احتفال في السراي في اليوم العالمي للفرنكوفونية

12 : 27

رعى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السراي الحكومي اليوم الثلثاء احتفالاً في اليوم العالمي للفرنكوفونية وذكرى مرور خمسين عاماً على انضمام لبنان الى المنطمة الفرنكوفونية، بدعوة من وزير الثقافة محمد وسام وسام مرتضى والمنطمة الفرنكوفونية.


حضر الاحتفال وزير الاعلام زياد مكاري، الثقافة محمد مرتضى، السياحة وليد نصار، النائبان فريد البستاني وسيمون ابي رميا وسفراء فرنسا آن غريو والمغرب محمد كرين، وتونس بوراي لمام وشخصيات.


بداية تحدث ممثل المنظمة الفرنكوفونية للشرق الاوسط ليفان اميرجيان فقال: "يحتفل اليوم العالمي للفرنكوفونية هذا العام بالإبداع الثقافي الفرنكوفوني وتنوعه الثقافي. يجسد لبنان بشكل رائع هذا التنوع اللغوي والثقافي، وهذه هي هوية لبنان، وتفرده في المنطقة. يجب أن يظل هذا التنوع قوته، ويحب العمل بسرعة على التوصل الى الحل الذي يضمن له الاستقرار المؤسسي والسياسي والاقتصادي".


وقال رئيس مجموعة السفراء الناطقين باللغة الفرنسية في لبنان سفير تونس في لبنان في كلمته: "اتوجه بالتهاني باسم زملائي السفراء الناطقين باللغة الفرنسية الى الشعب والحكومة اللبنانية، واتمنى ان يستمر لبنان بدوره الريادي على الساحة الفرنكوفونية ان افتتاح مكتب الفرنكوفونية للشرق الاوسط في لبنان في تشرين الاول الماضي هو تعبير عن موقع لبنان كعاصمة فرنكوفونية في المنطقة".


بدوره رأى وزير الاعلام أن "المناسبة تكتسب هذا العام أهمّية خاصة حيث تتزامن مع إعلان بيروت "عاصمة الإعلام العربي لعام 2022ومع ذلك، فإن الاعلام في لبنان له أيضاً ابعاد فرنسية. ولهذا السبب أرتقي اليوم لأسلط الضوء على ثلاث نقاط مهمة:




أولاً، اسمحوا لي أن أذكركم بأن وسائل الإعلام الناطقة بالفرنسية لا تبلغ من العمر 50 عامًا فقط: في الواقع، منذ عام 1907، ولدت أول دورية بالفرنسية، "Correspondant d'Orient"؛ تلاه في عام 1909 إصداران آخران: "La Liberté" و"Le Réveil" بعد ذلك بقليل، تأسست "L'Orient" في بيروت عام 1924 على يد غبريال خباز وجورج نقاش و"Le Jour" عام 1934 على يد ميشيل شيحا: اندمجت هاتان الصحيفتان اليوميتان في 15 حزيران 1971 لتولد "لوريان - اليوم" عنوان عزيز علينا جميعاً.


ومن ثم، من المهم عدم تجاهل التقرير الحالي المحزن عن تقليص وسائل الإعلام التي رافقت وعززت مسار عمل الفرانكفونية اللبنانية. ولسوء الحظ، اختفت صحف يومية وأسبوعية وشهرية عدة. في حين أن الاعلام الناطق بالفرنسية لأجهزة التلفزيون والراديو المحلية أصبحت نادرة بشكل متزايد. لذلك نأمل أن تجعل رغبة وزارة الإعلام في جعل إعادة تنظيم هياكلها وبرامجها باللغة الفرنسية إحدى أولوياتها، بالتعاون مع السلطات الفرنسية و اللبنانية، مما يجعل من الممكن رد الدور لتيلي لبنان وإذاعة لبنان الذي لعبته في ذروة البث باللغة الفرنسية".


