كيف تعرّفت على رين هانغ؟
اكتشفته عندما صدر كتابه عن دار تاشين للنشر (سنة 2016). وسرعان ما أدركت أن عالمه فريد من نوعه. ووعدتني الفنانة الصينية يانغ جي التي كنا نتعاون معها في مركز غوغول بأن تتواصل معه. وجّهت إليه رسالة عبر إنستغرام، فردّ عليها على الفور. كان يفترض أن نجتمع لمناقشة مشروعٍ مسرحي مشترك، لكنه انتحر قبل يومين من الاجتماع وقد ترك فيّ الأمر بالغ الأثر.
إلامَ ترمز نصوصه في رأيك؟
النصوص التي كتبها يوماً بعد يوم هي بمثابة مذكرات شعرية تشكّل مع صورها عالماً متناقضاً وفلسفياً وعجائبياً في آن. هي أجواء غريبة ومأسوية إلى حدّ بعيد. وكانت تلك النصوص التي نشرها على مدوّنته تنمّ عن الاكتئاب الذي عانى منه طوال عشر سنوات والذي أدّى إلى هذه النهاية المأسوية، بحسب ما فهمت. ورين هانغ فنان كبير أبهرت أعماله كثيرين في بلدان مختلفة.
كيف أخرجت مسرحيتك؟
كتبت نصّها خلال إقامتي الجبرية وبطبيعة الحال أثّر فيّ الوضع كثيراً. لكنّ المسرح هو حيّز يصبح فيه المستحيل ممكناً لأن اللقاء الذي لم يحصل معه استحال واقعاً في هذه المسرحية.
هل تضرب المسائل الجنسية وتراً حسّاسا أكثر من السياسة؟
لا تضرب السياسة أيّ وترٍ حسّاس عندي. فهي تضجرني ولا أستسيغها شخصياً. أما الفنّ، فأمرٌ حيّ وهش. وستبقى ذكرى الفنانين الكبار، أمثال رين هانغ والمصور الأميركي روبرت مابلثورب وآي واي واي، حيّة في النفوس، في حين تتلاشى ذكرى الزعماء والرؤساء الذين حكموا في عصرهم.
متى يستحيل التصوير والمسرح والسينما سلاحاً للمقاومة؟
لطالما كانت (هذه الفنون) سلاحاً للمقاومة. فالفنّ يتصدى للأكاذيب والافتراءات والظلامية، وهو حيّز النشاط البشري حيث كل شيء ممكن وهامش الحرية فيه هو الأوسع. الفنّ مرتبط بقدراتنا الفكرية والحسّية. فالفنّ حميميّة، أما السياسة، فهي قانون الأرقام الكبيرة وصناعة الترفيه. وأكون سعيداً دوماً عندما لا يتوجّه المسرح إلى العامة بل إلى كلّ متفرّج في القاعة فرداً فرداً. وهذا هو الفرق بين المسرح والسياسة. فالمسرح في حاجة إلى كلّ شخص بصفة فردية. أما السياسة، فتتطلّب حشوداً ونقاطاً في الاستطلاعات.
هل الفنانون المضطهدون أكثر إنتاجيةً؟
كان رين هانغ يقول إنّه لا يسعى إلى التأثير على السياسة الصينية أو التدخّل في شؤونها، بل إن السلطات الصينية هي التي كانت تتدخّل في أعماله. ولا يتحسّن الوضع بطبيعة الحال في ظلّ الاضطهاد والقمع.
وإنّه خطأ شائع أن يعتبر المرء أن الفنان سينفتح على أفكارٍ وآفاقٍ جديدة لأنّه يعمل تحت القمع. وكنت دوماً أسمع، في حقبة الاتحاد السوفياتي مقولة مفادها أن "الفنان عليه أن يتضوّر جوعاً". لا، هذا هراء! لا يجوز أن يتضوّر الفنان جوعاً وأن يتعرّض للاضطهاد، كما أي شخص آخر. تشكّل الضغوط عائقاً في وجه العمل. وعندما كنت أعمل في الإقامة الجبرية، كنت أحاول أن أتصوّر أنّ الأمور على طبيعتها وما من قضايا ملفقة ضدي وأنا كنت أعمل بكلّ بساطة.
هل ينبغي للفنّ أن يثير الامتعاض ليتردّد صداه؟
أحياناً يستحقّ الأمر عناء توجيه ضربة على الرأس لإعادة الناس إلى رشدهم. أظنّ أنه يجوز استخدام كلّ الوسائل التي لا تخالف القانون لدفع المتفرّج إلى التفكير والتبصّر.