فادي سمعان

هيدا رأيي

الأمنُ الرياضيّ أيضاً من المسلَّمات

18 آذار 2023

02 : 01

الشغبُ في الملاعب اللبنانية ليس غريباً أو ظاهرة عرضية عابرة، بل هو عادة قديمة تتكرّر من وقتٍ لآخر، إلا أنّ تفاعلها وتفاقمها في السنوات الأخيرة بلغا ذروتهما ووصلا الى حدّ لا يُطاق بعدما تخطيا الخطوط الحمراء.



في الأساس الشغب موجودٌ حتى في ملاعب الدول الراقية، لكن شتّان ما بين الصورة التي تتظهّر في ملاعبنا والصورة هناك، فالقصّة لا تتوقف على عملية التراشق بزجاجات المياه وتحطيم الكراسي على المدرّجات، أو بهتافات مسيئة خارجة عن المألوف، بل إنها تتخطى كلّ المفاهيم الرياضية والاخلاقية، وهذا عائد في الدرجة الأولى الى الاحتقان السياسي والطائفي والمعيشيّ المتفشّي في الشارع، والذي يلعب دوره الكبير في تأجيج الصراع في الملاعب، بحيث إنّ كلّ جمهور "يفشّ خلقه" على طريقته، عبر إطلاق الشعارات السياسية والدينية والحزبية تحت غطاء التشجيع ومؤازرة ناديه.



نعم إنها القنبلة الموقوتة التي تهدّد الوسط الرياضي برمّته، فأعمال الشغب الخطيرة التي شهدتها المباراة الأخيرة بين الأنصار والعهد في جونية، وقبلها العديد من الفوضى المماثلة في ملاعب كرة السلة خلال نهائيات البطولة والكأس في الموسم الفائت وقبلها وقبلها، كلها مساراتٌ تثبتُ بأنّ القصّة أكبر من طابة، بل هي نتيجة الفلتان المستشري وإنعكاس الواقع السياسي والاجتماعي والمناطقي المزري على ايّ لعبة رياضية جماعية أو فردية.



إنّ العقوبات الاتحادية المالية وقرار منع الجمهور من الحضور الى الملاعب لم يعطيا ثمارهما حتى الآن، ولم يردعا المشاغبين "الموتورين"، من هنا تبقى المسؤولية مشتركة بين الإتحادات التي يجب أن تكون العين الساهرة على ألعابها، وبين الأندية التي عليها أن تراجع حساباتها وتنظّم روابطها وتنقّي مشجّعيها، وبين الدولة المتمثلة بالوزارات المختصّة والمعنية مباشرة بمحاسبة ايّ مخلّ بالأمن ولعب دور حاسم لجهة إتخاذ الاجرات القانونية اللازمة، لأنّ القانون يبقى هو السلطة التي تردع المعتدين والعابثين وتمنعهم من تحقيق مرادهم، شرط ان يكون التعاطي جدّياً ومن دون أي تدخّلات أو وساطات، لكي يكونوا عبرة لكلّ من تسوّل له نفسه العبث بالأمن الرياضيّ الذي لا يقلّ خطورة عن الأمن السياسيّ أو الأمن العسكريّ.


MISS 3