الزاخم

مذيعات على الهواء منذ أكثر من 20 عاماً:تجدّدٌ يُحيي؟ أو روتين يقتل؟

16 آذار 2023

02 : 00

في حلقتنا «الصحافية» اليوم، سنجلس قبالة ميكرو الإذاعة. ونستمع إلى ثلاثة أصوات لمذيعات تخطّت مسيرتهنّ الربع قرن. بعضكم يتابعهنّ باستمرار، وربّما لا! إستمع إلى حلقات برامجهنّ وهو يصلح سيارته في «الكاراج» عند عودته من عمله وهو «مطموز» من المدير لعدم موافقته على «الزّودة» بعد انتهائه من مرافعته في المحكمة أو عند زيارته معرض كتاب، يخرج منه خاوي اليدين، لخواء الجيبين... أو ربّما تكون من جيل آخر يمانع الإذاعة. شاهد حلقاتهنّ على مواقع التواصل بين خبر زلزال، وموقع يدعو زوّاره إلى مشاهدة فيديو قبل حذفه.

من "صوت الشعب"، إلى "لبنان الحرّ"، مروراً بـِ"صوت فان"، سيارة "نداء الوطن" تُقلّ فاتن حموي، وفاء الشدياق وهلا حداد. يُخبرن السائق كيف "نجّدوا" مقاعدهنّ وبرامجهنّ الإذاعية. الروتين تغلغل؟ أين يُشمّسن حماسَهن؟ النبرة تتأثّر؟ الأولويات تتغيّر؟






"حوار فاتن" مع فاتن حموي

برنامجها حمل اسمها مذ ما يُقارب العشرين عاماً. كل خميس ضيف في استوديو "صوت الشعب". على الطاولة، كوب ماء وكوب أسئلة. "الروتين لا يتغلغل مع برنامج قائم على الضيف". هي "تعيش" معه أثناء إعداد الحلقة. تدخل إلى عوالمه. تُجري صورة شعاعية لنُخاع إنتاجاته وحياته. تستمتع وتستفيد.

تُدرك حموي أرضيّة هذا العصر. لا تقف بشغفها عند زمن "روان خالد"، اسمها المستعار الذي أطلّت به على مستمعيها في التسعينات. تأخذ من السنوات ما يُنضج ويُثمر لتُطوّر. "كل يوم بحبّ إتعلّم شي جديد". تغربل ضيوفها: "ما بدي إستضيف حدا بس ليتابعوني الناس". هي تُحاور لتُغني. لا تدّعي رسوليّة الإعلام. لكنّ الأنا لا تُتمّ جدواها إلا ضمن الـ"نحن". لا يقنعها من يجمع ثقافة ذاتية لا يُوظّفها لتحفيز الآخر. فكلّ من مكانه "وخاصة الإعلام لازم يشتغل ع نهضة الإنسان والبلد".

فتحسم أن الوعي يصنع الوطن. الفكرة سكبتها في عبارتها الختامية لكلّ حلقة: "فلننشر الوعي، لنصبح على وطن". ففي بدايات البرنامج، قرّرت أن يكون الختام مع أغنية "تُصبحون على وطن" لمارسيل خليفة، التي كان يطلبها المستمعون دوماً خلال برنامجها "سهريّة" (ستُعيده إلى الأثير). لكنّها سألت نفسها: "شو عم قلّن للعالم؟... ما حدا بينام وبيقوم، بيلاقي وطن". فنشر الوعي، أو محاولة نشره، قد يحوّله وعياً جماعيّاً يُنهض ويبني.





وفاء الشدياق و"نجوم الضهر"

قبل أن تنتصف التسعينات، بدأت وفاء الشدياق نهارها الإذاعي بـِ»نجوم الضهر» عبر أثير إذاعة «لبنان الحرّ». تغيّر مهندسو الصوت، «الجنغل»، الديكور. بقيت هي والاسم، وموعد ثابت كل ثلثاء الساعة الثالثة. برأيها، هواء البرنامج الفنّي يرطّب دائماً. يُنعَش بالمُواكبة الدائمة لكلّ إنتاج أو إصدار جديد. التطوّر يتولّد أيضاً من المستوى النوعيّ للضيوف. ينقلون تجاربهم وآراءهم عبر أثير الإذاعة، التي تجزم شدياق أنها لا تبهت.

