أنقرة تفتح "أبواب الجحيم" على أوروبا

بوتين وأردوغان "يحتويان" التصعيد في إدلب!

02 : 15

مهاجرون يتوجّهون إلى الحدود التركيّة - اليونانيّة أمس

بعد مقتل أكثر من 30 جنديّاً تركيّاً في غارة جوّية نُسِبَت إلى دمشق أمس الأوّل، في ما وصفه مراقبون بـ"أكبر إذلال لأردوغان منذ اندلاع الحرب السوريّة"، أجرى الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان محادثات هاتفيّة سعياً إلى "احتواء التصعيد" في شمال غربي سوريا، وسط احتمال عقد قمّة بينهما الأسبوع المقبل في موسكو. وبعدما مُنِيت بأفدح خسائر في هجوم واحد منذ بدء تدخّلها العسكري في سوريا العام 2016، سارعت أنقرة إلى الاستغاثة بالحلفاء وطلبت دعم المجموعة الدوليّة، بينما فتحت في الوقت عينه "أبواب الجحيم" مجدّداً على "القارة العجوز"، وذلك بنقل وتسهيل مرور المهاجرين عبر حدودها البرّية والبحريّة مع اليونان، ما دفع المفوضيّة الأوروبّية إلى الإعلان أن الاتحاد يتوقّع من تركيا "احترام تعهّداتها" الواردة في الاتفاق الهادف للحدّ من تدفّق المهاجرين.

وبالعودة إلى "الصفعة العسكريّة" التي تلقّتها أنقرة في إدلب، وبينما قُتِلَ أكثر من 33 جنديّاً تركيّاً في ضربات جوّية نسبتها أنقرة إلى قوّات النظام السوري في إدلب، ردّت تركيا عليها ما أدّى إلى مقتل 31 عنصراً من قوّات النظام السوري، بحسب ما أفاد "المرصد السوري". ومن شأن هذا التصعيد أن يُفاقم الوضع الإنساني الصعب أساساً في إدلب، حيث نزح حوالى مليون شخص في الأشهر الماضية بسبب الهجوم الواسع الذي تشنّه قوّات النظام السوري منذ كانون الأوّل.

وأمام هذا الوضع الصعب، دعت الأمم المتحدة إلى وقف إطلاق نار فوري، فيما عبّر الاتحاد الأوروبي عن قلقه من انزلاق سوريا إلى "مواجهة عسكريّة دوليّة كبرى"، بينما عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة في شأن الوضع في إدلب.

وفي غضون ذلك، أعلن البيت الأبيض أن الرئيسَيْن الأميركي والتركي طالبا موسكو ودمشق بـ"وقف الهجوم العسكري". وأوضح البيت الأبيض أن ترامب "عبّر خلال اتصال هاتفي عن تعازيه وإدانته"، مضيفاً: "إتفق الزعيمان على أنّه يجب على النظام السوري وروسيا والنظام الإيراني وقف هجومها قبل قتل وتشريد المزيد من المدنيين الأبرياء".

توازياً، أعرب بوتين وأردوغان خلال اتصال هاتفي عن "القلق الشديد" حيال الوضع في إدلب. وبعد الظهر، أعلن الكرملين أنّ الرئيسَيْن قد يلتقيان الأسبوع المقبل في موسكو، إذ كشف المتحدّث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أنّه "يجري حاليّاً الإعداد على أعلى مستوى للقاء محتمل في موسكو في 5 أو 6 آذار".

وبالفعل، فقد ألقت المواجهات الضارية بين القوّات التركيّة والسوريّة بثقلها على التعاون السياسي الوثيق الذي تطوّر في السنوات الماضية بين موسكو وأنقرة في مجالات عدّة، مثل الملف السوري والدفاع والطاقة. وأعلنت وزارة الدفاع الروسيّة أن الجنود الأتراك الذين استهدفهم قصف قوّات النظام السوري كانوا ضمن "وحدات مقاتلة من مجموعات إرهابيّة"، الأمر الذي نفته أنقرة تماماً، فيما قدّم وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف "التعازي" لأنقرة، مؤكداً أنّ موسكو "تبذل كلّ الجهود لضمان أمن الجنود الأتراك" المنتشرين في سوريا، في وقت انعقدت مباحثات جديدة حول إدلب بين مسؤولين روس وأتراك في أنقرة أمس.

وفي سياق متّصل، عقد "حلف شمال الأطلسي" الذي تنتمي إليه أنقرة اجتماعاً طارئاً بطلب من تركيا، غير أنّ أعضاءه اكتفوا بالإعراب عن التضامن، من دون اتخاذ إجراءات ملموسة، بينما حضّت تركيا المجموعة الدوليّة على إقامة منطقة "حظر جوي" في شمال غربي سوريا، لمنع مقاتلات النظام السوري وحليفته روسيا من شنّ ضربات.

وفي محاولة واضحة للضغط على الاتحاد الأوروبي للحصول على المزيد من الدعم، أعلنت أنقرة أنّها لن توقف بعد الآن المهاجرين الراغبين في التوجّه إلى أوروبا من تركيا، ما أثار مخاوف من عودة أزمة الهجرة الخطرة التي هزّت القارة الأوروبّية العام 2015، ولا تزال تداعياتها ماثلة إلى يومنا هذا.

وأظهرت صور ملتقطة من طائرات من دون طيّار مئات المهاجرين يعبرون الحقول حاملين حقائب على ظهورهم متوجّهين نحو الحدود اليونانيّة. كما احتشد عشرات الأشخاص غالبيّتهم من الأفغان في محطّة للباصات في اسطنبول، وركبوا حافلات تمّ تأمينها مجاناً، ليُغادروا في اتجاه حدود اليونان، حيث كان بالإمكان رؤية لاجئين يسيرون في طابور طويل.

وأغلقت اليونان وبلغاريا الحدود مع تركيا، في حين منع حرس الحدود اليونانيون مئات المهاجرين من عبور نقطة حدوديّة في كاستانيس. وعلق على إثر ذلك مئات الأشخاص في المنطقة العازلة بين اليونان وتركيا. غير أنّ العشرات وصلوا إلى جزيرة ليسبوس بالمراكب آتين من تركيا، ويتوقّع قدوم مزيد مع الوقت.


MISS 3