"رايتس ووتش" تتّهم دمشق باستغلال قانون مكافحة الإرهاب

11 : 59

مقاتلات النظام تدكّ قرية معرشورين في ريف إدلب الجنوبي أمس (أ ف ب)

اتّهمت منظّمة "هيومن رايتس ووتش" أمس، الحكومة السوريّة، باستغلال قانون مكافحة الإرهاب لمصادرة أصول أفراد عائلات أشخاص مشتبه فيهم، في إجراء اعتبرته يرقى إلى "العقاب الجماعي". وأوردت المنظّمة في بيان لها أن "الحكومة السوريّة تُعاقب أسَراً بأكملها مرتبطة بأشخاص مدرجين تعسّفاً على لائحة إرهابيين مزعومين، عبر تجميد أموالها المنقولة وغير المنقولة".

ويُعطي المرسوم 63 المنبثق من قانون مكافحة الإرهاب، وزارة المال، الحق في "تجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة للمشتبه في أنّهم إرهابيّون بموجب قانون مكافحة الإرهاب للعام 2012"، وفق المنظّمة التي أفادت بأنّ دمشق عمدت أيضاً إلى استهداف أسر المشتبه فيهم، ما يُشكل "عقاباً جماعيّاً". وقالت لمى فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في "هيومن رايتس ووتش": "تستخدم سوريا المرسوم 63 للسماح بممارسات ظالمة وتعسّفية تحرم الناس حتّى من سُبل عيشهم"، مضيفةً: "لن تكون سوريا آمنة أو مستقرّة طالما أن قوانينها وممارساتها تنتهك حقوق الناس".

وتحدّثت "رايتس ووتش" مع أربعة أشخاص طاولهم الإجراء وقريب أحد الأشخاص وموظّف سابق في تسجيل أراضٍ من مناطق كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة قبل أن تستعيدها قوّات النظام. وأكّد غالبيّة الأشخاص أنّهم "كانوا عمّال إغاثة أو شاركوا في تظاهرات". ونقلت المنظّمة عن أحدهم أنّه لم يُبلّغ بهذا القرار بل علم بالأمر من لوائح سرّبها موقع معارض، وتسبّب القرار بخسارته منزلاً ومصنعاً وسيّارة. وتُستهدف الأسر مباشرة، بمن فيها الزوجات والأولاد والوالدَيْن.

ودعت المنظّمة الحقوقيّة، الحكومة السوريّة، إلى التوقّف عن "استخدام قانون مكافحة الإرهاب بطرق تعسّفية ترقى إلى العقاب الجماعي بحقّ الأسر"، فضلاً عن "ضرورة تقديم أدلّة على قيام الأشخاص المستهدفين بأعمال غير قانونيّة، والسماح لهم بالاعتراض على إدراجهم على اللائحة أو إلغاء تجميد أموالهم".

ويتنافى هذا الإجراء، وفق المنظّمة، مع "نيّة الحكومة المعلنة تشجيع السوريين اللاجئين على العودة إلى بلادهم". كما طالبت المنظّمة "بتعديل قانون مكافحة الإرهاب والمراسيم المنبثقة منه وإزالة تعريفات الإرهاب الفضفاضة كافة".

ميدانيّاً، قُتِلَ 11 مدنيّاً أمس في غارات جوّية مستمرّة تستهدف محافظة إدلب ومحيطها في شمال غربي سوريا، وفق ما أفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان". واستهدفت مقاتلات قوّات النظام قرية معرشورين في ريف إدلب الجنوبي، ما أسفر عن مقتل عشرة مدنيين بينهم ثلاثة أطفال"، بحسب المرصد. وشنّت الطائرات الحربيّة السوريّة والروسيّة أيضاً عشرات الغارات على مناطق عدّة تمتد من ريف إدلب الجنوبي إلى حماة الشمالي، ما أدّى إلى مقتل رجل في شمال حماة، وفق المصدر نفسه.

وشاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسيّة في معرشورين سوقاً طاوله القصف، ما أسفر عن تضرّر محال عدّة واندلاع النيران فيها، فيما عمل السكّان ومسعفون بمساعدة جرّافة على رفع الأنقاض لانتشال الجرحى وجثث القتلى.

وتتعرّض محافظة إدلب ومناطق محاذية لها، حيث يعيش نحو ثلاثة ملايين نسمة، لتصعيد في القصف السوري والروسي منذ أكثر من شهرَيْن، يترافق مع معارك ضارية تتركّز في ريف حماة الشمالي. وتُمسك "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) بزمام الأمور إداريّاً وأمنيّاً وعسكريّاً في هذه المنطقة، حيث تتواجد أيضاً فصائل إسلاميّة ومقاتلة أقلّ نفوذاً.

ومنذ بدء التصعيد نهاية نيسان، قُتِلَ أكثر من 600 مدني جرّاء الغارات السوريّة والروسيّة، فيما قُتِلَ 45 مدنيّاً في قصف للفصائل الجهاديّة على مناطق سيطرة قوّات النظام القريبة، وفق المرصد السوري. وكانت محافظة إدلب ومحيطها شهدا هدوءاً نسبيّاً بعد توقيع اتفاق روسي - تركي في أيلول 2018، نصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح بين قوّات النظام والفصائل، لم يُستكمل تنفيذه.

MISS 3