وأمل في أن "ينضم القطاع الخاص، الذي أبدى دائماً مقاومة ثقافية وقدرة على التكيف مع التقنيات الجديدة، إلى هذه الحركة من أجل تجديد وإدامة الإعلام اللبناني الناطق بالفرنسية".


وأكد أن "لبنان يفتخر بانضمامه الى الفرنكوفونية، هذا الفضاء من التنوع والتضامن حول القيم التي تحترم حقوق الإنسان والديمقراطية والتسامح في مواجهة خطاب الكراهية والاختلافات".


أما وزير الثقافة فقال في كلمته: "على الرغم من جميع الأزمات التي نعبر فيها لا يزالُ لبنان يحيا فضاءً ثقافيّاً منفتِحاً متميّزاً جداً بسبب ما يختزنُه تراثُه وشعبُه من غنى وحرية. فالتاريخ قديمُه والحديثُ يشهدُ على إسهاماتِ اللبنانيين حيثما نزلوا، في جميع ميادين المعرفة الإنسانية، بَدْءاً من اختراعهم الأبجدية ونقلِها إلى المقلبِ الآخرِ من حوض البحر الأبيض المتوسط، وصولاً إلى آخر إنجازٍ يحققونه اليوم في الفنون والعلوم وسواها".




أضاف: "في هذا الإطار المتنوّعِ المشارب والموارد تُشكّل الفرنكوفونية وقيمُها، جزءاً مهمّاً من الهويّة الثقافية للبنانَ البلدِ المتنوّع، بالإضافةِ طبعاً إلى العربية لغتِنا الأم، وسائر اللغات الأخرى التي يدأبُ اللبنانيون على تعلمها وإتقانِها واستعمالِها. ذلك بدأت إرهاصاتُه الأولى عندنا، منذ ثلاثة قرون على الأقل، عبر حركة استشراق من هناك، وتعلمٍ من هنا، والتمعَ أكثرَ بتأسيس جامعة القديس يوسف في بيروت، التي شكّلت نقطةَ إشعاعٍ فكريٍّ وعلميٍّ ناطقٍ بالفرنسيةِ اغتنى بها الشرقُ كلُّه. ثم ترسَّخَ في فترات لاحقةٍ من التاريخ الحديث والمعاصر، فتمثَّلَ باعتماد الفرنسية لغة تخاطبٍ وتعليمٍ أساسية في الجامعاتِ والمعاهدِ والمدارس الرسمية والخاصة، ولغةَ إبداعٍ أدبي وشعري لدى كثيرين من الكتاب اللبنانيين، حتى وصل لبنان بشخص الأديب الكبير أمين معلوف إلى اعتلاء أحد كراسي الخالدين في الأكاديمية الفرنسية".


وتابع قائلًا: "إذا كانت المنظمة الفرنكوفونية قد عرّفت نفسَها عند تأسيسها بأنها جامعةُ الدول والحكومات الناطقة بالفرنسية، فإنَّ كاتباً وباحثاً لبنانيّاً هو قاسم محمد عثمان، أعطاها تعريفاً آخرَ متميزاً، رأى فيه "أنها واقعٌ معاش ونمطُ تفكيرٍ وسلوكُ حياة قبل أن تكون إنخراطاً في نموذجٍ سياسي أو في كيانٍ جغرافي. فهي كيانٌ يتحرك فيه الإنسان ضمن تنوّعه العرقي والوطني والديني، وهي مكانٌ للتلاقي بين البشر ولتبادل المعلومات وتناقل المعرفة وتقاسم الثقافة. وهي إطارُ للتلاقح المثمرِ ولتقديرِ الحياةِ بالمعنى الإنساني والأخلاقي للكلمة. ولأجل ذلك كله، تعيش الفرنكفونية وتتطوّر وتترسّخ ضمن التعددية واحترام خصائص الآخر وخصوصياته واختياراته".


