غني وعبدالله يُنصّبان نفسيهما كرئيسَيْن في كابول!

10 : 40

غني خلال حفل تنصيبه في القصر الرئاسي في كابول أمس (أ ف ب)

تعمّقت الأزمة السياسيّة في أفغانستان بالأمس مع تنصيب كلّ من الرئيس أشرف غني وخصمه الأبرز رئيس السلطة التنفيذيّة الأسبق عبدالله عبدالله، نفسيهما كرئيسَيْن في حفلَيْن متزامنَيْن قطعهما سقوط صواريخ "داعشيّة" عدّة.

ووصل غني الذي ارتدى الزي الأفغاني التقليدي وعمامة بيضاء اللون إلى القصر الرئاسي ليؤدّي اليمين، محاطاً بأنصاره إلى جانب شخصيّات سياسيّة بارزة وديبلوماسيين وكبار المسؤولين الأجانب، بمن فيهم المبعوث الأميركي إلى البلاد زلماي خليل زاد. وقبل دقائق، وفي جزء آخر من مجمّع القصر الرئاسي الواسع، نصّب عبدالله الذي حضر ببزّة رسميّة نفسه رئيساً، متعهّداً "بحماية الاستقلال والسيادة الوطنيّة وسلامة الأراضي" في أفغانستان.

وفجأة، دوّت أصوات انفجارات بينما كان المئات يحضرون حفل تنصيب غني، ما دفع عدداً منهم إلى الفرار. لكن غني قال وسط أجراس الإنذار لمن لزموا مكانهم: "لا أرتدي سترة واقية من الرصاص، بل قميصي فقط"، مضيفاً: "سأبقى ولو كان علي التضحية بنفسي". والعديد ممّن فرّوا عادوا إلى مقاعدهم بعد رفض غني مغادرة المنصّة، حيث كان يُلقي خطاباً وسط تصفيق حار.

ولاحقاً، تبنّى تنظيم "داعش" الهجمات الصاروخيّة. وجاء في البيان الذي تناقلته حسابات جهاديّة على تطبيق "تلغرام": "استهدف جنود الخلافة حفل تنصيب الطاغوت (أشرف غني) بالقرب من المقرّ الرئاسي في كابول بعشرة صواريخ"، من دون أن يأتي على ذكر عبدالله عبدالله، فيما أعلنت وزارة الداخليّة الأفغانيّة أن الانفجارات سببها سقوط أربعة صواريخ في وسط كابول أصابت فندق "سيرينا" الفخم الواقع قرب القصر الرئاسي، في وقت جرى الحفلان في ظلّ إجراءات أمنيّة مشدّدة، إذ أُغلقت شوارع وأُقيمت نقاط تفتيش عدّة في العاصمة قبل ساعات على تنصيب غني وخصمه.

من ناحيته، رأى المتحدّث باسم "طالبان" ذبيح الله مجاهد أن تنظيم حفلَيْ تنصيب رئاسي متوازيَيْن يعكس أن "لا شيء أهم بالنسبة إلى العبيد من مصالحهم الخاصة". ويُعزّز الصراع على السلطة بين غني وعبدالله المخاوف حيال الديموقراطيّة الهشّة في أفغانستان، إذ يُرجّح خبراء بأن يؤثر النزاع الداخلي على الحكومة التي تُواجه ضغوطاً في الوقت الحالي بعدما استُثنيت من مفاوضات الدوحة التي تمّ خلالها التوصّل إلى "اتفاق تاريخي" بين واشنطن و"طالبان".

كما من شأن الانقسامات السياسيّة الداخليّة التي تزداد حدّتها أخيراً أن تُقوّي شوكة المتمرّدين الإسلاميين، فيما حذّرت واشنطن مراراً من أن هذه السجالات تُشكّل تهديداً للاتفاق في شأن سحب القوّات الأميركيّة، والذي ينصّ على وجوب عقد "طالبان" محادثات مع كابول.

وفي هذا الصدد، كان من المقرّر بدء المحادثات الأفغانيّة - الأفغانيّة اليوم لكن حكومة غني لم تنشر أي تفاصيل حول الفريق المفاوض ولم يتّضح متى يُمكن لهذه المفاوضات أن تبدأ، في حين كشف عبدالله أنّه سيوفد فريقاً خاصاً به للمحادثات مع "طالبان"، وقال: "سيكون إيجاد توافق سياسي وتشكيل فريق للتفاوض من أولى أولويّات حكومتنا".

وجرت الانتخابات الرئاسيّة في أيلول، لكن لم يتمّ الإعلان عن فوز غني بولاية ثانية إلّا الشهر الماضي بعدما تأجّل إعلان النتيجة مراراً وسط اتهامات بتزوير الانتخابات. وأثار الإعلان ردّاً غاضباً من عبدالله، الذي تعهّد بتشكيل حكومته الموازية، بينما بدأ صبر المجتمع الدولي والشعب الأفغاني على حدّ سواء ينفد جرّاء الصراع على السلطة بين السياسيين في كابول.

على صعيد متّصل، أعلن الجيش الأميركي أنّه بدأ الإنسحاب من أفغانستان تنفيذاً لاتفاق السلام الذي أبرمته الولايات المتحدة مع "طالبان" والذي ينصّ على خفض عديده في هذا البلد في غضون 135 يوماً إلى 8600 جندي. وقال المتحدّث باسم الجيش الأميركي الكولونيل سوني ليغيت في بيان إنّ القوّات الأميركيّة في أفغانستان "تُبقي كلّ الوسائل العسكريّة اللازمة" لتنفيذ العمليّات ضدّ تنظيمَيْ "القاعدة" و"داعش" ولدعم القوّات الأفغانيّة.