روبي غرامر

إيران تضاعف شحنات الأسلحة إلى روسيا

31 آذار 2023

المصدر: Foreign Policy

02 : 00

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع وزير الدفاع سيرجي شويغو ورئيس الأركان العامة فاليري جيراسيموف | روسيا، 6 أيلول 2022

وِفق مصادر خمسة مسؤولين مطّلعين من الولايات المتحدة وحلف الناتو، بدأت إيران تُكثّف دعمها العسكري إلى روسيا عبر سلسلة من الاتفاقيات العسكرية الجديدة التي تستطيع إطالة مدة الحرب في أوكرانيا وقد تمنح طهران المثقلة بالعقوبات حبال نجاة اقتصادية ودفاعية جديدة.



في الأوساط العامة، لام كبار القادة الأميركيين وحلفاؤهم إيران على تزويد روسيا بطائرات مسيّرة وتعهدوا بفعل كل ما يلزم لإعاقة تلك الشحنات. لكن وراء الأبواب المغلقة، يعترف المسؤولون بغياب أي وسائل واقعية لمنع تدفق المعدات العسكرية الإيرانية إلى روسيا لاستعمالها في أوكرانيا.

يقول مسؤول بارز من شرق أوروبا بدأ يلاحق هذا الملف منذ فترة: "لسوء الحظ، تبقى الخطوات التي نستطيع اتخاذها لإعاقة هذا التحالف السلبي عن طريق العقوبات وحدها محدودة".

سيكون تحديد ما يستطيع الأميركيون وحلفاؤهم فعله (وما يعجزون عن فعله) لكبح ذلك التعاون بين موسكو وطهران اختباراً حاسماً لمعرفة مدى قدرتهم على حرمان روسيا من معدات الموردين العسكريين الأجانب وتسريع نهاية الحرب. ونظراً إلى تراجع جزء كبير من إمدادات روسيا العسكرية ومحاصرة قاعدتها الدفاعية الصناعية بالعقوبات الغربية، بدأت موسكو تُكثّف محاولاتها لتلقي مساعدات خارجية وتسهيل نقل الأسلحة إليها من بيلاروسيا المجاورة، ومن إيران وكوريا الشمالية، أو حتى من الصين إذا أمكن، لمتابعة القتال في أوكرانيا.

لكن زادت أهمية الدعم الإيراني للجيش الروسي بدرجة غير مسبوقة بالنسبة إلى صانعي السياسة الغربية بعدما أطلقت القوات الروسية سلسلة جديدة من الطائرات المسيّرة إيرانية الصنع في أوكرانيا خلال الأسبوع الماضي. ورغم إسقاط 11 مركبة من أصل 14 طائرة إيرانية الصنع (كانت تستهدف في معظمها العاصمة الأوكرانية كييف)، تشير أحدث ضربة إلى إصرار روسيا على استكشاف الطرق التي تسمح لها بإطالة مدة الحرب من خلال استهداف المدنيين الأوكرانيين بعيداً عن ساحات المعركة العسكرية.

أكد مسؤولون من الولايات المتحدة وحلف الناتو على إقدام موسكو وطهران على وضع الخطط اللازمة لبناء مصنع للطائرات المسيّرة داخل روسيا، وهي تستطيع إنتاج آلاف الطائرات المماثلة سنوياً، وقد فصّلوا خطة نشرتها أولاً صحيفة "وول ستريت جورنال". كذلك، يضيف هؤلاء المسؤولون أن روسيا بدأت تُحضّر خططاً أخرى لمنح إيران طائرات مقاتلة عسكرية متقدمة، ومروحيات، وأنظمة للدفاع الجوي.

تحمل إيران وروسيا تاريخاً طويلاً من التعاون ضد القوى الغربية، لكن يعتبر الخبراء هذه العلاقة أقرب إلى الشراكة المبنية على المصالح في حالات محددة، وهي علاقة يشوبها انعدام الثقة المتبادل. لكن يقول كبار المسؤولين الأميركيين والغربيين إن التطورات الأخيرة في أوكرانيا دفعت روسيا إلى تغيير هذا الوضع من خلال تعميق روابطها مع طهران بما يفوق المستويات السابقة.

صرّح مدير وكالة الاستخبارات المركزية، ويليام بيرنز، لقناة "سي بي إس نيوز" في مقابلة جديدة: "بدأ التحالف العسكري بين روسيا وإيران يتطور بوتيرة متسارعة ويتخذ اتجاهاً بالغ الخطورة. تعرض روسيا المساعدة على الإيرانيين في برنامجهم الصاروخي وتفكّر على الأقل باحتمال تقديم طائرات مقاتلة إلى إيران. هذه العوامل تطرح مخاطر واضحة على الشعب الأوكراني، وقد رصدنا أدلة على هذا الوضع أصلاً، لكن تحمل هذه الظروف مخاطر على أصدقائنا وشركائنا في أنحاء الشرق الأوسط أيضاً".

