طوني فرنسيس

لبننة القضاء الإسرائيلي

28 آذار 2023

02 : 00

يختلف الاسرائيليون اليوم على ما أنجزه قادة الطوائف «الوطنية» اللبنانية منذ عقود. تفجّر غضب «الشارع اليهودي» ضد حكومة نتنياهو احتجاجاً على عزم هذه الحكومة الأكثر يمينية وتطرفاً وتخلفاً في إسرائيل، على تطويع القضاء والمحكمة العليا ووضع القرارات القضائية في يد الحكومة والكنيست. الاعتراض لم يقتصر على خصوم الحكومة في الوسط السياسي، فإلى الأحزاب السياسية خارج الحكومة، انضمت الجامعات والنقابات والمتقاعدون والجنود وضباط الطيران والعسكريون في الاحتياط...

تحولت «الدولة الصهيونية» خلال الأسابيع الأخيرة إلى ساحة للعراك «الديمقراطي» بين نهجين، نهج الإمساك بالقضاء وتطوير قراراته ونهج التمسك بالقضاء المستقل وجعله الحكَم الأخير في شتى أنواع القضايا، بما في ذلك قضايا تخص الفلسطينيين الرازحين تحت الاحتلال، مثل ملكية المنازل والأرض والاعتقال التعسفي.

كان الفلسطينيون يلجأون في مثل هذه المسائل إلى القضاء، خصوصاً المحكمة العليا، وهذه المحكمة لها من الصلاحيات ما يخولها زج رؤساء ووزراء ونواب في السجن، وهو ما فعلته سابقاً.

يريد نتنياهو إلغاء الصلاحيات الدستورية القضائية لمصلحة تحالفه الحكومي الهجين. هو يسعى إلى لبننة القضاء الإسرائيلي، ليكف يده عن محاسبة السياسيين. فيستبدل المحكمة العليا بمجلس محاكمة الرؤساء والوزراء، ويُركّز السلطة القضائية في الطاقم السياسي تماماً كما جرى تحويل المجلس الدستوري لدينا إلى صندوق للوكالة بعدما كانت مهمته اجازة دستورية القوانين وتفسير الدستور نفسه.

في إسرائيل لدى السلطة «بيطارها» الذي تخشاه، فبدأت ضده حرباً ضروساً، لكن في دولة العدوان جماهير واسعة، غفيرة لا غفورة، تدافع عما تعتبره حقها في الديمقراطية ولو على أرض الآخرين.