ما إن تدخل الستوديو وتغلق بابه، توصد بابها على كلّ السلبية المتأتّية من ظرف خاصّ أو جوّ عامّ وأخبار كارثيّة قرأتها في نشرة الظهيرة، قبل دقائق من بدء برنامجها. «أفصل لأدخل إلى عوالم الضيف، وأحترمه. فلا هو ولا المتلقي مسؤولان عن زعلي».

لا تندم على قراراتها. متفاخرة، تصف نفسها بالمُكتفية مهنيّاً. «أدّيتُ واجبي المهنيّ بالمجالين السياسي والفنّي. وأجدتُهما». هذا عن الأمس القريب والبعيد. نسألها وسط كل هذا التلبّد عن»بكرا» وشمسه. تُجيبنا كأنها تلمسها، بعلاقتها مع دواخلها: «بخطّطلو، بحلم ببكرا. والبكرا اللي هلّق عم فكّر فيه، رح يكون حقيقة».





"كل يوم بيومو" مع هلا حدّاد

«كل يوم بيومو» تغسل هلا حداد وجهها ويغتسل برنامجها «كل يوم بيومو» الذي يُبثّ، منذ بداية الألفيّة، عبر أثير «صوت فان». في بلـــدٍ «ما في يوم بيشبـــه التاني»، تشبّه عملها بقراءة كتاب يوميّ مع المستمعين. الإعلامي»مش وظيفة، هو أهمّ بكتير، هو مرتبط بالمنفعة العامّة». تؤمن أن التطوّر هو الإنسان أوّلاً. تواكب نضوجه الفكريّ مع ضيوفها. «مع السنين، العلاقات بُنيت على ثقة. الضيف يلاقيك عند منتصف الطريق».

جيل الأوفياء هم من شريحة ما فوق الثلاثين.»بيعرفوني وبيعرفوا مواضيعي... في وحدة حال بيناتنا». فهي تعترف «إنو ما في مراهق أو شاب قادر ان يسمع مقابلة طويلة، إلا إذا كانت تعني له، في العالم التكنولوجيّ - الرقميّ». هذا العالم يُدخل اسم الإعلاميّ ومادّته إلى جمهور أوسع في الخارج، بعدما كان الأثير محصوراً بالمحليّ.

منذ الحرب إلى اليوم، مرّت أشواكٌ على جبينها. جراحاتها أنضجتها. أوصلتها إلى خلاصة «لشو تَ نعيش تَ نعبّي مصاري؟ نجاحات؟ شهرة؟ خلافات؟...ما في شي بيحرز بهالدّني ... لازم يكون عنّا رسالة لو قدّ ما كانت بسيطة». هذه البساطة أدركتها أيضاً مع السنوات. فتعيش معنى ومضمون اسم برنامجها «كل يوم بيومو».






التأزّم الإقتصادي يُنعس الأداء الإعلاميّ فيدخل غرفته وينام؟

هلا حداد: "عيب إذا الإعلامي معاشو مش منيح يطلع ع الهوا يحكي شو ما كان... والإذاعة مش مقصّرة... لكن لو طلبوا مني شيئاً إضافيّاً بهالظرف، ما بقول لأ... لازم وقت الضعف نساعد بعض". نظرتها تربطها بالوضع العامّ: "لو لبنان بضعفه، ناسه وقفوا معه، وأغنياؤه ما هرّبوا المصاري، كنّا بألف خير".

فاتن حموي: "ولا مرّة قدرت عيش من الإذاعة". موارد "صوت الشعب" محدودة. تتقاطع مع أفكارها ومبادئها وتاريخها. "لكن أنا حتى ضلّ حرّة، بشتغل أكتر من شغلة. هيك بعيش وبكمّل وبعطي بنفس الطاقة".


وفاء الشدياق: "المدخول مهمّ للاستمرارية ولكن الأهمّ العمل ضمن عائلة إذاعية" تؤمن بها وبخطّها. اسمها واسم الإذاعة تربطهما ببعضهما وحدة حال وهواء ومصير. و"أنا مش موظفة أؤدي عملي 1+1. وهنا في جمهور أتوجّه له".


MISS 3