هذا التحالف الناشئ أثار قلق الكثيرين داخل حلف الناتو، بما في ذلك القوى الأوروبية التي كانت تحاول الحفاظ على حوار مفتوح مع إيران لإعادة إحياء المفاوضات الدبلوماسية بشأن برنامجها النووي. يقول مسؤول من الناتو تكلم شرط عدم الإفصاح عن اسمه كي يتمكن من مناقشة هذا النوع من المواضيع الحساسة: "أصبحت إيران الآن جزءاً اعتيادياً من بياناتنا الاستخبارية المرتبطة بالحرب في أوكرانيا".

يقول مسؤولون من الولايات المتحدة وحلف الناتو وخبراء مستقلون آخرون إن الدعم العسكري الإيراني لروسيا لا يكفي حتى الآن لتغيير مسار الحرب لمصلحة روسيا، إذ تجد موسكو صعوبة في استرجاع تفوّقها في وجه المقاومة العسكرية الفاعلة والمدعومة من الغرب. لكن قد يصبح ذلك الدعم كافياً لإطالة مدة الحرب وزيادة حصيلة القتلى. قد تعطي وتيرة التعاون العسكري المتقدمة بين موسكو وطهران تفوّقاً قتالياً للقوات الروسية في حالات محددة في ساحة المعركة، وتسمح لروسيا باستهداف أجزاء إضافية من البنية التحتية المدنية الأوكرانية عبر استعمال الطائرات المسيّرة الانتحارية إيرانية الصنع، بعدما بدأت تفتقر إلى الذخائر الروسية دقيقة التوجيه.

يضيف المسؤول نفسه من حلف الناتو: "لا يعني ذلك أن إيران تملك قاعدة صناعية عسكرية ضخمة قد تظهر من العدم فجأةً، لكن يملك البلد قطاعاً صناعياً خاصاً به. هو يُصنّع بعض المعدات العسكرية المتطورة نسبياً، وقد تتدفق هذه الأسلحة إلى الروس الآن، وهو احتمال سيئ لأن أي دعم إضافي لروسيا سيكون سيئاً".

في المقابل، قد تستفيد إيران من الدعم العسكري الروسي عبر منح البلد تفوقاً عسكرياً إضافياً ضد أي مواجهات عسكرية محتملة مع الولايات المتحدة أو حلفائها في الشرق الأوسط. في هذا السياق، يظن مسؤول أميركي أن طهران ستتمكن من حماية بنيتها التحتية الخاصة بالأسلحة النووية ضد أي ضربات إسرائيلية محتملة إذا زوّدتها روسيا بأنظمة متقدمة للدفاع الجوي، مثل النظام الصاروخي "إس - 300" أو "إس - 400. برأيه، ستتجاوز تداعيات هذه الخطوة حدود أوكرانيا.

يشير خبراء آخرون إلى التهديدات التي تطرحها روسيا حين تقدّم تقنيات متطورة إلى إيران لإنتاج طائرات مسيّرة أكثر فَتْكاً وفاعلية. يقول الباحث جوناثان لورد من "مركز الأمن الأميركي الجديد": "لن تبقى الطائرات الإيرانية المتقدمة التي تم تصنيعها بمساعدة روسيا داخل أوروبا لاستعمالها في أوكرانيا فحسب، بل من المتوقع أن تتكاثر وتصل إلى أهداف تقع في منطقة الشرق الأوسط أيضاً".

فرضت الولايات المتحدة مجموعة من العقوبات التي تستهدف شركات الطائرات المسيّرة الإيرانية في الأشهر الأخيرة رداً على هذه التطورات كلها، بما في ذلك مدراء تنفيذيون في "شركة القدس لصناعة الطيران"، وهي شركة إيرانية لتصنيع المعدات الدفاعية تُعنى بتصميم الطائرات المسيّرة، ورئيس "منظمة الصناعات الجوية الإيرانية". في الشهر الماضي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على ثمانية مدراء تنفيذيين في شركة "بارافار بارس" الإيرانية التي تُصنّع طائرات "شاهد" المسيّرة، كتلك التي تستعملها روسيا في أوكرانيا. كذلك، أصدرت وزارة التجارة الأميركية تدابير جديدة لمراقبة الصادرات في عطلة نهاية الأسبوع الماضي لاستهداف الطائرات الإيرانية المسيّرة التي تستخدمها روسيا في أوكرانيا سعياً منها لإعاقة تدفق المنتجات والتقنيات الأجنبية التي تُستعمَل لإنتاج تلك الطائرات.

أخيراً، يقول لورد إن العقوبات وقيود التصدير قد تعيق التحالف العسكري القائم بين روسيا وإيران، لكنها لن توقفه بطريقة مباشرة: "لا يمكن وقف هذا النوع من التعاون. يستطيع الغرب أن يتخذ خطوات معينة لمحاولة إبطاء ذلك التعاون وإضعاف فاعليته، لكن لا مفر من أن يتقارب هذان البلدان في نهاية المطاف بسبب طبيعة الصراع القائم".


MISS 3