الكورونا: الحكومة تتخبّط و"حزب الله" لم يضغط

باسيل بطل خطاب "الحلم"!

00 : 00

مواطنان يستمعان إلى خطاب عون في أحد مقاهي بيروت مساء أمس (فضل عيتاني)

"أيتها اللبنانيات، أيها اللبنانيون"... هلاّ شكرتم جبران باسيل على "تحقيق الحلم"؟ باختصار شديد هذه هي خلاصة الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية ميشال عون أمس لمناسبة "اليوم التاريخي" الذي سيشهده لبنان اليوم مع دخوله رسمياً نادي الدول النفطية. فخطاب "الحلم" الذي من المفترض أن يتمحور في جوهره حول أهمية الإنجاز بوصفه إنجازاً وطنياً، سرعان ما تحوّل في مضامينه إلى "إنجاز عوني" بحت جيّره رئيس البلاد إلى تكتله النيابي بصورة عامة وإلى باسيل بصورة أخص من دون منازع ولا شريك مضارب. وللعراضة النفطية تتمة، فالفريق العوني سيعوم اليوم ميدانياً على متن باخرة التنقيب على النفط في مشهدية سيتقدمها رئيس الجمهورية بحسب المعلومات المتوافرة لـ"نداء الوطن" محاطاً بوزير الطاقة العوني ريمون غجر لالتقاط الصورة التذكارية مع ممثلي الشركات النفطية، مقابل استمرار سياسة تهميش دور الهيئات الناظمة والإدارية المعنية بقطاعات الدولة، عبر حصر دعوة هيئة إدارة قطاع البترول إلى الاحتفال بشخص رئيسها دون سائر أعضائها، رغم أنّ رئيس الهيئة الذي يعيّن بالمداورة سنوياً ليس هو صاحب الصلاحية المطلقة في قراراتها بل هي تتخذ من قبل أعضائها مجتمعين.

هذا في الشأن النفطي، أما في الشأن القضائي فقد رشحت خلال الساعات الأخيرة معطيات تشي بتعرّض التشكيلات القضائية لضغوطات سياسية تعترض طريق "المعايير" التي وضعها مجلس القضاء الأعلى لإنجاز سلة التشكيلات. إذ كشفت مصادر مواكبة لهذا الملف لـ"نداء الوطن" أنه وبعدما كانت سادت أجواء إيجابية باتجاه تكريس معادلة إعادة تشكيل قضاة محسوبين على مختلف الأطراف السياسية من دون أي استثناء، عادت قضية تشكيل مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون إلى الواجهة مجدداً في ظل ما نُقل عن رئيس الجمهورية من أنه يرفض المسّ بموقعها، الأمر الذي سينعكس حكماً على التشكيلات في بعض المواقع لا سيما منها موقع مدعي عام الجنوب القاضي رهيف رمضان، ربطاً بكون رئيس مجلس النواب نبيه بري كان قد قالها صراحةً بأنه لن يعرقل عملية إعادة التشكيلات القضائية في أي من المواقع إن هي تمّت وفق معايير قضائية بحتة أما إذا دخلت السياسة والمحاصصة في الموضوع فالمعادلة ستتغيرّ. وهذا ما ينطبق على موقع مدعي الجنوب الذي كان بري موافقاً على إعادة تشكيله إذا شملت التشكيلات جميع المواقع، في حين أنه إذا ما بقي عون على موقفه الرافض لتشكيل القاضية عون فهذا من شأنه بطبيعة الحال أن يُصعّب مهمة مجلس القضاء الأعلى ورئيسه سهيل عبود في التعاطي مع باقي المواقع القضائية.

وإذ تنقل المصادر معلومات تشير إلى أنّ "القاضية عون زارت قصر بعبدا في الآونة الأخيرة ووضعت رئيس الجمهورية في أجواء التشكيلات من زاوية أنها تعتبر ما يحصل بمثابة إقصاء لها لكونها فتحت ملفات فساد ضد خصوم "التيار الوطني الحر"، تلفت المعلومات عينها إلى أنّ "التيار الوطني بادر في المقابل إلى وضع "فيتوات" على بعض الأسماء المطروحة على عدد من المواقع (كالقاضي المقترح تعيينه في المحكمة العسكرية) ملوّحاً بإمكانية استخدام صلاحية حجب توقيع رئيس الجمهورية على مرسوم التعيينات إذا كانت لا ترضي فريقه السياسي". وتختم المصادر بالقول: "القاضي عبود في وضع لا يحسد عليه في خضمّ هذه الأجواء الضاغطة، فهل سيُصدر التشكيلات بالرغم من كل الضغوط حتى لو امتنع المعنيون أو بعضهم عن التوقيع عليها ويفوز بنزاهته ومصداقيته؟ أو أنه سيتمهّل ريثما يُقنع المعارضين بسلة التشكيلات التي تحاكي المعايير التي وضعها الجسم القضائي لنفسه بعيداً عن المحسوبيات السياسية؟".

في الغضون، وقع المحظور الذي كانت التحذيرات الوطنية المتتالية تنبه من مغبة وقوع البلاد فيه بعدما تبيّن دقة التوقعات وأحقية الهواجس من أن يكون من بين الركاب القادمين من إيران مصابون إضافيون بفيروس الكورونا تم السماح لهم بموجب الإجراءات الحكومية الهزيلة المتبعة من قبل وزارة الصحة بالعودة إلى منازلهم من دون إخضاعهم للحجر الصحي المتبع في معظم دول العالم. وفي هذا الإطار، عكس الإعلان عن إصابة راكبة ثانية بالكورونا كانت إلى جانب المصابة الأولى في الطائرة الإيرانية حالة التخبط الكبير الذي تعانيه الحكومة في إجراءاتها المستهترة بصحة المواطنين، لا سيما تحت وطأة ما يعنيه هذا الإعلان من تمدّد خطر الإصابة إلى البيئة المحيطة بالمصابة الثانية طيلة فترة احتضانها الفيروس قبل ظهور عوارضه عليها.

وفي حين كان ولا يزال من واجب وزارة الصحة فرض الإقامة في الحظر الصحي على كل الركاب الآتين من مناطق انتشار الوباء في إيران، يواصل الأداء الحكومي الضعيف في مقاربة سبل تحصين البلد من مخاطر انتقال وتفشي الكورونا سياسة "التخبّط الذاتي" الذي يحاكي قلة الكفاءة وعدم الجرأة على المبادرة في اتخاذ القرارات الحاسمة خشية إغضاب "حزب الله" باعتبار الموضوع يتعلق بإيران، بينما تؤكد معلومات موثوق بها لـ"نداء الوطن" أنّ "الحزب لم يمارس لا عبر قيادته ولا من خلال أي من مسؤوليه أي ضغط على الحكومة لاتخاذ أي قرار لا بهذا الاتجاه ولا بذاك الاتجاه في التعامل مع مسألة فيروس كورونا ولا في كيفية التعامل مع الرحلات القادمة من إيران، خصوصاً وأنّ الحزب يقارب هذه القضية من منطلق إنساني وهو حريص على أن تتخذ الحكومة كل الإجراءات الآيلة إلى السيطرة على الفيروس ومنع تفشيه في لبنان بعيداً عن لعبة الحسابات والمحاور السياسية والإقليمية".