محمد دهشة

خطة فلسطينية للتعامل مع "كورونا" داخل المخيمات... وتجهيز "سبلين" للعزل

"خيّاطة" صيداوية كسرت الاحتكار وصنعت "الكمّامات الوقائية" بأسعار رمزية

14 آذار 2020

03 : 10

الخيّاطة دلال شرف

قررت "الخياطة" دلال شرف أن تكسر إحتكار الصيدليات والغلاء بأسعار "الكمامات" التي تشهد تهافتاً من قبل المواطنين إتقاء لانتقال العدوى من فيروس "الكورونا"، مع بدء الانتشار وازدياد عدد المصابين يومياً، فانهمكت في "تخييط" المئات من "الكمامات القماشية" لسد حاجة والدتها وعائلتها من جهة ولبيعها بأسعار رمزية من جهة أخرى.

وخطوة شرف، جاءت لتبلسم معاناة الصيداويين وتخفف عنهم الضائقة المالية في ظل استفحال الازمة الاقتصادية والمعيشية والهلع الذي يصيبهم كما مختلف اللبنانيين وأنحاء العالم، في خضم انتشار فيروس "كورونا" واجبارهم على اتخاذ اجراءات وقائية منها شراء "الكمامات"، ومواد "التعقيم" وعدم الاختلاط والمصافحة وتبادل القبل.

داخل منزلها في ساحة "باب السراي" في صيدا القديمة، تزاول شرف مهنتها، بعدما أجبرتها الظروف الاقتصادية على ترك مشغلها الصغير منذ فترة، تعمل وترعى والدتها المريضة التي تحتاج الى عناية، وتقول لـ "نداء الوطن": "لم تكن فكرة صناعة الكمامات واردة، الأمر الذي دفعني اليها هو حاجة والدتي المريضة اليها، بعدما اوصاها طبيبها بارتداء الكمامة، وبعد الهلع من تفشي "الكورونا" وفقدانها من الصيدليات ومن الاسواق في المدينة، قبل ان تضيف: "كنت اشتري الكمامة قبل "كورونا" ما بين 1000 الى 1500 ليرة ثم ارتفع سعرها الى 4000 ليرة وصارت بـ 13000 ليرة، فلمعت الفكرة وبدأت بصناعتها من مختلف المقاييس والاحجام الرائجة في الاسواق، لكن ضمن مواصفات تختلف كليا عنها".

وأوضحت انها استشارت الطبيب عن نوعية القماش المناسبة، "فنصحها بالافضل"، شارحة الفرق بين الكمامة التي تصنعها والكمامات الموجودة في السوق، قائلة: "ان الكمامة المتوافرة يتم استخدامها لمدة ساعتين او ثلاث وترمى في النفايات، بينما الكمامات التي اصنعها من القماش، تغسل وتعقم بالماء والصابون، ثم يتم كيّها والكي يعقم هذا القماش وتعود طبيعية ويتم استخدامها لمدة طويلة"، مؤكدة انها بدأت تبيع الكمامة الواحدة بثلاثة آلاف ليرة لبنانية وقد زاد الطلب عليها لرخصها ومتانتها طالما هي تفي بالغرض.

حملة وصلاة

ميدانياً، تواصلت الاجراءات الوقائية في مدينة صيدا لجهة التعقيم والرش، وقام عناصر من شرطة البلدية بإخضاع الموظفين والمواطنين لدى دخولهم إلى مبنى البلدية، لفحص مقياس الحرارة ووسعت فرق البلدية الصحية حملتها برش وتعقيم عدد من مراكز تجمع النازحين السوريين ولا سيما "مجمع الاوزاعي"، ونظمت فيه ندوات توعية للوقاية من "الفيروس" بالتعاون مع الصليب الأحمر اللبناني.

وأقامت مساجد صيدا صلاة الجمعة، وسط اجراءات وقائية غير مسبوقة، حيث سبقها وأعقبها حملة تعقيم لمختلف المساجد من "الالف الى الياء"، وحرصت ادارة بعضها على قياس درجة حرارة المصلين قبل دخولهم الى الحرم، مثلما جرى في مسجد "الشهداء"، فيما ارتدى بعض المصلين كمامات وكفوف وقائية، والبعض الآخر أحضر سجادته معه، وتفادى الجميع المصافحة باليد وتبادل التقبيل والتزموا البقاء على مسافة، تطبيقاً لتوجيهات التوعية التي عممها مفتي صيدا واقضيتها الشيخ سليم سوسان، على ائممة المساجد وخطبائها والمصلين.

وأوضح المفتي سوسان، ان "صلاة الجمعة تأثرت لجهة عدد المصلين، حيث فضل عدد كبير منهم الأخذ بالرخصة الشرعية"، مؤكداً ان "المرجعية التي تأخذ قرار اقفالها في لبنان هو مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وبالتالي نحن لا يمكننا ان نقفل مسجداً، نحن نأخذ بالأسباب ونتوكل على الله.

وخرق المشهد، قرار إمام وخطيب مسجد "دار رعاية اليتيم" في صيدا الشيخ طارق معتوق، إقفال المسجد وعدم اقامة الصلاة والاخذ بالرخصة، منعاً لتفاقم الوضع الصحي خصوصاً بوجود أطفال في الداخل والتزاماً بالرخصة الشرعية وتجنباً للاصابات.

خطة فلسطينية

فلسطينياً، تسارعت الاجراءت الوقائية لمواجهة "كورونا" داخل المخيمات في لبنان، حتى الآن لم تسجل اي اصابة في صفوف الفلسطينيين سواء في داخلها او حتى خارجها، لكن بدء انتشار "الفيروس" في لبنان والتحذير الطبي والعالمي من الاسوأ، دفع وكالة "الاونروا" بالتنسيق مع وزارة الصحة اللبنانية و"منظمة الصحة العالمية" وجمعية "الهلال الاحمر الفلسطيني" وبالتعاون مع مؤسسات المجتمع الاهلي وفرق الدفاع المدني الى وضع "خطة طوارئ" تحاكي المرحلة الحالية وأي تطور مستقبلاً.

وأكدت مصادر فلسطينية لـ "نداء الوطن"، ان الخطة الحالية تقوم على ان يتولى عناصر "الهلال الاحمر الفلسطيني" نقل أي حالة مشتبه فيها بالاصابة من داخل المخيمات وتسليمها إلى الصليب الأحمر اللبناني، لينقلها بدوره إلى مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت، على اعتبار ان أيا من مستشفيات صيدا او الجنوب لم تجهز بعد لاستقبال المصابين. كما تقوم الخطة التي توافقت عليها قيادة القوى والفصائل الفلسطينية في منطقة صيدا على اتخاذ الاجراءات مزدوجة، داخلياً: إلغاء التجمعات والحد من عملية الاختلاط في الاماكن العامة، ابعاد الاطفال عن الاختلاط خارج المنازل، عدم الخروج من المخيم الا للحالات الضرورية، توزيع "بوسترات" تحمل الارشادات عبر "الاونروا" واللجنة الصحية لتوعية الاهالي، وخارجيا،: تجهيز "سبلين" المهني كمركز للعزل للحالات المشكوك باصابتها، وتجهيز اطقم طبية من الهلال الاحمر الفلسطيني الى جانب المؤسسات الفلسطينية لنقل اي حالة يتم الاشتباه بها، والتأكيد على مسؤولية الاونروا بدفع تكاليف علاج اي حالة مصابة، وسيتم اخذ اجراءات في العيادات والمراكز الصحية تكفل عدم نقل اي عدوى.


MISS 3