التظاهرات متواصلة في فرنسا... وماكرون: العنف لن يدفعنا للتنازل

02 : 00

خلال تجمّع احتجاجي شمال فرنسا أمس (أ ف ب)

فيما واصل محتجّون غاضبون من إصلاح نظام التقاعد تحرّكاتهم عبر تنظيمهم تظاهرات متفرّقة أمس، بعد احتجاجات ضخمة عنيفة الخميس، شدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن حكومته «لن تتنازل عن أي شيء في مواجهة العنف»، مؤكداً أن البلاد «لا يُمكن أن تتعطّل». وإذ قال ماكرون خلال مؤتمر صحافي في بروكسل: «في مواجهة العنف الذي أميّزه عن التظاهرات، سنستمرّ في التحلّي بأكبر قدر من الحزم»، دان «العنف الذي شهدناه أمس (الخميس)»، ودعا الجميع إلى «التحلّي بالمسؤولية»، مؤكداً دعمه للشرطة التي «قامت بعمل نموذجي».

وأكد الرئيس الفرنسي أنّه «لن نتنازل عن أي شيء في مواجهة العنف»، معتبراً أنّه «في الديموقراطية لا يحقّ استعمال العنف». وتابع: «بالنسبة للباقي، نواصل المضي قدماً، فالبلد يستحقّ ذلك ويحتاجه»، مشدّداً على أنّه «لا يُمكن للبلد أن يتعطّل، أمامنا الكثير من التحدّيات».

وأبدى استعداده للنقاش مع النقابات حول ظروف العمل ورواتب الموظّفين، لكنّه أكد أن إصلاح نظام التقاعد غير الشعبي سيظلّ قائماً إلى أن يُصدر المجلس الدستوري قراراً في شأنه، بينما طالب الأمين العام لنقابة «سي أف دي تي» الاصلاحية لوران بيرجيه الحكومة بتعليق إصلاح نظام التقاعد وفتح المزيد من المفاوضات مع النقابات.

وفي الإجمال، تظاهر 3.5 ملايين شخص في أكثر من 300 مدينة في فرنسا الخميس، وفق الكونفدرالية العامة للعمل (سي جي تي)، و1.8 مليون بحسب وزارة الداخلية، ضدّ الإصلاح الذي ينصّ خصوصاً على رفع سنّ التقاعد من 62 إلى 64 عاماً، في حين كشف وزير الداخلية جيرالد دارمانان أنه تمّ توقيف أكثر من 450 شخصاً وتسجيل إصابة 441 من عناصر الشرطة والدرك الخميس، خلال أخطر أعمال عنف منذ بداية الحراك في كانون الثاني.

ولفت دارمانان الذي حلّ ضيفاً على قناة «سي نيوز» إلى أنه كان هناك «903 حرائق لأثاث حضري وحاويات قمامة» في باريس الخميس خلال التظاهرة النقابية. كما أوضح أنّه «كانت هناك الكثير من التظاهرات وتحوّل بعضها إلى أعمال عنف، خصوصاً في باريس»، مشيداً بجهود الشرطة لحماية أكثر من مليون شخص مِمَّن تظاهروا في أنحاء فرنسا.

وكانت الشرطة قد حذّرت من أنه يُتوقّع أن تتسلّل جماعات مخرّبة إلى تظاهرة باريس، فيما شوهد شبان يضعون أقنعة يُحطّمون نوافذ ويُضرمون النار في حاويات قمامة في المراحل الأخيرة من التظاهرة.

ورفض دارمانان دعوات من المحتجّين إلى التخلّي عن إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه البرلمان الأسبوع الماضي، وقال: «أعتقد أنه لا ينبغي سحب هذا القانون بسبب العنف. إذا حصل ذلك، فهذا يعني أنه ليس هناك دولة. يجب أن نقبل بمناقشة ديموقراطية واجتماعية، لكن ليس بمناقشة عنيفة».

وبشكل مفاجئ أمس، أعلن قصر الإليزيه أن زيارة الدولة التي كان يفترض أن يقوم بها ملك بريطانيا تشارلز الثالث وزوجته كاميلا الأحد أُرجئت. ولاحقاً، أعلن «دوانينغ ستريت» أن هذا تمّ بطلب من ماكرون. وأوضح ناطق باسم رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أنّ «القرار اتخذ بالاتفاق بين كلّ الأطراف، بعدما طلب الرئيس الفرنسي من الحكومة البريطانية إرجاء الزيارة». وأعلن قصر باكينغهام أن «صاحبَي الجلالة يتطلّعان لفرصة زيارة فرنسا فور إيجاد موعد لذلك»، في حين كشف ماكرون أنه اقترح «بداية الصيف» كموعد جديد لزيارة الملك تشارلز الثالث. وكان من المقرّر أن يقوم تشارلز وزوجته بأوّل زيارة دولة إلى فرنسا الأحد، قبل التوجّه إلى ألمانيا. في المقابل، أُبقي على موعد زيارة الملك وزوجته إلى ألمانيا.

توازياً، طلبت الإدارة العامة للطيران المدني الفرنسي من الشركات إلغاء 20 في المئة من رحلاتها في مطارات باريس - أورلي ومرسيليا وتولوز وبوردو يومَي الثلثاء والأربعاء، بسبب إضراب مراقبي الحركة الجوية على خلفية رفضهم إصلاح نظام التقاعد. وسبق أن أقرّت في الأيام السابقة تخفيضات في برنامج الرحلات لمواءمة عددها مع عدد مراقبي الحركة الجوية وتجنّب المزيد من التعطيل. وكانت الإدارة قد حذّرت من أنّ التخفيضات ستستمرّ طوال عطلة نهاية الأسبوع ويوم الإثنين، قبل يوم جديد من التعبئة الوطنية مقرّر الثلثاء.

في الغضون، أعربت مفوضة حقوق الإنسان في مجلس أوروبا دنيا مياتوفيتش عن قلقها من «الاستخدام المفرط للقوّة» ضدّ المتظاهرين المحتجّين على إصلاح نظام التقاعد في فرنسا، مطالبةً باريس باحترام حقّ التظاهر، في حين دانت إيران بشدّة «قمع» المتظاهرين في فرنسا، مناشدةً باريس تجنّب العنف و»احترام حقوق الإنسان» و»الإصغاء» إلى المتظاهرين، مكرّرةً تعابير صدرت من دول عدّة، بما فيها فرنسا، حيال قمع تظاهرات «ثورة الحرّية» في إيران منذ مقتل مهسا أميني.