ولفت إلى أن "هذه الحقيقة تعكسها بصورة واضحة رسالة الفرنكوفونية في عالم اليوم ويشرّفني يا دولة الرئيس أنّ أُعلن بحضوركم أنّ وزارة الثقافة في لبنان تتبنّى بصورةٍ كليّة هذا المفهوم للفرنكوفونية وتعمل بكلّ حرصٍ، بدعمٍ منكم والتزاماً بتوجيهاتكم، على أن يؤدّي لبنان دوره كاملاً في تحقيق رسالة الفرنكوفونية، وهي تأخذ بعين الإعتبار أن لبنان شريكٌ كامل وأصيل في العالم الفرنكوفوني وأنّ إسهاماته الإنسانية والفرنكوفونية متميّزةٌ جداً هذا اذا كان ثمّة نظيرٌ لها، وأنّ موروثنا الثقافي اللبناني الغالي وحرصنا الشديد عليه يملي علينا أن نفرض الندّية فرضاً لا سيّما وأن طبيعة البعض تجنح في بعض الأحيان الى إستساغة محاولة ممارسة الفوقية أو الإلغائية هاتان الممارستان المقيتان اللتان تتجافيا كليّاً مع رسالة الفرنكوفونية والأهم أنهما لن تجديا معنا نفعاً".


أما الرئيس ميقاتي فأشار الى أن المناسبة هي احتفال مزدوج: "الاحتفال باليوم العالمي للفرنكوفونية والذكرى الخمسين لعضوية لبنان في وكالة التعاون الثقافي والتقني، التي أصبحت فيما بعد المنظمة الدولية للفرنكوفونية (OIF)"، وقال: "نحن سعداء بمشاركة قادة أقطاب الفرانكفونية اللبنانية وممثلي هيئات المنظمة الدولية للفرانكفونية والمنظمات الإقليمية والدولية الأخرى ، وكافة سفراء الدول الشقيقة الناطقة بالفرنسية ، في هذا الاجتماع".




وأعرب ميقاتي عن تقديره وامتناننه "لجميع الأمهات اللواتي كرسن حياتهن لتربية أطفالهن بالحب والتفاني. دورهم في المجتمع لا يقدر بثمن ونرسل لهم أحر تحياتنا في يوم الاحتفال هذا".


وقال: "نحن نعلم بالطبع أن تاريخ لبنان مع اللغة الفرنسية لم يرتق فقط إلى الخمسين سنة الماضية، فمنذ القرن السابع عشر، استقر الفرنسيون في أرض الأرز، لتصبح اللغة الفرنسية عشية الاستقلال لغة التعليم الثانية وتشكل بعدا أساسيا للهوية الثقافية اللبنانية. لكن الذكرى الخمسين التي نحتفل بها تعيدنا إلى النصف الثاني من القرن الماضي، الذي شهد ولادة حركة ثقافية واسعة تحمل شعلة الفرانكوفونية، التي تشكل مساحة مفتوحة ومتعددة الاستخدامات تجمع بين الشعوب والبلدان التي تتشارك اللغة الفرنسية".


أضاف: "منذ تأسيس المنظمة وحتى يومنا هذا، اعترفت الفرانكوفونية دائمًا بالدور الذي يلعبه لبنان داخل المنظمة وفي المنطقة. أدى التعاون والعلاقات المميزة بين البلدين إلى العديد من الإنجازات الرئيسية التي ظهرت على التوالي: افتتاح مكتب الوكالة الجامعية للفرانكوفونية (AUF) للشرق الأوسط في عام 1993، وعقد القمة التاسعة للفرانكوفونية في 2002، تنظيم دورة الألعاب الفرانكوفونية السادسة في عام 2009 وأخيراً افتتاح ممثل المنظمة الدولية للفرانكوفونية للشرق الأوسط في عام 2022".


وشدد على "قيم الديمقراطية والتنوع الثقافي واحترام الآخر، التي تجسدها اللغة الفرنسية والفرانكوفونية، يجب أن يشجعنا ذلك على حوار حقيقي يشكل السبيل الوحيد للخروج من أزماتنا وتعافي بلادنا".