خطوة تعزّز التموضع الاستراتيجي للحلف وتزيد قدراته

فنلندا تنضمّ إلى "الناتو" وروسيا تهدّد بـ"إجراءات مضادّة"

02 : 00

خلال رفع العلَم الفنلندي في الفناء الرئيسي لمقرّ "الناتو" في بروكسل بين علَمَي إستونيا وفرنسا أمس (أ ف ب)

بانضمامها التاريخي إلى "حلف شمال الأطلسي" في ذكرى تأسيسه في الرابع من نيسان 1949، أصبحت فنلندا، التي تتشارك مع روسيا حدوداً بطول 1300 كيلومتر، العضو الـ31 في هذه المنظومة العسكريّة الغربيّة، بعد سياسة عدم انحياز عسكري اعتمدتها على مدى 3 عقود، ما يُشكّل نقطة تحوّل استراتيجية للناتو، أثارت غضب روسيا التي تزداد عزلتها الدوليّة ويشتدّ الطوق الأمني على جبهتها الغربيّة.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن الوصيّ على المعاهدة التأسيسية للحلف الدفاعي، خلال حفل في مقرّ الناتو في بروكسل: "نُعلن فنلندا العضو الحادي والثلاثين في الحلف مع تسلّمنا وثيقة الانضمام هذه"، فيما قال وزير الدفاع الفنلندي انتي كايكونن قبل الحفل: "هذا بالتأكيد يوم عظيم لفنلندا، لكنّه أيضاً أمر جيّد لحلف شمال الأطلسي".

وسارعت روسيا إلى التنديد بالخطوة، وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين: "هذا تصعيد جديد للوضع. توسيع حلف شمال الأطلسي يُشكّل مساساً بأمننا وبمصالحنا الوطنية"، محذّراً من أن "هذا يضطرّنا إلى اتخاذ اجراءات مضادّة"، في حين أوضحت وزارة الخارجية الروسية أن "الإجراءات المضادّة" التي ستقوم بها موسكو "ستعتمد بشكل خاص على نشر أسلحة الناتو من عدمه ونوعيّتها على الأراضي الفنلندية".

ورُفع العلم الفنلندي في الفناء الرئيسي لمقرّ الناتو في بروكسل بين علمَي إستونيا وفرنسا، بحسب الترتيب الأبجدي. وقال الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ عند وصوله: "فنلندا الآن في أمان"، مضيفاً: "يُمثل حلفاء الأطلسي معاً 50 في المئة من القوّة العسكرية العالمية. بالتالي، طالما نحن متّحدون فإنّنا سنحمي بعضنا البعض وسنقوم بذلك بصدقية، لن يكون هناك هجوم عسكري على أحد حلفاء الأطلسي".

وتوالت ردود الفعل الغربيّة المرحّبة بانضمام فنلندا إلى الناتو، وأبدى الرئيس الأميركي جو بايدن "فخره" باستقبال فنلندا داخل الحلف، متعهّداً مواصلة "الدفاع سويّاً عن كلّ شبر من أراضي" الأطلسي. وشدّد بايدن على أنّه سيكون "مسروراً" أيضاً باستقبال السويد في الحلف "في أسرع وقت"، بينما شجّع بلينكن تركيا والمجر على "المصادقة على بروتوكولات انضمام السويد من دون تأخير".

وفي السياق، وصف رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك انضمام فنلندا رسميّاً إلى "حلف شمال الأطلسي" بـ"الحدث التاريخي"، مطالباً "جميع أعضاء" الحلف بالموافقة على انضمام السويد "حتّى نتمكّن من تشكيل تحالف موحّد للدفاع عن الحرّية في أوروبا وحول العالم".

ومع انضمام فنلندا إلى الناتو، سيزيد الطول الإجمالي للحدود بين روسيا والحلف الدفاعي بمقدار الضعف تقريباً. وستستفيد هلسنكي من الحماية التي يوفرها "البند الخامس" من ميثاق الناتو الذي ينصّ على أنه إذا تعرّضت دولة عضو لهجوم مسلّح، فإنّ الدول الأخرى ستعتبر هذا العمل هجوماً مسلّحاً موجّهاً ضدّ كلّ الأعضاء وستتّخذ الإجراءات التي تُعتبر ضرورية لتقديم المساعدة للبلد المستهدف.

وتُقدّم فنلندا مساهمة استراتيجية أساسية ومكاسب في قدرات الناتو الذي يعتمد على القوات المسلّحة التي توفّرها الدول الأعضاء، كونه لا يملك قوات مسلّحة خاصة به. وفي عديد القوات المسلّحة الفنلندية 12 ألف جندي محترف، لكن فنلندا تُدرّب أكثر من 20 ألف مجنّد سنويّاً ويُمكنها تعبئة 280 ألف جندي قادر على القتال، بالإضافة إلى 600 ألف جندي احتياط، وهي قدرات استثنائية تتمتّع بها دولة واقعة في أوروبا.

وتعمل الدولة الاسكندينافية على رفع ميزانيّتها الدفاعية بنسبة 40 في المئة بحلول العام 2026. ولديها أسطول مكوّن من 55 طائرة مقاتلة من طراز "أف 18" تنوي استبدالها بمقاتلات "أف 35" أميركية، بالإضافة إلى 200 دبابة وأكثر من 700 قطعة مدفعية.

توازياً، أكد بلينكن خلال مؤتمر صحافي مع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن الولايات المتحدة تعمل مع الاتحاد الأوروبي لمحاسبة روسيا ودعم الجهود للتوصّل إلى سلام دائم ومستمرّ في أوكرانيا، بينما رأى بوريل أن الصين لديها واجب أخلاقي يُحتمّ عليها المساهمة في إرساء السلام في أوكرانيا، ويتعيّن عليها الإحجام عن دعم المعتدي في حرب بدأتها روسيا بغزو أوكرانيا.

في المقابل، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الاتحاد الأوروبي أصبح معادياً و"خسر" روسيا، مهدّداً بأنّ موسكو ستتعامل مع أوروبا بـ"طريقة قاسية إذا لزم الأمر"، في وقت بدأ فيه جنود بيلاروسيون تدريبهم في روسيا على استخدام أسلحة نووية "تكتيكية"، على ما أعلنت موسكو ومينسك، بعدما كان الكرملين قد أعلن أخيراً أنه يعتزم ارسال هذا الطراز من الأسلحة إلى بيلاروسيا. وكشف وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أنّه "تمّ تسليم منظومة صواريخ تكتيكية من طراز "اسكندر إم" للجيش البيلاروسي. وهي تسمح باستخدام الصواريخ العادية والصواريخ النووية أيضاً".

وفي الأثناء، أعلنت الولايات المتحدة عن شريحة مساعدة عسكرية جديدة لأوكرانيا بـ2.6 مليار دولار، تشمل خصوصاً صواريخ أرض - جو دفاعية من طراز "باتريوت" وذخائر مدفعية. كما أعلن وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي عن مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا بقيمة 12 مليون دولار على شكل مساعدات طبية وحصص تموينية.